المرأة المسنة
المرأة المسنة


قصص وعبر| المسنة.. و«الميت كلب»

علاء عبدالعظيم

السبت، 21 مارس 2020 - 05:47 م

لم تجد المرأة المسنة (٧٠ عاما) غير كلبها رفيقا يتخطى معها بشاعة الوحدة، فالعمر ينقضي، والزمن لا يقف، فأخذته رفيقا، وصديقا، فهو مؤنسها، وحارسها، يعيش معها كل تفاصيل حياتها، وشراسته إذا حاول أحد الاقتراب من منزلها ينبح ولا يعض.


وإذا بها فوجئت في أحد الأيام بكلبها يزحف على بطنه متوجها إلى أحد أركان المنزل يلعق جراحه بلسانه، ويئن أنينا وكأنه يشكو لها، بعدما كان نباحه مدويا، اقتربت منه تتحسس جسده، تنذرف الدموع من عينيها الضيقتين حزنا على مؤنسها في وحدتها، ووفاءه الذي أصبح عملة نادرة، تستشعر دقات قلبه التي يصحبها أنين، واستثمرت فيه كل ما ملكت من حب ووفاء، فكانت خسارتها فيه أكبر خسائرها، وأجهشت في البكاء بعدما لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بجراحه.


وبخطوات وئيدة سارت تتكأ على أذرع الأرائك والأبواب، يجول بخاطرها معاملة أحد جيرانها الذي كان دائم الاعتداء على كلبها بالضرب، وكثرة نباحه، حملته كالطفل الصغير، وتوجهت إلى مقابر عائلتها وقامت بدفنه، واتخذت القرار، وعزمت التوجه إلى النيابة العامة بمحافظة قنا لتقديم بلاغ تتهم فيه أحد جيرانها بقتل كلبها انتقاما منها بسبب خلافات على الجيرة، وكثرة نباحه، وأوضحت بأنها تعيش بمفردها منذ فترة كبيرة، وكان يقوم بحراستها، وبصوت يشوبه ألم وحزن دفين تطلب من وكيل النيابة الإذن باستخراج جثة كلبها لتشريحها.


وبالفعل أصدر وكيل النيابة قراره باستخراج جثة الكلب، وتشريحها، لكشف ملابسات الواقعة، وسبب الوفاة، وطالب أيضا بتحريات المباحث حول الواقعة.


انصرفت المرأة المسنة من سرايا النيابة تتكأ على ذراع شاب طويل القامة اضطر للانحناء بشدة يعطيها ذراعه، تتمتم بكلمات حزينة على كلبها، وتمتد أصابعها تمسح دموعها التي تزحف داخل خطوط الزمن التي ارتسمت على وجهها.



 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة