يوسف القعيد
يوسف القعيد


يحدث فى مصر الآن..

شهيد الكورونا

يوسف القعيد

الخميس، 02 أبريل 2020 - 05:43 م

 

حملت الصحف اليومية خبراً توقفت أمامه باهتمام. الشهيد اسمه: أحمد عبده اللواح. أستاذ التحاليل الطبية بجامعة الأزهر. استشهد فى ساعة مبكرة من صباح الإثنين الماضى. عمره 57 عاماً. بورسعيدى. مدينة الشهداء الكبرى. تمشى فى شوارعها فيخيل إليك أنك تسمع أصوات شهداء 56، 67، حرب الاستنزاف، 1973.
نقل إلى مستشفى التأمين الصحى وحالته متأخرة. فى أعقاب مخالطته لمريض هندى يعمل بالمنطقة الصناعية ببور سعيد. المريض توفى بعد ذلك. رغم أن الطبيب المصرى قام بواجبه على أكمل وجه. رغم علمه بطبيعة مرض المريض. ورغم إدراكه لاحتمالات الإصابة بالعدوى.
التفاصيل التى جاءت فى بيان الرعاية الصحية، انه فى الساعة العاشرة والنصف من مساء السبت الماضى، وردت للهيئة مكالمة تفيد بإصابة الدكتور اللواح بحالة إيجابية لوباء كورونا المستجد. ويحتاج لجهاز تنفس صناعى. تدهورت حالة الشهيد وكان التشخيص المتابع للحالة أن نسبة الأكسجين منخفضة للغاية. يصاحبها ارتفاع غير عادى فى ضغط الدم.
أما التنفس فكان يعانى من ضيق شديد. نقلت الحالة وكانت قد تحسنت الى حد ما بمستشفى الحميات. ثم نُقِلَ مرة أخرى لمستشفى العزل فى الإسماعيلية. ومثلما استشهد الشهيد وهو يقوم بواجبه تجاه مريض دون أن يسأل نفسه عن جنسيته أو بلده أو ديانته. قدم له كل شئ لمجرد أنه إنسان. جاءت به الظروف إلى بلادنا. ووجب علينا رعايته والاهتمام به وتمكينه من جميع فرص الحياة.
اللواء عادل الغضبان، محافظ بور سعيد، ناشد أهالى المدينة الباسلة إقامة صلاة الغائب عليه، كل بمفرده. المساجد مغلقة. ورغم البطولة التى قام بها الشهيد. فلابد من احترام قرار غلق المساجد. لقد قدم الطبيب البطل من تلقاء نفسه وبقرار ذاتى فرضته عليه ظروف العمل. خاصة أن عمل الطبيب رسالة أكثر من أى اعتبار آخر. لقد سعى الطبيب البطل لاستشهاده. احتراماً لنفسه وتقديراً لإنسانيته وبلده وما تفرضه عليه تقاليد بلده. أكتب هذا مع إيمانى أنه لو كان المريض من أى مكان آخر كان سيفعل ما فعله الدكتور اللواح. لأنه مصرى. وفى هذا الكفاية. نحن الآن فى حالة صراع مع مرض لا يرحم. ولكن بعد أن نصل لبر الأمان، ولابد أن البعض منا سيصله. لابد من تكريم الدكتور أحمد عبده اللواح، باعتباره أول شهيد لجيشنا الأبيض البطل. والجيش الأبيض تعبير ابتدعته ظروف مواجهتنا للوباء. كنا نقول عنهم فى الأيام العادية ملائكة الرحمة. ولكنهم الآن جيشنا الأبيض تشبهاً بجيشنا البطل وشرطتنا الباسلة. لابد من تكريم الشهيد بما يليق باستشهاده وبطولته. وتصديه للقيام بدوره فى مواجهة مريض جاء من آخر الدنيا. ولكنه إنسان. والإنسانية هى الملاذ الوحيد لبنى البشر. وهى حائط الصد - ربما الأخير - فى مواجهة الأوبئة والشرور والكوارث. الدكتور أحمد عبده اللواح استجاب لإنسانية الإنسان. ووطنية المصرى. وشهامة ابن البلد. وجاد بروحه أعظم ما يملكه الإنسان وبحياته. أهم ما قد يحرص عليه الإنسان. بقرار لم يدفعه أحد إليه. تكريمه فرض عين علينا نحن المصريين جميعاً. وتسجيل بطولته لابد أن نقوم به ليس من أجل شئ. إلا الإعلاء من قيمة الشهادة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة