جمال الشناوى
جمال الشناوى


يوميات الأخبار

تاجر الأمل

جمال الشناوي

الأربعاء، 01 أبريل 2020 - 07:52 م

 

 نعيش مشكلة المستقبل.. وليست أزمة الفيروس فقط نعم هناك حقبة زمنية فرضها ذلك الكائن الحى غير المرئى المسمى كورونا.

كثيرون تنبأوا بشكل المستقبل.. فاليسار المحلى والعالمى يرى أنها نهاية هيمنة الغرب وأيام السقوط الأمريكى وشروق شمس الصين على الأرض..ويبشرونا بانهيار الليبرالية والراسمالية المتوحش.
 المتشائمون فى زمن الكورونا يرون صعوبة فى كل فرصة للحياة..بينما المتفائلون يصنعون الأمل من كل جائحة أو تفشى للصعوبات.
90 يوما أو يزيد والعالم يعيش فى سجن اختيارى،يسكنه قرابة 3 مليارات انسان فى شرق الدنيا وغربها. ومنذ تعالى صراخ البشرية ألما من القاتل المجهول، تفرغت مراكز أبحاث وعلماء -غير اولئك الذين يلهثون للوصول لعلاج- هم علماء وخبراء من نوع خاص يطلقون عليهم فى الغرب علماء «المستقبليات».بعضهم يراها تقسيماً للعالم على طريقة سايكس بيكو بعد الحرب العالمية.
العالم بعد كورونا
امضيت وقتا طويلا اتابع إجابات على سؤال طرحته «فورين بوليسى» على 12 من المفكرين فى العالم..ما هو شكل العالم بعد فيروس كورونا، وتنبؤاتهم بتغير شكل العالم.
أحدهم يرى أن العالم سيكون اقل انفتاحا..وأقل حرية واذهاراً.. وبعد شرح لرؤيته طويل انتهى إلى أن الفيروس سيقضى على العولمة الاقتصادية.. وهى النتيجة التى اتفق عليها كثيرون ممن تنبأوا بشكل العالم، مؤكدا أن سياسات الاقتصاد الحالية لم تعد صالحة.
عالم اخر تنبأ بانتقال محور العولمة من أمريكا إلى الصين، خاصة بعد قرن اذلال الصين الممتد من عام 1842 وحتى 1949.. على خلاف العقود الماضية من الانتعاش الاقتصادى نتيجة للمشاركة العالمية وانفجار الثقة الثقافية للشعب الصينى.
ويحدد الباحث طريقين لأمريكا.. أما التوجه إلى صراع صفرى مع الصين على السيطرة والهيمنة.. أو التعاون معها سياسيا واقتصاديا لضمان رفاهية الشعب الأمريكى، لكنه يتوقع عدم حدوث خيار التعاون نظرا للبيئة السامة تجاه الصين فى مراكز صنع القرار الأمريكية.
 أما اكثر المفكرين واقعية..فهو الذى تنبأ بسيادة القوميين للعالم وتقدم المناهضون للعولمة..ومعهم الصقور الصينية..وستعانى الديمقراطيات الغربية الانغلاق على نفسها للبحث عن نوع جديد من البرجماتية.
أما شكل الصناعة فى المستقبل.. فيرى المفكر«شانون أونيل» أن التصنيع المشترك قد يختفى.. ولتعويض ذلك سيتم التوسع فى تكنولوجيا الروبوت والطابعات الثلاثية الأبعاد، اونيل يرى ايضا أن الأنظمة السياسية ستتجه إلى الداخل بحثا عن الإستقلالية، وسيتمكن الفيروس من تعديل هيكل القوة الدولية بطريقة لم نكن نتخيلها وستتولد توترات بين الدول بما يؤدى إلى عدم الاستقرار ونزاعات داخل البلدان وعبرها.
 كثير من المفكرين يتوقعون انعدام الرغبة لحل المشكلات الإقليمية والعالمية نظرًا للحاجة لتكريس الموارد إلى الداخل وستجد العديد من الدول صعوبات وقد تتزايد الدول الفاشلة.بل وربما انهيار التكامل الأوربى.
 4 يونيو 67
 لم أكن أتخيل أن يعبر الشعب المصرى عقودا من عدم الثقة بينه وبين الحكومة.. فمنذ نكسة يونيو 67 ذابت تلك الثقة.. وفشلت الحكومات فى استعادتها.
عصابات الإخوان ودولها الداعمة شنت عمليات تشويه لتعميق عدم الثقة..إلا أن تحرك الدولة قبل اسابيع من تفشى الفيروس بعد اخبار انتشاره بالصين..جعل الشعب يفيق على واقع جديد، من حسن التصرف والإخلاص والصدق.
حتى مع الحملات المخططة جيدا لعصابات الإخوان إلا أن النتيجة جاءت عكسية..واستطاعت الجماعة المارقة تجديد كراهية الشعب لها.
والحقيقة ان تجار الدين فى كل المذاهب والأديان نشطوا فى زمن الفيروس بشكل كبير..وهناك من يرى أن تجمعات دينية فى كوريا وايران وايطاليا ساهمت بشكل ما فى انتشار الفيروس، الا أن مشاهد التظاهر ضد كورونا بالإسكندرية وشبرا الخيمة، كانت صادمة ولاقت موجات من السخرية المفيدة فى علاج المجتمع من سنوات الظلام المصاحب لأفكار نسبت زورا للسلف، ولأول مرة يتوافق السلفيون السنة والشيعة على نشر الجهل المفيرس.
وهنا تبرز أهمية دعوة الرئيس السيسى قبل سنوات إلى تجديد الخطاب الدينى، فباتت ضرورة ملحة.
 تنفس صناعى
 كثير من الدول بدأت فى صناعة المعدات الطبية الضرورية لحرب الفيروس، وهى فرصة ذهبية لمصر فربما يولد الأمل من رحم الأزمة..وأقترح على الحكومة أن تتوجه للداخل، لتحصر امكاناتنا، من الورش الصغيرة وحتى المصانع الكبرى..فبات من السهل تخليق ونقل التكنولوجيا بعد حرمان.
العالم بدأ يتخلى عن الاحتكار فى مجال الصناعات الطبية، فكبرى شركات تصنيع أجهزة التنفس الصناعى «ميديترونك» قررت التنازل عن حقوق الملكية الفكرية ومنحت العالم حق التصنيع لهذا الجهاز الحيوى فى الحرب الحالية.
وعلينا أن نبدأ وفورا فى تشكيل جماعات لتوطين الصناعة الدقيقة.. وتكليف طلاب الهندسة، بـ«التفكيك والتقليد» والهندسة العكسية تصنيع أعقد المعدات الآن، خاصة مع رواج الطابعات ثلاثية الابعاد.. وتمكنت ايطاليا بالفعل من تصنيع مئات الآلاف من صمامات اجهزة التنفس عبر الطابعات ثلاثية الأبعاد. أتمنى من الحكومة أن تتحرك فورا صوب العلم فلدينا عشرات الآلاف من دارسى الهندسة واساتذتها، علينا أن نحول النواقص إلى مشروعات تخرج وتقييم.
شجاعة الاقتحام تحقق جانبا كثيرا من النصر فى الحروب..
 المعامل المركزية
ليس لدى معلومة..لكن طريقة التنفيذ والسرعة المذهلة تؤكد أن الرئيس السيسى غضب بشدة وهو يرى المئات يتجمعون أمام المعامل المركزية فى وسط القاهرة، للحصول على التحليل الضرورى للسفر، تلك الصور التى نعيشها فى مصر منذ عقود، لكن فى زمن الكورونا لم يكن هذا مقبولا..وأتخيل ان الرئيس اصدر اوامره الفورية بالقضاء على هذا المشهد..وضرورة الإنشاء الفورى لـ27 معملا مركزيا قبل نهاية مارس،كتائب العمل تحركت لتنفيذ التكليف الرئاسى..وبالفعل بعد أيام بشرتنا وزيرة الصحة ببدء العمل بها جميعا..وأن مراكز علاج الفيروس فى المحافظات لم تعد فى حاجة لإرسال عينات من الأقصر مثلا إلى القاهرة لفحص إيجابيتها للفيروس.
نعم فى بلادنا الآن 27 معملاً مركزياً فى عواصم المحافظات.
تنظيم جيوش الشباب
 المؤكد أننا تابعنا ما يحدث فى القرى المصرية، وكيف تحرك آلاف الشباب من تلقاء نفسه ودون تنظيم مؤسسى للقيام بعمليات التطهير اليومى لشوارع القرى، ولا أعرف سبب اغلاق آلاف مراكز الشباب بدلا من تحويلها إلى مراكز للحرب على الفيروس وجمع المساعدات وتوزيعها على كل من فقد عمله.
الجهود الذاتية المتفرقة يمكن أن تتعاظم لو قرر وزير الشباب بالتنسيق مع وزارة الصحة ومؤسسات الدولة تحويل 4 آلاف مركز شباب، إلى نقاط متقدمة للتوعية والتطهير والمساعدات.
ما يسرى على الشباب والرياضة..ينطبق تماما على قطاعات مختلفة مثل الزراعة،لدعم توفير الخضراوات والفاكهة، والحقيقة ما تم بناؤه فى مصر السنوات الخمس الأخيرة هو ما جعلنا قادرين على الصمود الآن..فمصر تدير ازمتها دون طلب المساعدة من شقيق او صديق، واتمنى من الحكومة أن تستخدم طاقات الجامعات كل فى مجاله.
تنظيم وإدارة الشباب حتمى،ليس فقط فى معركة، ولكن فى استكمال بناء المستقبل.
 فوائد الفيروس
 فى ايام قليلة استطاعت الدولة «المستعدة» القضاء على الكثير من الظواهر السلبية بداية من الدروس الخصوصية، ومرورا بالعشوائية التى ضربت الأسواق والشارع، فهل يمكننا ألا نسمح بعودة تلك الظاهرة إلى حياتنا.وعلينا التعلم من دراسات دولية الآن تعدد فوائد الفيروس رغم آلامه، وتعتبر ان كورونا يقتل البيروقراطية والروتين.
فعلماء رسم وصناعة المستقبل..يتوقعون أن العزلة والسجن الكبير الذى يعيش فيه 3 مليارات انسان ستترك اثارا وتغييرات بارزة على كل جوانب الحياة..بداية من وسائل الحكم مرورا بالأنظمة الدفاعية..وصولا إلى شكل حياتنا الاجتماعية وعادات البشر..
نحتاج إلى تجديد فكر المسئولين للعمل وسط هذا الغموض بخطط سريعة وبطريقة التعلم من الأخطاء. خاصة أن سلطات الدول ستمدد فى المستقبل على الأقل فيما يتعلق بمراقبة السكان والصحة العامة والسياسات الصناعية والسياسة عموما..والصين تقدم نموذجا فى هذا المجال.
 يرى توماس فيربى عالم المستقبليات أن على الدول زيادة قدرتها على مواجهة الحروب البيولوجية وتغيير سياستها ومناهجها التعليمية واتفاقاتها التجارية ومن ابرز فوائد العزل المنزلى هو تحسن قدراتنا على العمل من المنزل.. لكن يحتاج المديرون إلى تطوير وابتكار اسالبيب لإحكام وزيادة الإنتاج.
وحتى بعد هزيمة كورونا سينطلق اكثر من 3 مليارات انسان إلى السفر والسياحة..ربما بوتيرة اقل من السابق..فهل علينا أن نستعد لذلك بوسائل جذب لهؤلاء خاصة من جانب قطاع السياحة فى بلادنا.
العالم مر بتجربة التشغيل عن بعد والتعلم عن بعد..وتقديم الخدمات عن بعد..وحتى بعض المحاكم تعمل عن بعد فها هى الكورونا تقتل البيروقراطية.
 ما زلت أذكر كلمة الرئيس السيسى «ازرعوا الأمل فى نفوس الناس»..
وقبله قال نابليون بونابرت..
«القائد هو تاجر الأمل». 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة