صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


قصص وعبر| الخادمة.. والذئبان

علاء عبدالعظيم

الأحد، 12 أبريل 2020 - 09:11 م

خادمة من النوع الذي يحرق مدينة ليشعل سيجارة، فتحت لها الدنيا ذراعيها لتدق أبواب الرزق حلالا طيبا، لكنها نسيت الله فأنساها نفسها، وسلكت طريق الغواية، والشر بعدما اتفقت مع ذئبان بحثا عن المال، ورسموا خطتهم بمداد قاتم للحصول عليه حتى ولو كان سبيله الخيانة والغدر.

استيقظت المرأة المسنة على صوت طرقات باب شقتها، تسير ببطء تتكأ على أذرع الآرائك، والحائط، تحملق بعينيها الضيقتين في محاولة لرؤية من على باب شقتها، وفجأة وبلا مقدمات، وقبل أن تنطق بكلمة واحدة، كتم أحد الذئبان أنفاسها ودفعها دفعة قوية ارتطم جسدها الهزيل بالأرض، وسارع بتوثيق يديها وساقيها من الخلف، وشل حركتها، اتسعت عيناها ذهولا، تبتلعها الدهشة التي تموج انفعالاته على وجهها، ترتعد أطرافها، وسرت القشعريرة في جسدها وكأنها ممسكة بسلك كهربائي، تزداد دقات قلبها في الخفقان، ولم يبالي الذئبان تقطع أنفاسها، وصوت أنينها، تستعطف قلبيهما، لكن دون جدوى، لحظات مريرة ومحزنة عاشتها المرأة المسنة حتى كاد قلبها أن يخرج من بين ضلعيها، تحني رأسها بين كتفيها كما لو كانت كشاة تم تجهيزها للذبح، تنذرف الدموع على وجنتيها ببطء شديد وكأنها حمم بركانية تحرق وجهها، وجسدها الهزيل يوشك أن يذوب ويتلاشى من شدة الخوف والهلع.

تركها الذئبان، وأخذا يجول الشقة ذهابا وجيئة، واستوليا على كل ماخف وزنه وغلا ثمنه من مشغولات ذهبية، ونقود، ليس ذلك فحسب بل انقضا عليها وكتما أنفاسها، واحكم أحدهما قبضة يده حول رقبتها الضعيفة، ولم يتركها إلا وهي جثة هامدة، وتمكنا من الهرب.

 

انطلقت صرخات جارتها التي اعتادت الاطمئنان عليها عندما وجدت باب الشقة مفتوحا، بينما ترقد المجني عليها دون حراك فوق الأرض، تجمع الجيران الذين تعاظمت الدهشة أيضا على وجوههم يترقبون أنفاسها بدموع ونحيب، ودعاء لها بالرحمة.

انتقل على الفور المقدم خالد سيف رئيس مباحث قسم شرطة حدائق القبة، بمصاحبة معاونيه يتفقد غرف الشقة للعثور على أي دليل ليتمكن من تحديد الجناة، وطالب بعمل تحريات موسعة ومكثفة لحل لغز الجريمة،  وبذكاء رئيس المباحث توقف عند إحدى المعلومات التي وردت وهي تردد إحدى السيدات علي المجني عليها منذ فترة، وكانت تعمل خادمة وتساعدها في أعمال المنزل، وانقطعت أخبارها، وبمواجهتها، وتضييق الخناق عليها، انهارت واعترفت بجريمتها، وذكرت بأنها اتفقت مع الذئبان اللذان تربطها بأحدهما علاقة عاطفية، ورسمت لهما كيفية الدخول لشقة المجني عليها بعدما ادعيا بأنهما موظفين بشركة الغاز كي تطمئن لهما المجني عليها وتسمح لهما بالدخول لقراءة العداد، وقاما الذئبان بخنقها بعدما شلا حركتها مستغلين ضعف جسدها وهوانها، ووحدتها، واستوليا على المسروقات.

وأرشدت عنهما، وتمكن المقدم خالد سيف من القبض عليهما، وأرشدا أيضا عن جزء من المسروقات، وأنهما أنفقا المبالغ المالية حصيلة بيع بعض المشغولات الذهبية على أغراضها الشخصية، تم تحرير المحضر اللازم، وصرحت النيابة بدفن جثة المرأة المسنة بعد العرض على الطب الشرعي، وقررت حبس الخادمة والذئبان ٤ أيام على ذمة التحقيقات.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة