صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


«ضرورية أم غير إنسانية؟».. قرارات ضد كبار السن تثير الجدل وسط أزمة «كورونا»

آية سمير

الخميس، 19 مارس 2020 - 02:00 م

منذ اللحظة الأولى للإعلان عن انتشار فيروس كورونا، جاءت التحذيرات من المنظمات الدولية والحكومات بأن كبار السن والأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس الجديد، وقد تؤدي إصابتهم إلى الوفاة نتيجة ضعف مناعتهم وإصابتهم بأمراض أخرى مزمنة تؤثر على أجسامهم.

في أوروبا، حيث اتخذ الوباء مركزًا جديدًا له، وتحديدًا في دول مثل إيطاليا وبريطانيا كانت تصريحات وإجراءات الحكومات صادمة بعض الشيء امتد أثرها على مواقع التواصل الاجتماعي حيث وُجهت اتهامات لحكومات الدولتين بتجاهل كبار السن والتخلي عنهم وفرض عزله اجتماعية ووصاية فوق إرادتهم.

"أفهم جيدًا أني أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، لكني أرفض الطريقة التي يتعامل بها بوريس جونسون معي وكأني طفل يحتاج إلى وصاية".. هذا ما قالته الكاتبة البريطانية جانيت بورتر في مقال للرأي نشرته صحيفة الديلي ميل البريطانية بعنوان: "من فضلك لا تسجني في المنزل جونسون.. ربما يكون عمري 73 عامًا لكن هذا لا يعني أني بلا حقوق".

أثار بوريس جونسون رئيس الحكومة البريطانية الجدل بسبب مطالبته كبار السن بعزل أنفسهم في المنزل وعدم المشاركة في أي أنشطة اجتماعية أو الذهاب للتنزه أو الحانات أو الأماكن المزدحمة لأنهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، وبدأ النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بانتقاد تصريحات جونسون وقراراته، فأكد عدد من كبار السن أنهم يحافظون على حياة يومية صحية تمامًا، وأنهم أكثر نشاط وصحة من كثيرين أصغر منهم في العمر.

وكان من بين المنتقدين لقرار بوريس جونسون نفسه، والده ستانلي، والذي قال للديلي ميل تعليقًا على تصريحات بوريس "بالطبع سأخرج وقتما أريد".

وكتب آخر على تويتر: "عمري حاليًا 65 عامًا، وفكرة أن تحاول فرض شيئًا عليّ رغما عن إرادتي خاطئ تماما، أعتقد أننا كبار وأذكياء بشكل كافٍ للتقرير عن أنفسنا ماذا نريد".

عكس قرار رئيس الحكومة البريطانية انطباعًا لدى كبار السن بأنهم فئة ستواجه نوعًا من العزل الاجتماعي خلال الفترة القادمة، بل والأسوأ، عدم وجود أولوية لهم في حق العلاج والرعاية حال إصابتهم بفيروس كورونا المتفشي بالبلاد على الرغم من أنه لم يتم التصريح بذلك بشكل مباشر.

ليس فقط في بريطانيا، ولكن في إيطاليا كان الوضع أكثر تعقيدًا، حيث عبّر نشطاء مواقع التواصل عن غضبهم وراحوا يتساءلون علنا عما كانت الحكومة الإيطالية ستمتنع عن علاج كبار السن أو من هم فوق 70 أو 80 عامًا وإعطاء الأولوية لم هم أصغر عمرًا، وهو جدل لم تحسمه الحكومة.

يروي طبيب تخدير إيطالي في مقال نشره بموقع نيويورك تايمز الأمريكي، 18 مارس، عن الأزمة التي تمر بها بلده قائلا: "إننا نمر بأزمة لم نتخيل أننا سنمر بها يومًا.. كنا نعتقد أن المشكلات والمصائب تحدث بعيدًا عنا، لكنها تحدث الآن لأحبانا واصدقائنا وللأشخاص من حولنا".

وأضاف أنه في شهر فبراير الماضي شارك في عمليه جراحية أجراها أحد كبار السن لإزالة ورم.. "مرت العملية بسلام ونجحت ثم فتح المريض عينيه بعد عدة ساعات في العناية المركزة وهو معافى تمامًا ولا يشعر بأي ألم. ولكن منذ حوالي أسبوع تفاجأ بوجود الرجل في المستشفى مرة أخرى في حالة متقدمة للغاية وتظهر عليه أعراض فيروس كورونا.. لقد أصبح مجرد رقم بلا اسم في أعداد كبيرة تعاني في البلاد."

قرارات «غير إنسانية»!

يوم 12 مارس، أصدرت الكلية الإيطالية للتخدير والإنعاش والعناية المركزة، عددا من الإرشادات لتوجيه الأطباء حول كيفية المعاملة مع المرضى في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد، والتي جاء بها نصًا أنه "ينبغي على الأطباء إعطاء الأولوية لأولئك الذين لديهم احتمالية أعلى للبقاء على قيد الحياة، وسنوات أطول بالعمر".

وبالتالي، وفقًا لمقال رأي نشرته الجارديان، 14 مارس الماضي لجوناثان ايفز، نائب مدير مركز أخلاقيات الطب بجامعة بريستول البريطانية، فإن الأطباء رأوا أن الأولوية في تلقي العلاج كانت لصغار السن الذين لديهم فرصة أكبر في الشفاء.



وتساءل إيفز في مقاله عما إذا كنا سنشهد موقفًا مماثلا لما حدث في إيطاليا، ببريطانيا، خاصة مع ارتفاع أعداد المصابين مقابل عدد مراكز العلاج والعناية. مشيرًا إلى أن هذا القرار لا يعني تفضيل أشخاص على آخرين في العلاج، فكل الأرواح متساوية وجميعها يجب أن تتلقى الرعاية والعناية المناسبة، ولكن في هذه الحالة ومع نقص الموارد توجه الإرشادات باستخدام الموارد المتاحة بالطريقة التي ستحقق بها نتائج أفضل أو مع أشخاص نتيجة استفادتهم من الموارد المتاحة والمحدودة ستكون أعلى.

وختم إيفز مقالته قائلاً إنه عند الحديث عن أخلاقيات الرعاية الصحية، فإن الهدف الأول هو تقليل الضرر والمعاناة، وحدوث ذلك يأتي في البداية بتجنب هذا الضرر بكل الوسائل الممكنة في البداية واحتوائها، ولكن -مع صعوبة قبول الأمر- إلا إنه في النهاية سيجد الأطباء أنهم قد لا يتمكنون من إنقاذ الجميع.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة