أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

ماتخافوش

أحمد عباس

الخميس، 19 مارس 2020 - 05:41 م

ماتخافوش..
خايفين ليه؟. محدش يخاف. الحالة مطمئنة، الدكتور قال كده. قال لى أنه لن يموت أحد، وأنها أزمة ماضية، وفى طريقها للنهاية مُذ بدأت، واحدة من هموم كثيرة عبرت على هؤلاء الناس، فقاوموا بكل بطريقة، مرة بالجد، وأخرى بالهزل، وتارة بالعزل، وأوقات بالبكاء، وساعات بالترقب، وتارة بالضحك، المهم أنها تنتهى فى كل مرة كأن شيئا لم يكن، فلا تترك أثر لندبات أو جروح، تختفى كما ظهرت، فى صمت وسكون، هكذا قال لى الطبيب.
وأضاف الطبيب: إن المصريين لا يعرفون الخوف، ولا يميلون إليه، فلا يجنحون إلى الرقود انتظارا للمصير، سيلقونه سيلقونه، هذه قناعتهم، وهذه مُسلمات، وعقيدة فكرهم، أو ربما يأمرهم دينهم بذلك، فينصاعون لصاحب القدرة إن سلموا بقدرته. وجميعهم متدين بطبيعته، وبطريقته!
ثم سألنى الطبيب: أتعرف ما هى حلاوة الدين؟!
حلاوة الدين أنه فطري، فطرى جدا، كل يعرفه بقلبه، فى خطبة صلاة جمعة، أو فى عظة صباح أحد، أو حتى فى كنيس يهودى إن وجد، إذن فالقاسم المشترك ليس دينًا أو صلاة، ما يجتمعون عليه هؤلاء الناس إيمان ضمني، يجمعهم، أو رغبتهم فى البقاء، عقيدة ما لها علاقة بمبدأ الخلود، ورثوها عن سابقين، جيناتهم مقاومة بطبيعتها، لا يهابون الموت، فالقادم.. قادم، لا محالة. أخبرنى الطبيب أيضا، أن هؤلاء ناس لا يتشبثون إلا ببعضهم، كذلك يقاومون، وربما إن بحثت فى الأصل لوجدت أنه سبيلهم للبقاء. وقال اطمئن لن يموت أحد، ولن نستعد لفقدان أحبائنا.
إذن.. لن يُغيب الموت أحدنا، والجميع بخير، وكلنا سيحيا سليمًا، إن قُدر له الدوام، طيب تعالى..
وكيف ترى شوارع عواصم العالم وهى خاوية تنتظر؟، لا أعرف أى شيء تنتظر، لكن انتظار المجهول وحده حالة من الموت البطيء. ألم تر كيف فعل ربك بهؤلاء الذين قللوا من الكارثة؟، بلى رأيت نوافذ وشرفات ميلانو تعزف ألحان البقاء. ألم تسمع أن العالم عاجز عن إيجاد عقار شاف أو مصل مضاد؟، نعم أتابع.. لكن قُل لى مصانع دواء أى دولة فى العالم ستفوز بالصفقة حينما ينزل الستار، وأى عَلم سُيرفع على عبوات هذا الدواء المسموم. إذن هذه مسرحية؟، إحتمال، وربما لا ولكن ما تبعها بالقطع مسلسل بائس، تجنى فيه أنظمة عالمية ثمن خوف وهلع الناس. البشرية قاربت على الاختفاء.. هل تفهم ذلك؟، إذن مَن سيعمر الأرض أو يخربها؟!. لعله يوم القيامة!، والله لا، القيامة لن تقوم إلا على شرار الناس، ونحن ليس أشرهم شرا.
طيب شايف الحكومة إزاي؟، الحقيقة أننى لأول مرة -فى 37 عاما هم كل عمري- أصدقها، بل وأتباهى أن لى وطن، يبدو أنه تعلم من خطاياه، وأخطاءه، ونكباته، وكبواته، ومصائبه. هاتقعد فى البيت؟، طبعًا إذا لزم الأمر. خايف من الموت؟، الموت هو المرادف الأصلى للحياة. هل تسوقت جيدًا وعملت حسابك لُعزلة قد تُفرض عليك؟، نعم اشتريت زجاجة لبن وعلبة دواء واحدة وما تيسر من متطلبات. وهل يكفى ذلك ان طالت العُزلة؟، وماذا ينفع أكثر ان حان الممات!. وماذا ستفعل فى عُزلتك؟، سأخلوا إلى الذات أُعيد ترتيب أوراقى وتقييمها، وربما أغفر لنفسي، أو أسامح آخرين. هل سنموت جماعات؟، إطمئن.. ولا حتى فرادى، والله لن يموت أحد.. ماتخافوش.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة