غلاف رواية الحرافيش
غلاف رواية الحرافيش


زمن «حرافيش» محفوظ.. و«كورونا» 2020

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 02 أبريل 2020 - 04:04 ص

 

كثير من الروايات الأدبية استند كتابها فى زمن أحداثها إلى فترات زمنية انتشرت فيها الأوبئة، وفى مقدمتهم الروائى العالمى نجيب محفوظ الذى رصد فى رواية « خان الخليلى » وباء السل الذى مات بسببه البطل الشاب فجأة برغم انه كان يتمتع بالحيوية والتفاؤل، مات الأخ الأصغر تاركا أخاه الأكبر شاهدا على القصة والتى كان جزءا خفيا منها فى صراع مع ذاته فى محاولة لملء الفراغ الذى خلفه غياب شقيقه المفاجئ بمرض السل الذى استشرى فى مصر والعالم، ورصد ايضا نجيب محفوظ فى رواية «الحرافيش» واقعة انتشار «الطاعون» الذى استفحل فى حارات مصروقضى على الأخضر واليابس، ويصف محفوظ الدمار والنعوش والأحزان التى كست الحارات قائلا : « تفاقم الأمر واستفحل. دبت فى ممر القرافة حياة جديدة.

 

يسير فيه النعش وراء النعش، يكتظ بالمشيعين، وأحيانا تتتابع النعوش كالطابور، فى كل بيت نواح. بين ساعة وأخرى يعلن عن ميت جديد، لا يفرق هذا الموت الكاسح بين غنى وفقير، قوى وضعيف، امرأة ورجل، عجوز وطفل، إنه يطارد الخلق بهراوة الفناء، وترامت أخبار مماثلة من الحارات المجاورة فاستحكم الحصار ولهجت أصوات معولة بالأوراد والأدعية والاستغاثة بأولياء الله الصالحين ووقف شيخ الحارة «عم حميدو» أمام دكانه وضرب الطبلة براحته فهرع الناس إليه من البيوت والحوانيت، وبوجه مكفهر راح يقول :  إنها الشوطة (الوباء)، لا يدرى أحد من أين تحصد الأرواح إلا من كتب له الله السلامة، وسيطر الصمت والخوف فتريث قليلا، ثم مضى يقول: « اسمعوا كلمة الحكومة ! «، أنصت الجميع باهتمام: « أفى وسع الحكومة دفع البلاء؟»، قال : « تجنبوا الزحام ! »، نظروا فى ذهول، حياتهم تجرى فى الحارة، والحرافيش يتلاصقون بالليل تحت القبو وفى الخرابات، فكيف يتجنبون الزحام ؟ ولكنه قال موضحًا :  تجنبوا القهوة (المقهى) والبوظة (الخمارة)، والغُرَز (جلسات تعاطى الحشيش).. الفرار من الموت إلى الموت ! لشدّ ما تتجهمنا الحياة.. والنظافة.. النظافة»، وتطلعت إليه فى سخرية أعين الحرافيش من وجوه متوارية وراء أقنعة من الأتربة المتبلدة..

 

واستكمل : «اغلوا مياه الآبار والقرب قبل استعمالها.. اشربوا عصير الليمون والبصل»..وساد الصمت، وظل الموت ممتدا فوق الرءوس حتى تساءل صوت: « أهذا كل شئ ؟ »، فقال « حميدو » بنبرة الخيام: « تذكروا ربكم وارضوا بقضائه « !.. ورجع الناس إلى البيوت والدكاكين واجمين، وتفرق الحرافيش فى الخرابات وهم يتبادلون الدعابات الساخرة، ولم يتوقف موكب النعوش ساعة واحدة، وتحمل أحداث الرواية نقدا لفكرة المدينة الفاضلة فمحاولات الناجى ونسله لإقرار العدل ورفع الظلم عن الضعفاء باءت بالفشل عندما دبت الحياة مرة أخرى فى الحى واكتظ بالبشر!

إلا يتشابه الكثير من أحداث « الحرافيش » مع ما نعيشه الآن من وباء « كورونا » ؟!.

نجيب محفوظ

من رواية « الحرافيش »

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة