أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

مكاسب «كورونا»!

د. أسامة السعيد

الإثنين، 23 مارس 2020 - 07:09 م

طوال العقود السبعة الماضية، امتلأت عقل العالم ووسائل إعلامه، كتبه وجامعاته، بدعاية مكثفة تمجد الرأسمالية وانتصاراتها، وتدعو إلى تقليص دور الدولة، ومنح القطاع الخاص كل الحرية فى العمل والمساهمة فى إدارة المجتمع.
معظم دول العالم استسلمت للتيار العالمى الجديد، الذى اتخذ اتجاها أكثر صرامة مع موجة العولمة، التى أقنعت الجميع أن الشركات متعددة الجنسيات قادرة على أن تحل محل الحكومات، وحتى الوظائف التاريخية للدولة بدأت تتجه بعض الدول إلى «خصخصتها»، من خلال إضعاف الحكومات وبيع القطاع العام لصالح رجال الأعمال المدعومين بالتجربة الغربية الناجحة.
اليوم يدور فى العالم حوار جاد، حتى وإن بدا غير مسموع وسط معركة مكافحة فيروس كورونا، عن استعادة دور الدولة، فمن يتحمل عبء تلك المكافحة هى الحكومات، ومن يفتح أبوابه لاستقبال ضحايا الفيروس القاتل هى المستشفيات العامة، ومن يقوم على تأمين البلاد والعباد هى سلطات الدولة، ومن يتحمل الخسائر الاقتصادية الهائلة للأزمة هى الحكومات.
فى المقابل تبدو الشركات الخاصة إما مستغلة للأزمة فى صورة رفع لأسعار بعض المنتجات والخدمات، أو أنها تمد يدها للحكومات تطلب تعويضا عن الخسائر التى تعرضت لها جراء الأزمة.. وفى أحسن الأحوال قدم بعض رجال الأعمال مساعدات أقرب إلى الصدقات للمتضررين، فى حين اتجه كثيرون منهم لفصل أعداد من العاملين لديهم للحد من الأعباء.
وحتى مصطلح «المسئولية الاجتماعية» للشركات ضاع وسط صخب الأزمة، وتجاهله كثيرون، رغم أن تلك المسئولية ليست تفضلا من الشركات، لكنها رد لجميل المجتمع وجمهور المستهلكين ونسبة هزيلة من الأرباح الهائلة التى تحققها تلك الشركات من جيوب الناس.
استعادة دور الدولة واحد من أهم المكاسب الكبرى لأزمة كورونا، إن كانت هناك مكاسب، فقد أثبتت التجربة أن الدولة هى الحامى الحقيقى لشعبها ولمقدراته، بينما الشركات الخاصة وأيقونات الرأسمالية سرعان ما تقفز من المركب عند أول اهتزاز.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة