كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

«مش مصدق»!

كرم جبر

الإثنين، 23 مارس 2020 - 06:51 م

إن فيروسا صغيرا لا يُرى بالعين، استطاع أن يُلبس جبابرة العالم «الطرحة» كما يقول المثل، فأدخل المرأة الحديدية ميركل العزل الصحى، وجعل ترامب يهذى بكلام يختلف من يوم لآخر.
«مش مصدق» أن روما الساحرة أصبحت مسرحاً لسيارات الموتى، وأن الشانزليزيه الأسطورة فى قبضة حظر التجول، وأن العالم كله رفع شعار «الهروب الكبير» من أصغر الكائنات التى خلقها الله.
وأوشكت مقولة نزار قبانى أن تتحقق «لو كانت المشاكل تُحل بالهروب، لكانت الكرة الأرضية كوكبا مهجورا»، ومنذ سنوات كان مستحيلاً أن يصدق أحد بعضا مما يحدث الآن، إلا فى أفلام الخيال العلمى.
منذ سنوات قالت لى أستاذة علم الفيروسات الدكتورة مديحة خطاب، إننا لا نعيش فى العالم وحدنا، بل تشاركنا جماعات متعددة من الفيروسات، تعيش مع البشر فى سلام، وهى أخطر من الأسلحة البيولوجية إذا اعتدى عليها الإنسان، وخرق معاهدة التعايش السلمى مع الفيروسات.
الدكتورة مديحة خطاب شقيقة الدكتورة مشيرة خطاب، وهى أستاذة وعالمة ودارسة فيما وراء الظواهر الطبية، وكانت تتحدث بمناسبة انتشار أنفلونزا الخنازير، وهى أول عميدة لكلية طب قصر العينى.
«مش مصدق» أن كورونا تمارس بلطجتها، إلا إذا كان ذلك رداً على البلطجة التى اجتاحت العالم فى السنوات الأخيرة، فجعلت الدول الكبرى تسحق عظام الغلابة، خصوصاً فى منطقة الشرق الأوسط المنكوبة.
من جاءوا بالجيوش وأعتى الأسلحة وأشدها فتكاً ودماراً، هم العاجزون الآن عن التصدى لأصغر الفيروسات، وربما أرادت المشيئة الإلهية أن تؤكد أنه وحده القادر والجبار والحكم العدل، والقوى القهار المتكبر.
أين صواريخكم وطائراتكم وقنابلكم التى قتلت الأبرياء فى اليمن وسوريا والعراق وليبيا؟، أين قادتكم المتغطرسون الذين اعتبروا شعوبنا فئران تجارب، فأسرفوا فى صناعة الموت والرعب؟.
ومن أعمالنا نحن ـ أيضاً ـ سلط علينا كورونا.
فمن الذى ذبح الرجال واغتصب النساء ودمر الدول وهجَّر الشعوب؟.. من الذى كان يلعب الكرة برءوس القتلى؟ ومن الذى قام بتفجير رءوس الضحايا بالمدفعية الثقيلة؟ ومن الذى كان يقتل شهداءنا الأبرار فى سيناء وهم صائمون؟.
اليوم جاءتكم كورونا لتقول لكم سأدخل فى قلوبكم الرعب إزاء جرائمكم الشائنة، وسأجعل قلوبكم مرتجفة وكباركم صغاراً وشوارعكم خاوية.
جاءت كورونا لتقول للبشر اصلحوا ما بينكم وبين أنفسكم وبين المولى عز وجل، وارفعوا أيديكم إلى الله بالدعاء، ليس بالألسنة ولكن بالقلوب، فكم خدعتنا أيديكم المرتجفة وقلوبكم المتصخرة، وعيونكم التى يخرج منها الشرر.
الإنقاذ.. العودة إلى الله، فحتى لو اكتشفنا الدواء والأمصال ونجونا من أهوال كورونا، ففى العالم الذى نعيش فيه آلاف الفيروسات التى تعيش معنا فى سلام.. فإذا عدتم عدنا.. والبادى أظلم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة