عصام السباعى
عصام السباعى


يوميات الأخبار

رحيل رجل من أهل الجنة !

عصام السباعي

الإثنين، 30 مارس 2020 - 07:24 م

 

رحم الله ظافر البشرى كان مواطنا صالحا.. ورب أسرة ملتزما، ومسئولا قديرا شريفا مخلصا لوطنه.. كان رجلا من أهل الجنة يمشى على الأرض، وأحسبه كذلك.

السبت:
كان هاتفى مغلقا فى معظم أيام العمرة ، وعندما فتحته فوجئت برسالة من أخى الأكبر محمد نصر طنطاوى أحد كبار خبراء التخطيط فى بلدى،بوفاة ظافر البشرى وزير التخطيط والتعاون الدولى الأسبق قبل أسبوع من تاريخ قراءتى لذلك الخبر، وبالتحديد يوم 29 فبراير الماضى وكنت وقتها قد تركت مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وبحق شعرت بحزن شديد على رحيل رجل من نوعية نادرة، كان الرجل رحمه الله صاحب أخلاق جميلة، خافت الصوت، يحب العمل ويعطيه حقه، ولذلك حاز على ثقة الجميع، وبخاصة الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق، وعرفته عن قرب أثناء عملى فى تغطية أخبار وزارة التخطيط وبنك الاستثمار القومى، ولم يكن غريبا أن يكون كل من هم حوله من نفس العينة، بداية من مديرى مكتبه عم فؤاد رحمه الله ومدام نبية والساعى الخاص به عم بكر، وكان ذلك فى النصف الثانى من ثمانينيات القرن الماضي، ولا أبالغ إذا قلت إننى كنت شبه مقيم معهم فى بنك الاستثمار القومى، وسأكتفى بحكاية واحدة ضمن صندوق الأسرار التى لازلت أحتفظ بها، ومنها أننى فى أحد الأيام وجدت الدنيا ملتهبة فى الدور الخامس حيث يقع مكتبه ببنك الاستثمار القومي، وساعتها عرفت الحكاية، فقد تلقى ظافر البشرى هدية السنة الجديدة داخل علبة، عبر مندوب من إحدى الهيئات، ورفض مدير مكتبه تسلمها بحسب التعليمات، وأبلغ المندوب المهندس رئيس تلك الجهة، فاتصل به عبر الخط الأرضى مباشرة،وقال إنها هدية بسيطة جدا ورمزية، وبمجرد أن أنهى الاتصال، أمسك بها ثم تحسسها،فوجدها لينة،وكان كما يقول يحسبها أجندة أو ماشابه، وعندما فتحها وجدها مليئة بأوراق البنكنوت، وتخيلوا منظر الرجل رحمه الله بصفاته الأخلاقية عندما يتعرض لمثل ذلك الموقف،وبسرعة طلب من مدير مكتبه عدم خروج المندوب من مقر البنك،واتصل بالمستشار القانونى له، وتم استدعاء أحد الأجهزة الرقابية، والمهم أنه منذ تلك اللحظة أصدر ظافر البشرى قرارا بعدم دخول أى هدية لمبنى البنك، وكلف العميد فاروق دياب مدير الأمن والمشرف على العلاقات العامة باعادة أى هدية مع خطاب اعتذار عن قبولها، وهو قرار أغضب بعض رؤساء القطاعات ولكنه صمم عليه وظل مطبقا حتى غادر المنصب الوزراى الذى تولاه، رحم الله ظافر البشرى كان مواطنا صالحا.. ورب أسرة ملتزما، ومسئولا قديرا شريفا مخلصا لوطنه.. كان رجلا من أهل الجنة يمشى على الأرض، وأحسبه كذلك.
حالة الإعلام فى مصر
الاثنين:
بعد عودتى لمكتبى بعد أكثر من أسبوعين من الاحتجاب، باستثناء أول ثلاثة أيام بعد عودتى من العمرة اضطررت فيها لمزاولة عملى، وجدت أمامى التقرير المهم « حالة الإعلام فى مصر 2019»، وهو التقرير السنوى الثانى الذى أعده المجلس الأعلى للإعلام ، والذى تم تقديمه وفق القانون إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى، ومجلس النواب، لفت نظرى تلك المقدمة التى كتبها الأستاذ مكرم محمد أحمد فى 12 سطرا، ولخص فيها كل مايريد قوله، حتى فى عنوانها «الدقة والصراحة والوضوح»، وهو ما ظهر فى كلماته الدقيقة التى يقول فيها: «وبين النجاح والتعثر، تمكنا من تحقيق خطوات، نعتبرها مهمة فى طريق تحرير الإعلام وإعادة بريقه»، وبالفعل فمن يقرأ التقرير سيجد أن المجلس قد أنجز الكثير، وأنه لا يستطيع أن يصفق بمفرده، خاصة أن العديد من العوامل خارج اختصاصاته أو تتعلق بظروف خارجة عن الإرادة، وأكثر ما لفت نظرى فى ذلك التقرير أنه علمى، وليس مجرد كلمات وجمل مرصوصة وتشم من بين سطوره رائحة علم واحتراف أخى الأكبر الدكتور عصام فرج الأمين العام للمجلس، والأهم أنه رصد ووصف الحالة الإعلامية بصدق ودقة، ولن أتطرق إلى الحالات التى تضمنها التقرير، فالأهم هو أن المجلس قد وضع يده عليها، وحدد طرق التعامل معها، ويبقى أهم ما فى التقرير، والذى يمثل التحدى الكبير أمام كل الإعلاميين فى مصر، وهو المعايير والأكواد الإعلامية، وهى خطوة مهمة جدا، تشملها لائحة الضوابط والمعايير المهنية والأخلاقية التى يجب على الجميع الالتزام بها، وبالطبع يبقى الجزء المضيء فى التقرير والخاص بنشاط التدريب، خاصة أن رفع مهارات الأداء المهنى من أهم التحديات أمام الإعلام المصرى، سعيد جدا بذلك التقرير العلمى المحترف والمتكامل،ولغته السهلة البسيطة.. واسمحوا لى بكلمة ملخصها أن كل الاعلاميين شركاء للمجلس الأعلى للإعلام فى مواجهة تحديات مهنية ومالية وأخلاقية خطيرة، لا تهدد فقط المهنة والعاملين فيها، ولكن تهدد كل البلد.
رحلة التجليات
الأربعاء:
لا أحد يعلم ماذا سيحدث غدا ؟.. أنا وأنت قد نعرف معنى تلك الحقيقة جيدا عبر محطات عديدة فى حياتنا، ويعرف البعض منا وبدرجة تصل إلى اليقين أن ما كنا نحسبه خيرا كان شرا، وأن ما كنا نحسبه شرا حمل لنا الخير الكثير، وفى هذه الأيام التى تطاردنا فيها مخاوف الاصابة بفيروس كورونا أو حتى الاقتراب منه، لا نعرف حتى الآن هل تلك الأيام التى نعيشها فيها الخير لنا معشر الانسان فى كل مكان، وسمعت بتلك المناسبة من قال «لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع»، وهو كلام غير صحيح وليس حديثا ولا قولا مأثورا منسوبا لأحد قد نعرفه من الصالحين، ولكن الثابت تلك الآية الكريمة من سورة الأعراف التى يقول الحق تعالى فيها «قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء»، وكم توقفت كثيرا أمامها وأمام آيات أخريات منها: «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم».. وقوله تعالى: «فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا»، ولا أقصد هنا أن أكون واعظا لكم، فكفى بالموت وبفيروس كورونا واعظا، وكفى بالله حافظا ومدبرا، وما حدث فى موسم الحج أن نصحتنى زوجتى بأداء الفريضة، وقالت لا أحد يضمن عمره أو تغيير الظروف، وفعلت ثم جاء الوقت الذى حجزت فيه لرحلة عمرة مع زوجتى من أول مارس الجاري، واستجد أمر لأحد الأصدقاء وطلب منى التأجيل، فاستبشرت زوجتى، وأكدت لى إن ذلك فيه إشارة لنا بتعجيل تلك الزيارة المقدسة، وبالفعل سددت غرامة تغيير مواعيد تذاكر الطيران وساعدنا الصديق الغالى الخبير السياحى أشرف صالح فى تغيير مواعيد حجز فنادق دار الايمان، ثم سافرنا بعدها بيوم واحد فقط، وأدينا ماعلينا فى مكة بتسهيلات لا أملك حق الكلام فيها، ثم غادرنا مكة وقد أغلقت السعودية أبوابها أمام رحلات العمرة ومصر، وعشنا أيامنا فى المدينة المنورة وسط حدث تاريخى وتجليات شخصية ومواقف لا تحكى، ثم حدث وتم اغلاق المسجد النبوى قبل سفرنا بيوم واحد، وعدنا،ومر والحمد لله 22 يوما ونحن بخير فى صحتنا، وبحق كانت رحلة إيمانية تاريخية، قد يأتى يوم لو فى العمر بقية،وأفصح عن بعض «تجلياتها «المباركة!
 نظام جديد للأسرة وكل العالم !
الخميس:
غادرت القاهرة إلى جدة والأمور عادية، ورغم ذلك كنا نحتاط فى الأماكن المزدحمة بقدر الامكان، وعند العودة كانت الأمور قد أصبحت أكثر وضوحا أن هناك وباء يجتاح العالم، وعندما شاهدت بعينى ليلة المغادرة إلى القاهرة اغلاق أبواب الحرم النبوى الشريف، أيقنت مع تلك اللحظة التاريخية أننا أمام حدث سيغير أشياء كثيرة بداية من الفرد والأسرة وحتى النظام العالمى الجديد، دعك من نظريات المؤامرة الغبية التى تروج لأشياء مستحيلة الحدوث بتورط أمريكى أو صينى فى انتشار ذلك الفيروس، ولكن المؤكد أن هناك تغييرات جذرية فى النظام العالمى، وربما يرى البعض أن العالم سيختلف بعد كورونا، عما كان عليه من قبل، وهو كلام صحيح بسبب متغيرات كثيرة سارعت بها كورونا وليس بسببها، فالمؤكد أن هناك خطايا ارتكبتها حكومات الغرب وخاصة واشنطن وروما وباريس ولندن أعطت الأولوية للاقتصاد على حساب الانسان، فى مقابل دول أعطت الأولوية للبشر مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة، كما أن التغييرات ستشمل مشروعات اقليمية، مايهمنا منها الشرق الأوسط الجديد وخطة السلام فى الشرق الأوسط، والعولمة التى حرقت البشر وقطعت أوصال الانسانية، حتى العالم الذى كان قد أصبح قرية صغيرة ليتحول إلى بيت كبير، سيصبح أكثر انسانية، والمؤكد أيضا أن أولويات المجتمعات ستتغير، فقد كان كورونا مثل ضربة قوية على الرأس أعادته إلى وعيه أو مثل حفرة كبيرة سقط فيها، والمؤكد أن كل دولة تعمل حاليا على الخروج منها، والأكيد أنها ستبحث أسباب سقوطها فى تلك الحفرة حتى لا يتكرر الأمر من جديد  ونفس الشيء بالنسبة للعلاقات الانسانية والأسرية، وأعتقد أن كورونا كان كاشفا لأشياء كثيرة كانت تائهة وسط زحام الحياة، وبمجرد أن يزول الابتلاء، ستكون الأسر أكثر ترابطا والناس أكثر تراحما، والله أعلم !
مستشفيات فى «الكومباوندات» !
الجمعة:
تابعت حالة بعض المصابين بفيروس كورونا فى كومباوند فخم، أو مدينة جديدة مغلقة راقية فى أسعار وحداتها وفيلاتها، وسألت نفسى : كيف يكون مثل ذلك الكومباوند الضخم بمساحته الكبيرة بلا مستشفى مجهز وفق أحدث المواصفات ؟ ولماذا لا ينص القانون على الزام مثل تلك المشروعات بانشاء المستشفى أو على الأقل مبنى بمساحات ومواصفات معينة، بحيث يتم تحويله إلى مستشفى للطواريء عند الأزمات التى على مستوى كورونا ؟ مجرد اقتراح أو فكرة يمكن دراستها !
كلام توك توك:
دايخ فى عالم بايخ !
إليها :
ربنا يحفظك من كل سوء.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة