خالد رزق
خالد رزق


مشوار

أنا والطاعون والصحافة

خالد رزق

السبت، 04 أبريل 2020 - 07:49 م

تذكرنى الفترة التى نعيشها تحت تهديد فيروس كورونا الوباء الأخطر فى قرن من الزمان بتجربة محددة عشتها فى بواكير مشوارى الصحفى، تعلمت منها أن الدور الأهم للصحافة يظهر فى أوقات ومناطق الخطر، فبينما يلوذ الناس عمومهم بملاجئ آمنة.
الواقعة التى أحكيها اليوم جرت فى أوائل التسعينيات وأيامها كانت مهام عملى الصحفى كمحرر مقيم فى الإسماعيلية لدار أخبار اليوم، كنت المسئول عن أخبار قناة السويس وما يتصل بها من موانئ الجنوب.
المهم فى تلك الفترة ضرب وباء الطاعون الدبلى وله تسميات أخرى كثيرة بلاد الهند، وكان هذا النوع الفتاك من الطواعين ينتقل ما بين الحيوانات والبشر وعبر وسائط من هوام الحشرات كالناموس والبعوض، ولخطورة المرض وهو قاتل سريع أشد فتكاً من كورونا فقد كان مصدراً لرعب عالمى ولدى دخول إحدى سفن البضائع القادمة من الهند عبر البحر الأحمر منطقة الاقتراب من غاطس السويس جنوب القناة، انتشرت أخبار عن تفشى الطاعون بين طاقمها الذين توفى 6 منهم غير ظهور إصابات بين حمولتها من الماشية أدت إلى نفوق أكثرها.
وبمواجهة الأمر منعت السلطات المصرية دخول السفينة إلى ميناء السويس وحظرت كذلك عبورها للقناة وأوقفتها خارج الغاطس تحت الحجر الصحى، وفى صبيحة اليوم نفسه وكانت الساعة تشير إلى الخامسة استيقظت على رنات الهاتف وأتانى صوت الراحل الأستاذ أحمد الجندى مدير تحرير الأخبار ينقل لى تكليف رئيس التحرير أستاذنا الكبير جلال دويدار بمقابلة المصور الأستاذ كرمى جاد الكريم (مكرم) هو اسم شهرته بعد ساعة واحدة والانتقال إلى السويس ومنها كما جاء بالتكليف الصعود إلى ظهر السفينة الموبوءة وإعداد تحقيق عن موقفها وحال الطاقم تحت الحجر، وعلقت «لكن يا أستاذنا ده طاعون» فأجابنى «روح هاتوا لى التحقيق ولو أصبتم ومتم هتكونوا أبطال» وبصوت مجلجل نهرنى «ده شغلكم يا ابنى فاكرين الصحافة إيه».
طبعاً نفذنا التعليمات إلا أن سلطات الحجر منعتنا من الصعود إلى السفينة، ولكن وصلنا لها بواسطة لنش وأجرينا التحقيق هتافاً وصراخاً من أسفلها مع طاقمها.
ليس أمتع فى الصحافة من الاشتغال فى أجواء الخطر.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة