الثلاثاء، 17 مارس 2020 - 06:26 م

أعتقد أن رحلة الملكة حتشبسوت إلى بلاد بونت تعتبر من أهم الأحداث التى حدثت خلال حكم الملكة لمصر وهى رحلة تجارية حدثت فى العام الثامن من حكمها وقد علمنا من خلال الكتابات التى قامت الملكة بسردها على جدران معبدها بالدير البحري. وقد ذكرت فى بداية هذه الكتابات أن الإله آمون هو من أوحى لها بالقيام بالرحلة وأمرها أن تذهب إلى بلاد بونت لكى تحضر البخور والأصباغ والعطور اللازمة لممارسة الطقوس الإلهية. ويقول النص «إن الملك نفسه، ملك مصر العليا والسفلي، ماعت-كا-رع، ملك البلاط يتمتع بالحياة والصحة والعافية واقترب من مدرج سيد الألهة واستمع إلى الأمر المنبثق من المقام الأعلى، الوحى من فم الإله نفسه (البحث عن الطرق المؤدية إلى بونت) وفتح السبيل نحو البخور وقيادة الجيش فى البحر والبر من أجل إحضار الروائع من بلاد الإله من أجل عبير هذا الإله، الذى خلق وكون اكتماله).
وتعد بلاد البونت من قديم الأزل بلاد أسطورة مفعمة بالغموض ربما آتى منها الإله مين إله الخصوبة والإلهة حاتحور إلهة الحب وهى عند الأغريقيين تسمى (آبولي) وتسمى بلد الإله وقد جاء ذكرها فى كتاب الموتى ومن أقدم مناظر بلاد بونت تلك المصورة على جدران الطريق الصاعد لهرم الملك ساحورع فى أبو صير والتى يعود عمرها إلى أربعة آلاف سنة تقريبا. هذا وقد ا ختلف العلماء فى تحديد مكان هذه البلاد فمنهم من قال إنها تشمل الجانب الغربى من البحر الأحمر وإيريتريا وشواطئ الصومال وخليج (زيلاس) عند رأس (خانون) حتى رأس (أردافوي) أو أنها تشمل الشواطئ المواجهة للعرب وحضرموت وبلاد (أوفير) اليمين حاليا ولكن أقرب الأراء الحديثة قد أكدت أن بلاد بونت تقع بين أثيوبيا والسودان. وقد ذاع صيت هذه البلاد فى الحوليات الإسرائيلية فقد ذكر أن سفن سليمان قد قامت من إيلات وعلى متنها بحارة وهم مصورين متوجهين إلى بلاد (أوفير) ليحصلوا فيها على الذهب والخشب والأحجار الكريمة كما ذكر أيضا أن ملكة (سبأ) قد أحضرت بعض الهدايا من هذه البلاد المبهمة لأحد الملوك الذين ذكروا فى التوراة.