أمنية طلعت
أمنية طلعت


حبوا بعض

بعض الناس

أمنية طلعت

الأربعاء، 18 مارس 2020 - 06:23 م

 

بعض الناس، عندما يجدون أنفسهم فى مواجهة محنة ما، يبدأون فى الولولة والشكوى المستمرة، ويتحدثون عن أزمتهم وكأنهم مستهدفون من الكون بشكل شخصي.
هؤلاء فى الحقيقة يحرمون أنفسهم من الحياة الحقيقية، والمتعة التى قد لا تأتى من الأحداث المبهجة فى ظاهرها، لأنه ببساطة؛ يمكنك قضاء وقت تعيس فى المصيف، رغم أن ظاهر الأمور هو أنك فى إجازة لتمضية وقت سعيد!. بينما قد تجد ابتسامة فى عزاء لشخص عزيز عليك وقد تضحك من قلبك وأنت تواجه إعصاراً يقتلع الأشجار من حولك!
الحياة الحقيقية هى ما تفعله أنت فى مواجهة الأحداث وليس ما يحدث لك، وهذا ما جرى لى الخميس الماضي، الذى شهدنا فيه موجة ثقيلة من الأمطار، جعلتنى أستيقظ من نومى على صوت قطرات ماء داخل غرفة النوم!
استيقظت فى حالة دهشة لأكتشف أن سقف حجرتى يقطر ماءً، فنظرت بتعجب شديد، فأنا أسكن فى الدور الأخير من البناية التى أقطنها، ولكن هل معقول أن السقف هش إلى هذه الدرجة؟
واقع الأمر، يفرض علىّ الفزع والخوف، فالسقف بإمكانه أن ينهار فوق رأسى مثلاً على أبسط تقدير للتفكير السلبي، لكننى لم أفعل سوى أن أبلغت مالك العقار الذى يسكن فى الدور الأرضي، وبدأ هو وزوجته فى تفقد الأمر، لنكتشف أن السطح تحول إلى حمام سباحة كبير، فالبلاعات لم تستطع استيعاب هذا الكم من المياه المتساقطة من السماء، لتتراكم محدثة هذا المشهد الذى رأيته لأول مرة فى حياتي.
اعتلت الابتسامة وجهى وأنا أحضر الدلو والممسحة من الشقة، لأبدأ أنا وبعض من نساء البناية فى نزح المياه قدر المستطاع، بينما قام الرجال بفتح مزاريب فى سور السطح لتسريب المياه للخارج.
تحول سطح العمارة إلى ثكنة عمل ضمتنا جميعاً تحت الأمطار الكثيفة، نعمل وملابسنا مبتلة تماماً فى همة ونشاط، بينما لا تفارق وجوهنا الابتسامات التى تتحول إلى قهقهات تعبئ السماء بالفرح والبهجة، رغم أن من يرى المشهد من بعيد، قد يمصمص شفتيه تحسراً على حال الهانم والبيك اللذان تحولا إلى عمال تراحيل فجأة بسبب الأمطار والعواصف.
لقد أمضيت ما لا يقل عن خمس ساعات فى نزح المياه من سطح المنزل مع جيرانى وأنا فى قمة السعادة، فلأول مرة منذ زمن طويل، تمكنت من التواصل معهم بشكل حقيقي، بعد أن كانت كل علاقتى بهم ابتسامات وصباحات سريعة فى المدخل والمخرج.
ليس كل ما يبدو أنه محنة أمراً عصيباً، فربما أحبتنا المحنة ومنحتنا ما لم تمنحه لنا المنحة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة