طابا
طابا


أعضاء بـ«استرداد طابا» يكشفون كواليس المعركة الدبلوماسية وبراعة «المفاوض» المصري

محمد محمود فايد

الأربعاء، 18 مارس 2020 - 02:08 م

تحل علينا غداً 19 مارس ذكرى استرداد طابا، واستعادة مصر آخر نقطة حدودية بينها وبين إسرائيل على حدود سيناء عام 1989، ورفع العلم المصري عليها بعد معركة قانونية دولية ولجوء للتحكيم الدولي أنصف فيها مصر ومنحها حق السيادة على طابا.

 

 

وتعد معركة طابا فصلا مهما فى الصراع مع إسرائيل، حيث كانت تمثل الحرب الدبلوماسية بين البلدين والتى خاضتها مصر بكفاءة عالية تكللت بالنجاح الكبير بحكم هيئة التحكيم الدولية بأحقية مصر فى أرض طابا.

 

 

وفي هذا السياق أكد اللواء بحرى أ.ح. محسن حمدى عضو وفد مفاوضات السلام بواشنطن، ورئيس اللجنة العسكرية للإشراف على الانسحاب من سيناء، ورئيس وفد حل مشكلة طابا مع إسرائيل، وعضو اللجنة العليا لتحكيم طابا بجنيف والشاهد الرئيسي أثناء الحكم بمحكمة جنيف، أن المفاوضات لا تقل أهمية عن المواجهات العسكرية وتؤتي ثمارها، فنحن لم نقبل المساومة ولا الضغوط التي حاولت إسرائيل أن تفرضها علينا، واستطعنا أن نسترد طابا بنجاح.

 

 

وأضاف أن مشكلة طابا بدأت عام 1981 باختلاف العلامات الحدودية وكان مسئولا عن تحديد العلامات شارون وعندما وصلنا إلى العلامة رقم 85 كان يريدها داخل سيناء بمسافة 2,5كم لاحتلال الجبال والعلامة 27 كان يريدها بمتر و70 سم، ورفضت ذلك، فلجأ للرئيس السادات قائلا له "الجنرال محسن لازم يغير العلامات، عشان هيبوظ المعاهدة، دول 170 سم بس"، فرد السادات عليه "هى أرض أبوه عشان يتصرف فيها؟!" فصدم شارون.

 

 

واستكمل: مع بداية العمل بدأت بتتبع العلامات الحدودية من علامة 1 فى رفح وصولاً إلى طابا فى مسافة تقارب 217 كيلومتراً، وكانت إدارة المساحة العسكرية برئاسة اللواء عبدالفتاح محسن قد أدت دوراً عظيماً فى مهمة تأكيد أحقية مصر فى خط الحدود، وفق دراسات وكروت توصيف للعلامات الحدودية، وكانت وجهة نظر إسرائيل فى النقطة 91 أن الخط الحدودى نفسه خطأ، وأن الخلاف على الخط الحدودى وليس على العلامة نفسها! وخلال فترة احتلال سيناء غيروا العلامات الحدودية، فى خطة استراتيجية لإعادة ترسيم الحدود من جديد لصالحهم.

 

 

وأوضح «حمدي» أن أهمية العلامة 91 تحديداً للإسرائيليين تكمن فى 3 نقاط أساسية، فهذه النقطة ستمكنهم من الحصول على «وادى طابا»، إسرائيل لم تكن تقبل أصلاً الانسحاب من سيناء، وهذه النقطة تحديداً كانت ستمكنها من السيطرة على الوادى من خلال أعلى نقطة، وفى المصطلحات العسكرية يطلق عليها «نقطة ركوب الجبل»، حيث يكون كاشفاً تماماً لكل المنطقة المحيطة وأى تحركات مصرية ويراقبها، وكان هناك هدف اقتصادى، لأن إيلات ليس بها شاطئ على البحر، إذن فهم كانوا يريدون سياحة وطابا كانت نقطة جذب سياحية كبرى لهم، أما الأهمية الاستراتيجية والسياسية فكانت ترتكز على قرار الأمم المتحدة رقم 242 لسنة 67، الذى يشير إلى أن تنسحب القوات الإسرائيلية من الأراضى المحتلة التى احتلتها بلفظ «lands Occupied» ولم يقل «The landsOccupied» وهنا الفرق كبير، حيث تعنى الأولى «أراضى محتلة»، بينما تعنى الثانية «كل الأراضى المحتلة»، وقد صاغ نص هذا القانون رجل إنجليزى، والإنجليز معروفون بخبثهم ودهائهم الشديد، وهذا يعنى لدى الإسرائيليين أن من حقهم عدم الانسحاب من كل الأراضى التى احتلوها وفقاً لذلك القرار، وإذا استطاعت إسرائيل أن تُبقى على جزء من أرض مصر فيمكنها أن تُبقى كذلك على جزء من أراضى سوريا ولبنان والأردن.

 

 

وأشار إلى أن أهم المبادئ التى استند عليها المفاوض المصري ضده خصمه كانت الحق والتاريخ والجغرافيا والقانون والاتفاقيات الدولية والقانون الدولي وقوة التفكير والاتزان والبال الطويل والتنسيق وتوزيع الأدوار فالفريق كان عبارة عن جروب كامل متناغم جدا، والتنسيق والتعاون بين الجميع كان من الأمور المشرفة لمصر حيث عكف فريق التفاوض دائما على التعامل بأسلوب الدراسة الجادة والتحليل العلمي والتقييم الدقيق للوصول إلى أفضل النتائج التى تحقق لمصر أقصى مصالحها مع عدم التأثر بأساليب واستفزازات الوفد الإسرائيلى وكانت كثيرة لولا منهج طول البال والصبر على ما هو معروف عنهم فهم قوم جدال وخداع واختلاق المشاكل لإثارة المفاوض المصري .

 

 

من جانبه أكد اللواء محمد إبراهيم، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، والذي كان أحد أعضاء اللجنة المصرية القومية العليا التي اضطلعت بمهمة ومسؤولية استرداد طابا، أن تلك البقعة الغالية في سيناء كانت آخر قطعة أرض تمكنت مصر من تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، بالدم والجهد والعرق، لنعلن بكل إباء وعزة وشموخ تحرير مصر كامل تراب أرضها الطاهرة في سيناء، بعد معركة سياسية ودبلوماسية وقانونية شرسة استندت على نتائج انتصار حرب أكتوبر 1973 العظيمة.

 

 

وكشف «إبراهيم» كواليس تلك المعركة، التي بدأت حينما قررت إسرائيل إتمام انسحابها النهائى من سيناء فى 25 إبريل 1982 طبقًا لما كان متفقا عليه، لكنها استثنت طابا الواقعة على رأس خليج العقبة من الانسحاب، بدعوى أن علامة الحدود التى توضح موقع طابا "المعروفة باسم العلامة 91" غير ظاهرة وغير موجودة داخل الأراضي المصرية، وقد حرصت مصر على ألا تحول هذه المشكلة دون إتمام الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء، ووافقت على إبقاء هذه المشكلة محلًا للخلاف ما دامت هناك آلية حل منصوص عليها في المعاهدة.

 

 

وأضاف أن القيادة السياسية المصرية شكلت لجنة وزارية على أعلى مستوى، التى عرفت باسم اللجنة القومية العليا لطابا فى مايو 1985، وأوكلت إليها مهمة عودة طابا للسيادة المصرية، ووقعت مصر وإسرائيل مشارطة التحكيم بعد عدم نجاح وسيلتي المفاوضة والتوفيق فى سبتمبر 1986، واستطاعت مصر بجدارة خبرائها النص على حصر مهمة هيئة التحكيم في نقطة رئيسية، وهي تقرير موضع علامات الحدود الدولية، وليس البحث في إعادة ترسيم خط الحدود.

 

 

واختتم «إبراهيم» بأن هيئة التحكيم قررت عقب المرافعات والوثائق التى قدمها الجانبان - المصري والإسرائيلي - أحقية مصر في طابا، وذلك في سبتمبر 1988، وبالتالى انسحبت إسرائيل من طابا وتم رفع العلم المصري عليها في 19 مارس 1989.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة