عوة للتفاؤل من الجائحة الأكثر فتكا بالتاريخ
عوة للتفاؤل من الجائحة الأكثر فتكا بالتاريخ


حكايات| «كورونا» والصيف..  دعوة للتفاؤل من الجائحة الأكثر فتكا بالتاريخ

مي حسين

الإثنين، 06 أبريل 2020 - 06:23 م

مرعوبون نتابع أخبار وحش كورونا المستجد الذي يصول ويجول في جميع أنحاء العالم دون رادع، فيما تدور سباقا في المختبرات بحثا عن لقاح ليقف الجميع الآن منتظرا الأمل الذي يحمله عالما وهو يرتدي بذلة الوقاية، إلا أن الحل لا يأت دائما عبر البشر، إنما الطبيعة بخفاياها.

 

تم تحديد الحالة الأولى لـفيروس كورونا المستجد منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وحتى الآن، قتل آلاف الأشخاص، وتخطت إصاباته المليون حول العالم، مما أجبر العديد من البلدان على حظر التجوال ومنع التنقل بين البلدان، وأصبح تأزما عالميا، فيما يواصل الأشخاص البحث عن أي معلومات قد تساعدهم على منع انتشاره أو أي أبحاث تساعد على التوصل للقاح يحد من انتشاره.

 

إبريل

في الشهر الماضي، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للجمهور أن الفيروس التاجي «سيختفي في أبريل» مع وصول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، في محاولة لنشر التفاؤل، ولكن شكك خبراء الصحة في توقعه، مدعين أنه لا يمكننا التأكد من أن الفيروس سيتوقف عن إصابة الأشخاص في الصيف، ولا أنه سيختفي.

 

حقا لا يوجد دليل على أن التعرض لأشعة الشمس وارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يقتل الفيروس التاجي، لكن الأدلة الواضحة تشير إلى أن الفيروسات، بما في ذلك الفيروسات التاجية، لا تحب الحرارة.

 

الحرارة عدوة الفيروسات

ويعتقد الدكتور ريتشارد هوبداي، الباحث المستقل في مجالات مكافحة العدوى والصحة العامة، أن ضوء الشمس وارتفاع درجات الحرارة قد يكون مفيدًا، وتستند ادعاءاته إلى تجربة أكبر جائحة في التاريخ المسجل، والذي أثرت على حوالي ثلث سكان العالم.

 

كانت جائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 أشد جائحة في التاريخ الحديث، وكان سببها فيروس يأتي من الطيور، وعلى الرغم من عدم وجود إجماع عالمي بشأن مصدر الفيروس، إلا أنه انتشر في جميع أنحاء العالم خلال 1918-1919، وظهر لأول مرة في الولايات المتحدة، عندما أصيب أكثر من 100 جندي في معسكر بولاية كنساس وفي غضون أسبوع، تضاعف عدد حالات الإنفلونزا خمس مرات.

 

قتل فيروس إنفلونزا عام 1918 ما يقدر بنحو 195000 أمريكي خلال شهر واحد، وواجهت الولايات المتحدة أزمة في دفن الموتى ضحايا الإنفلونزا وانتظرت أكثر من 500 جثة الدفن لأكثر من أسبوع، وتم استخدام مصانع التخزين البارد كمشارح مؤقتة، وتبرعت شركة مصنعة لسيارات الترولي بـ200 صندوق تعبئة لاستخدامها في التوابيت.

 

وتم غلق المسارح ودور السينما والمدارس الليلية وحظر التجمعات العامة، وطلب مجلس الصحة في سان فرانسيسكو من أي شخص يخدم الجمهور ارتداء الأقنعة وأصدر توصية قوية لجميع المقيمين بارتداء الأقنعة في الأماكن العامة.

 

500 مليون مصاب

وتشير التقديرات إلى أن حوالي 500 مليون شخص أو ثلث سكان العالم أصيبوا بهذا الفيروس، وقدر عدد الوفيات بحوالي 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم مع حدوث حوالي 675.000 وفاة في الولايات المتحدة، وكانت الوفيات عالية في الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وبين 20-40 سنة، و65 سنة فما فوق.

 

واقتصرت جهود المكافحة في جميع أنحاء العالم على التدخلات غير الصيدلانية مثل العزل والحجر الصحي والنظافة الشخصية الجيدة واستخدام المطهرات ومنع التجمعات العامة.

 

لماذا الحرارة ؟

ويشرح الدكتور ريتشارد هوبداي لماذا تكون الفيروسات أقل نشاطًا وأقل انتشارا خلال فترة الصيف، أن التجربة منذ قرن أظهرت أن المرضى الذين تمرضوا في الهواء الطلق وتعرضوا للشمس تعافوا بشكل أفضل من أولئك الذين تم علاجهم في الداخل.

 

وكتب أن الوفيات بين المرضى والعدوى بين الطاقم الطبي تم منعها بمزيج من الهواء النقي وضوء الشمس، مؤكدا أنه مثبت علمياً أن الهواء الخارجي يعمل كمطهر طبيعي يمكن أن يقتل الأنفلونزا وغيرها من الجراثيم الضارة، بينما ضوء الشمس مبيد للجراثيم ويقتل فيروس الأنفلونزا.

 

أماكن بلا شمس

وكانت أسوأ الأماكن خلال الوباء هي الثكنات العسكرية والسفن، لذا كان الجنود والبحارة أكثر عرضة للإصابة بالأنفلونزا وغيرها من الأمراض التي تلتها، وربما كانت إعادة القوات إلى الوطن هي السبب الرئيسي لانتشار الأنفلونزا.

 

وفي مستشفى الطوارئ في مدينة بوسطن، قرر الأطباء وضع المصابين مع ارتفاع درجات الحرارة في الخيام في الخارج، وتعريضهم للشمس.

 

وفي الخمسينات كان نظام الهواء الطلق شائعًا وتم استبداله بالمضادات الحيوية، ووفقًا لأحد التقارير، قلل هذا العلاج من الوفاة بنسبة 40٪.

 

ويشرح هوبداي، أنه عند العلاج في الهواء الطلق، ومع الشمس والطقس الدافئ يكون المرضى أقل عرضة للجراثيم الموجودة في أجنحة المستشفى، حيث خلق الهواء النقي بيئة معقمة إلى حد كبير.

 

وفي ستينيات القرن الماضي، أثبت علماء وزارة الدفاع أن الهواء النقي مطهر طبيعي، ووجدوا شيئًا فيه، يسمى عامل الهواء الطلق، الذي يقتل البكتيريا المحمولة بالهواء والإنفلونزا بكفاءة أكبر من الهواء الداخلي، واكتشفوا أيضًا أنه يمكن الحفاظ على قوى التعقيم هذه في الداخل أيضًا، في حالة تهوية الغرف بشكل صحيح.

 

تعطيل الفيروس

ويؤكد هوبداي: "قد يكون إخراج المرضى المصابين في الشمس مفيدًا لأنه يعطل فيروس الإنفلونزا، كما أنه يقتل البكتيريا التي تسبب التهابات الرئة".

 

خلال الحرب العالمية الأولى، استخدم الجراحون العسكريون بشكل روتيني ضوء الشمس لشفاء الجروح المصابة، وكانوا يعلمون أنه مطهر، وتم اكتشاف أن انخفاض مستويات فيتامين "د" يزيد من التهابات الجهاز التنفسي وقد يزيد من قابلية الإصابة بالإنفلونزا.

 

وفي النهاية: نصح هوبداي أن التاريخ يشير إلى أنه قد يكون من الحكمة أن يتم البدء في تجهيز خيام وأجنحة جاهزة للتعامل مع الأعداد الكبيرة من الحالات المرضية الخطيرة، وتكون معرضه للكثير من الهواء النقي وضوء الشمس.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة