محمد أبو الفضل بدران
محمد أبو الفضل بدران


يوميات الأخبار

كورونا يحكم العالم

د.محمد أبوالفضل بدران

الأربعاء، 25 مارس 2020 - 06:49 م

 

أتمنى أن ينتبه كل مواطن أنه ليس حرّا فى حياته ومرضه لأنه سيتوقف على موقفه هذا حياة الآخرين.

هل صار الواقعُ أكثر خيالا من الخيال؟ مَنْ كان يتوقّع أن يتوقف العالم فلا تطير طائرة فى المجال الجوى ولا تتحرك جماعات سياحية فى أرجاء الأرض فتغدو الشوارع قفرا خالية، ومن كان يتوقع أن تخلو شوارع باريس وفرانكفورت وروما وكاليفورنيا وشوارع الأرض من المشّائين الذين كانوا يمشون على الأرض كِبْرا وتِيها ولا يمشون على الأرض هَوْنا..


لقد وقف العالم متضائلا خياله أمام أحداث الحادى عشر من سبتمبر وها هو العقل يتوقف أمام «كورونا» الذى يتيه فخرا وهو يمشى فى شوارع الشانزليزيه ويتباهى أنه امتلك بوابة براند نبرج ووُرود هولندا وشواطئ ميامي، إنه يتمشى اختيالا وهو يضحك من ضعف البشر وقلة حيلتهم وهوانهم أمامه، ينظر فى خيلاء إلى ترسانة الأسلحة النووية وحقيبتها التى يمتلكها ترامب والأخرى التى يحتفظ بمفاتيحها بوتين، وربما تمشى على الحقيبتيْن مستهزئا بهما، ويحضرنى هنا فزع الناس وفرارهم كما فروا من إجارة كعب بن زهير الذى قال: وقال كلُّ خليلٍ كنتُ آملُه.


لا أُلهينّكَ إنى عنك مشغولُ
ربما تنتصر الابحاث العلمية على كورونا عما قليل لكن ذاكرة البشرية لن تنسى ما حدث لها من فيروس صغير ظهر فى 2020 وتمشّى فى أرجاء الأرض ولم يستوقفه أحد؛ أين العلماء الذين نتوقع أن يوقفوه عند حده قبل أن يُهلك قوى عظمى وينجب فيروسات تغزو الفضاء كى تبحث عن مركبات فضائنا التى أرسلناها قبل أن نكتشف عجزنا العلمى البشرى عن مواجهة فيروس ضئيل الحجم لكنّ المؤرخين سيدوّنون:إنه حَكَم العالمَ فترةً من الزمن نتمنى ألا تطول.


عالَم «ما بعد كورونا»
يتشكّل الآن عالم « ما بعد كورونا « سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؛ فإذا نجت البشرية من هذا الوباء فإن قوى عظمى تشكلت فى أثناء أزمة كورونا وهناك أحزاب سياسية تختفى ولا سيما فى أوروبا العجوز التى لم تصمد أسابيع أمام وباء كورونا، سيجد المواطن عجز حكومات أعطاها صوته لكنها خزلته ولم تكن قدر المسئولية، ستنمو أحزاب جديدة وستقع حكومات فاشلة، ستغدو الصين قوة كبرى على الرغم من خسائرها «الكُورُونِيّة» لكنها استطاعت أن تُلملم وتضمّد جراحها بصمودها وتفهّم شعبها المِْلياري؛ ربما تتقوقع أمريكا فى حدودها وستترك ساحة العالم للاعبين آخرين وستتخلى عن زعامة العالم مُرغمة على ذلك، لقد انسحبت من بعض قواعدها فى العراق بحجة « كورونا « الذى منحها حجة قوية تخفى عجزها. لقد أظهر كورونا ضعف العولمة فراحت كل دولة تنكفئ على نفسها وتغلق حدودها وكأن الوحدة لم تكن ذات يوم. وستبيع شركات الدواء منتجات طبية بمليارات الدولارات وستنهار بورصات عالمية وتُنشأ مراكز بحث جديدة وربما تختفى دول.. الذين كانوا يتنبؤون فوجئوا بضخامة الواقع ولا إنسانية البشر الذين تركوا فى إيطاليا ما فوق الخمسين من العمر دون علاج وأحرقوا جثث ذويهم، ماذا فعل كورونا بالبشر؟ حتى على الجانب الاجتماعى فإن علاقات تقطعت أسبابها وعلاقات نشأت، ظهرت حقائق جديدة لم تكن تُرى من قبل، ستنتشر وَسْوسَة النظافة وربما تتحول إلى طقس يومى، المتغير هو التطور، والتغيير هو الثابت.


فرانكنشتاين يتجول فى شوارع العالم
فى 1818 صدرت رواية Frankenstein للكاتبة الانجليزية مارى شيلى التى تتحدث عن العالِم فيكتور فرانكتشتاين الذى يتطور فى بحوثه واكتشافات ويجنح به الخيال العلمى حتى يطمح أن يخلق كائنا تدب فيه الروح وهذا ما يعمل عليه ليل نهار فى معامل الكيمياء والعلوم الأخرى حتى ينجح فى تجاربه بخلق كائن أشبه بالبشر ظانا أنه سيتحكم فيه لكن سرعان ما يهرب هذا المخلوق فاقدا السيطرة عليه ليتحول إلى مصدر رعب فى العالم ويبدأ فى قتل أحب الناس لفرانكتشتاين، يقتل هذا المخلوق أخاه وامرأته، يطارده فرانكتشتاين لكنه لا يصيبه يهرب منه ولكنه يلاحقه، لقد حوّل حياته إلى جحيم وهو يصطلى والمجتمع نيران هذا الجحيم المخلّق، يموت فرانكتشاين منبوذا مهموما حزينا نادما على فعلته.


هل لهذا الرواية التى مُثلت فى السينما والمسرح عالميا والتى كُتبت قبل قرنين من الزمان علاقة بما يحدث الآن... ربما.


حفل عُرْس كورونا
لا أتفهم هؤلاء الذين يقيمون أفراحا مكتظة بالمدعوين ويرقصون بالكمامات.. هل هذا وقت حفلات زفاف؟ خذ عروسك وحدها.. لكن أن تمتلئ صالات الأفراح بمئات المدعوين فهذه رسالة سيئة إلى الجميع والعالم، احتفل مع عروسك ولا تؤذ المدعوين، خَفْ على نفسك وعلى عروسك إلا إذا كنت تنوى عليها من أول ليلة، وأما هؤلاء الذين أغلقوا من الخارج أبواب المقاهى وظلوا يشيّشون بالداخل فإننى أقول لهم:» إذا لم تستح فاصنع ما شئت»،


أسئلة فى حاجة إلى اجابة.


إلى محافظ البحر الأحمر
ما حقيقة قيام أصحاب القرى السياحية والفنادق بفتح الإجازات للعاملين بها بعد قرار المحافظة بالحجر الصحى عليهم بأماكن عملهم 14 يوما ثم قاموا بتسريحهم إلى محافظات مصر دون إدراك بالمسئولية وخطورة اختلاطهم بالسياح فى أماكن عملهم ثم اختلاطهم بأهلهم وذويهم فى أرجاء مصر، أما كان على أصحاب هذه الفنادق والقرى السياحية الذين أخذوا أرض مدن البحر الأحمر وشواطئها مجانا وأفادوا من تحرير سعر العملات الأجنبية أما كان عليهم أن يتحملوا مرتب أسبوعين لهؤلاء الذين يعملون لديهم وأن يتحملوا نفقات الكشف عليهم والتحليل المبدئى لمعرفة كانوا قد أصيبوا بكورونا من عدمه؟. متى يتحلى هؤلاء بالمسؤولية ومتى يؤدون حق بلد أعطاهم أكثر ما أعطوه؟ هل لدينا إحصاءات بأسماء هؤلاء وعناوينهم ليتم حَجْزهم صحيا حجرا ذاتيا فى بيوتهم مع إشراف طبى خوفا على صحتهم أولا ثم على ذويهم ومخالطيهم؟ أتمنى أن ينتبه كل مواطن أنه ليس حرّا فى حياته ومرضه لأنه سيتوقف على موقفه هذا حياة الآخرين.


طلابنا والتعليم عن بعد
فجأة وجدت الجامعاتُ أن الطريق الوحيد للتعليم هو «عن بُعْد» عبر الإنترنت وربما تتغير لوائح جامعات طبقا لهذا النظام الذى لم يعد تلقينًا وجها لوجه بل غدا تفاعليا دون رؤية المحاضر بل رؤى افتراضية، ويبدو أن بعض جامعاتنا لم تكن مهيأة لذلك لكنها اضطرت إليه ولذا فإن قطار التطوير ليس اختياريا بل صار أمرا حتميا فهل تلحق جامعاتنا بالرَّكْب ؟ هذا ما نأمله قريبا.


فى النهايات تتجلى البدايات
إرخِ الحزام وسوقْ
الدنيا بقيتْ سوقْ
والناس ما عادت ناسْ
والميّة فيها شقوقْ
وأبو زيد حصانه شكاهْ
قام كفّنه وبكاهْ
من كُثر لفّه تاهْ
ماتت فى صدره «الآه»
ورضيت أباتْ مغلوبْ
والجرح يكوى فى القلوبْ
وقعدت أقول يا زمنْ
مين غَيّر المكتوبْ؟
هِدّ السفينة يا نوحْ
وعلينا أوعَ تنوحْ
دا قدرنا ميّت فى الجروحْ
فين من قدرنا نروحْ؟
وعُمرى فى يوم ما كنت «اتيكيت»
ولا باشا ولا ابن ذواتْ
أنا ابن الأرض شَيْلاني
ودايِسْها وحَضْناني
وفوقْ درابيس جداولها
بغنّى أحلى ألحاني
ولدت فى خص جوّاني
سمعت الساقية دوّاره
وشفت القمرة نوّاره
ولو غابت بلمبة عويل بنتجمّعْ
وعَ لْغمّاية نتشخلعْ
نلف بلاد
وراها بلاد
ونحكى غنوة الشطار
يا طالع الشجره
هاتْلى معاك بلدي
تحلب وتسقيني
أشقى وتدّيني
أبردْ تدفّيني
ومين حَيْقول حكايتنا
ده غلّة جرنى تِكفيني
ندرّى الجُرن فى الملقة
وياجى السيل يدريني
صرخت «الآهه» فين خيري
وفين نيلى يروّيني
دى مش أرضى ولا نيلى ولا دينى

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة