بتاح حتب
بتاح حتب


في عيد الأم .. حكاية المصري القديم «بتاح حتب» وقصته مع «بر الوالدين»

شيرين الكردي

السبت، 21 مارس 2020 - 04:53 ص

يقول د. حسين دقيل الباحث الاثري بوزارة السياحة والآثار، نرى المصري القديم وهو يتحدث عن فضيلة لا نزال في أمس الحاجة إليها حتى يومنا هذا، فضيلة قد لا يتخيل الكثير منا أن المصري القديم التزم بها؛ بل وحث غيره على اتباعها، وهي فضيلة دعا إليها ديننا الحنيف، بل وحثت عليها كل الرسالات السماوية السمحة، إنها فضيلة بر الوالدين. 


يشير الباحث الاثري ،الي أن الحكيم "بتاح حتب" يوصي ابنه ببر الوالدين موضحا له عاقبته، فيقول: ما أجمل أن يصغى الابن عندما يتكلم أبوه؛ فسيطول عمره من جراء ذلك، إن من يسمع يظل محبوبا من الرب، ولكن الذي لا يسمع يظل مكروها من الأرباب، فما أجمل أن يسمع الابن لأبيه.


ويحذره أيضا من عاقبة عقوق الوالدين، ويصف العاق بأنه غبي، فيقول: أما الغبي الذي لا يسمع لوالديه نصحا ولا كلاما فلن يلقى نجاحا، وسيعرف الحُكام خلقه وسيموت وهو حي في كل يوم، وسيتجنبه الناس لكثرة مساوئه التي تتكدس فوقه من يوم إلى يوم.  


أما الحكيم "آني" فيوصي ابنه بأمه خيرا، مذكرا إياه بما فعلته من أجله منذ أن كان في أحشائها، فيقول: أعد لأمك كل ما فعلتْه من أجلك، أعطها المزيد من الخبز واحملها كما حملتك، إنها حملتك ثقلا، وحين ولدتك بعد تمام شهورك حملتك على عنقها، وظل ثديها في فمك ثلاث سنوات، ولم تكن تشمئز من قاذوراتك، وأرسلتك إلى المدرسة كي تتعلم الكتابة، وفي كل يوم كانت تنتظرك بالخبز والجعة من بيتها، فإذا شببت وتزوجت واستقر بك الحال في دارك؛ فضع نصب عينيك كيف ولدتك أمك وكيف عملت على أن تربيك بكل سبيل، ولا تدعها تلومك وترفع كفيها ضارعة إلى الرب فيستجيب لدعائها!


كما يوصي "بتاح حتب" ابنه بأمه ويذكره بما قدمته له منذ أن كان طفلا، ويحثه على عدم تفضيل زوجته على أمه؛ فيقول: أوصيك بأمك التي حملتك، هي أرسلتك إلى المدرسة كي تتعلم الكتب، وهي تشغل نفسها بك طول النهار، وهي التي تعطيك الطعام والشراب من البيت، والآن وقد كبرت وتزوجت وأصبحت سيد بيتك، التفت إلى تلك التي ولدتك وزودتك بكل شيء، إنها أمك، لا تدع لها فرصة للغضب عليك، لا تدعها ترفع يدها غاضبة بسببك لأن الرب سيسمع لها بلا شك!


وفى متون الأهرام نرى والدا من عصر الدولة القديمة يُحث ابنه على طاعة أمه، موضحا له أن طاعتها ستجعله ينال المناصب العليا، فيقول: طوبى له من كان جادا تجاه أمه، فهو جدير بأن يصبح جميع الناس له تبعا.


ومن تعاليم الحكيم "عنخ شاشنقي" عن الأم، ما يبين أن قيمة الأم أعلى درجة من قيمة الأب، فها هو يقول: لا تُضحك ولدك وتبكيه على أمه، تريد أن يعرف أهمية أبيه، فما ولد فحل من فحل، «أي ما ولد رجل من غير أم».


وأضاف الباحث الاثري، بل وكان بر الوالدين خُلق يفتخر به المصري القديم، فها هو أحد الأبناء يتحدث مزهوا بحسن معاملة والده وضعفه أمامه؛ قائلا: كنتُ عكاز الشيخوخة في يد أبي ما بقي على وجه الأرض، وكنت أروح وأغدو وفق أمره، ولم أخالف أبدا ما قرره فمه، ولم أتعود أن أتطلع إليه بنظرات كثيرة، وكنت أطأطئ بوجهي حين يحدثني!


وأوضح الباحث الاثري ، ولم يوصِ المصري القديم بطاعة الوالدين في حياتهما فقط؛ بل دعا أيضا إلى برهما حتى بعد مماتهما؛ فها هو الحكيم "آني" يُحث على ذلك فيقول: قدم الماء لأبيك وأمك اللذين انتقلا إلى قبرهما في الصحراء، وإياك أن تغفل عن هذا الواجب، حتى يعمل لك ابنك بالمثل.


وككل عصر لم يخل ذلك العصر من عقوق الوالدين، فها هي امرأة مصرية من القرن الثاني عشر قبل الميلاد؛ توضح لنا ولو بشكل موجز ما حدث معها من عقوق أبنائها لها، وكيف كانت ردة فعلها تجاههم، إذ تقول: ها أنا ذا قد طعنت في السن وهم لا يعنون بي، فمن بادر منهم ووضع يده في يدي فسأعطيه من أملاكي، ومن لا يفعل ذلك فلن أعطيه شيئا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة