محمد السعدنى
محمد السعدنى


فى الفكر والسياسة

هل «كورونا» حرب صينية أمريكية؟

محمد السعدني

الخميس، 19 مارس 2020 - 05:54 م

 

فى الأسابيع والشهور القليلة الماضية حبس العالم أنفاسه ووقف على أطراف أصابعه رعباً وهلعاً من جائحة فيروس كورونا الذى بدأ انتشاره فى إقليم هوبى الصينى، وتحديداً فى أكبر مدنه الصناعية «ووهان». انشغلت الدنيا بالكارثة وآثارها المدمرة وتداعياتها الإنسانية والاقتصادية. لم يكن أحد على استعداد للبحث فيما وراء الأحداث ولا كشف غموضها، إلا بعدما انحسر الوباء فى الصين وبدأ تفشيه السريع فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، فبدأت ترشح إشارات هنا وتلميحات هناك
مفادها أن ما حدث لم يكن من تصاريف الأقدار بل ربما من قبيل حرب بيولوجية - اقتصادية تمت هندستها بفعل فاعل وتضاربت الآراء بشأنها، وتعددت الاتهامات لتشير جميعها إلى أن وراء الأكمة ما وراءها، حيث جاءت تصريحات «تشاو ليجيان» المتحدث باسم الخارجية الصينية الخميس قبل الماضى قائلاً: «ربما الجيش الأمريكى هو من جلب الوباء إلى ووهان». انتشرت تنويعات تؤيد الفكرة على منصات التواصل الاجتماعى الصينية، وجاء الرد على مثيلاتها الأمريكية والأوروبية وفى الميديا العالمية، ومن المراقبين تشير فى المقابل بأن الصينيين هم من خدعوا العالم وأنقذوا اقتصادهم بخدعة الكورونا.. وحسب هؤلاء، فإن القيادة الصينية استخدمت «تكتيكًا» اقتصاديا جعل الجميع يبتلعون الطعم بسهولة. فقبل فيروس «كورونا» كانت معظم الأسهم والحصص فى المشاريع الاستثمارية بمعامل إنتاج «التكنولوجيا والكيماويات» الصينية تعود ملكيتها للمستثمرين الأوروبيين والأمريكيين، وهذا يعنى أن أكثر من نصف الأرباح من هذه الصناعات كانت تذهب إلى أياد المستثمرين الأجانب وليس إلى الخزينة الصينية، ولأن الصين كانت تعلم علم اليقين، أن الأوروبيين والأمريكيين يبحثون عن ذرائع للإيقاع بالاقتصاد الصينى وإفلاسه، فضحت ببعض الآلاف من مواطنيها فى سبيل التخلص من المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين، عوضًا عن أن تضحى بشعب بأكمله. فماذا حدث؟.. تابعت الصين آلة البروباجاندا الأمريكية التى استغلت الحدث وراحت تضخم من مأساة الصين وسقوطها المحتمل وعدم قدرتها على الاستشفاء من هذه الجائحة. وتلقفت الصين الهدية وزادت من ضخامتها، وانتشرت أنباء عن عدم قدرة الصين على شراء أقنعة للوقاية من انتشار الفيروس القاتل، وتصريحات للرئيس الصينى «بأنهم يخوضون أخطر تحدٍ يواجه البلاد»، وطلبه لمنظمة الصحة العالمية بإعلان الكورونا وباء يهدد العالم. وأخلت الصين ووهان وفرضت الحجر الصحى وحظر التجول وأغلقت المصانع، ما أدى إلى انخفاض حاد فى أسعار أسهم شركات صناعة التكنولوجيا فى الصين، وقد تسابقت إمبراطوريات المستثمرين «الأجانب» فى طرح الأسهم الاستثمارية للبيع بأسعار منخفضة، وبعروض مغرية لم يشهد لها مثيل. وهنا تأكدت الحكومة الصينية أن الجميع «ابتلعوا الطعم» فأصدرت أمراً بشراء أسهم الأمريكيين والأوروبيين. ولما تيقن ممولو الاستثمارات الأوروبية والأمريكية بأنهم خدعوا، كان الوقت متأخراً جداً، حيث كانت الأسهم فى يد الحكومة الصينية التى بهذه العملية قامت بتأميم أغلب الشركات الأجنبية على أراضيها بطريقة شبه مجانية ودون أن تتسبب فى أزمة سياسية أو تطلق رصاصة واحدة. لقد كانت لعبة اقتصادية كبرى ذات طابع تكتيكى لم تخطر ببال أحد. هذا رغم أن المصادر ذاتها، أكدت أن «كورونا فيروس حقيقى»، لكنه ليس بالخطورة المفزعة التى تم الترويج لها عبر العالم بغية الإيقاع بالصين. ورغمها كانت الوحيدة التى استفادت منها.. وعندما اطمأنت الصين لنجاح خطتها، قامت بإخراج المصل المضاد للفيروس، والذى كانت تملكه منذ البداية فى رفوف الثلاجات، ووقف الرئيس الصينى فى مستشفى ووهان دون «كمامة» وسط الأطباء يعلن انتصار الصين على الفيروس وإعادة فتح المصانع والمدارس والمؤسسات وعودة الحياة إلى طبيعتها.. مثل هذا الكلام قد يكون مقنعاً فى ضوء النتائج التى أسفرت عنها الأزمة، لكنه يظل فى حاجة للتفكير والتحليل، وإلا كانت «سياسة حافة الهاوية» التى اتبعتها الصين، نظرية جديدة لتحريك الاقتصاد والتحكم فيه، وهذا ما لم يصل لعلمنا بعد، والممكن فى تقديرى أن الصين استغلت ما حدث بشكل ذكى فخلقت من المحنة منحة وصنعت من الضربة فرصة.
ولإجابة السؤال: هل الكورونا حرب أمريكية - صينية استهدفت تخليق نظام عالمى جديد فى الاقتصاد والسياسة وتوازن القوى؟ أدعوكم لنفتش فى مقالنا القادم حول الدكتور «بيتر نافارو»، فهو الذى بدأت من عنده كل خيوط اللعبة.

 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة