صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


إيجابيات «كورونا»| صديق البيئة وعودة «لمة العيلة».. وجدل حول العمل والتعليم عن بُعد

أسامة حمدي

الثلاثاء، 14 أبريل 2020 - 02:59 م

- «عبدالله»: كورونا أعاد الاعتبار للترابط الأسري والصحة النفسية والنظافة والعمل الخيري

- «سمعان»: طبقة الأوزون تحسنت.. واستغلال جائحة كورونا لدعم ثقافة الحفاظ على البيئة

- «عبده» يكشف متطلبات العمل عن بُعد في مصر.. وحلول لاستمرار الإنتاج بالمصانع

- «الشافعي»: كورونا يعمق فكرة الحكومة الإلكترونية.. وهذه مزايا العمل عن بُعد

- «عبدالعزيز»: التعليم عن بعد يحتاج لشبكة إنترنت سريعة وتدريب للمعلمين والطلاب

 

ما بعد كورونا سيختلف عن ما قبلها، ليس في نظرة الدول للقطاع الصحي والبحث العلمي لديها، بل ستمتد نظرة العالم تجاه الأسرة والترابط الأسري بعدما أعاد وباء كورونا الاعتبار لـ«لمة العيلة» مرة آخرى، فضلا عن الاهتمام بالبيئة، ونشر ثقافة العمل عن بُعد والحكومة الإلكترونية والتعليم عن بُعد، ولاسيما إعادة نظر العبد للعلاقة مع خالقه بعد إغلاق الكعبة المشرفة والمساجد ومنع الصلاة بها.

كورونا و«لمة العيلة»

في البداية تقول الدكتورة إيمان عبدالله، استشاري علم النفس والعلاج الأسري، إنه مع انتشار وباء كورونا حول العالم، وحتمية تطبيق العزل المنزلي؛ ما جعل أفراد الأسرة يقتربون أكثر من بعضهم البعض بعدما كانوا نزلاء في منازلهم، حيث يعيد كل منهم اكتشاف صفات أفراد عائلته من جديد بل ويكتشف ذاته من جديد.

وتابعت د. «عبدالله»، حديثها قائلة: «مع زيادة مدة العزل المنزلي زاد الحوار في نطاق الأسرة ومناقشة موضوعات مستقبلية للعائلة لم تكن مطروحة من قبل، وأصبح فترة بقاء الأب في المنزل مع الأبناء أكبر من ذي قبل وزاد دوره في إدارة الأزمات وبث روح الأمل والطمأنينة في نفوس أفراد أسرته».

وأوضحت، أن نقاش الأسرة حول مشكلاتها وضرورة حلها ارتفع، كما أن ثقافة الأسرة تجاه تنفيذ الإجراءات الإحترازية للدولة لمواجهة الوباء ارتفعت، وأصبحت النظافة الشخصية ثقافة راسخة وكذا المسافات الآمنة والحفاظ على البيئة، مضيفة أن بعض الأسر توسعت في ممارسة الرياضة في المنزل والأنشطة والمهارات وممارسة الحرف اليدوية.

ولفتت استشاري علم النفس والعلاج الأسري، إلى أن وباء كورونا أعاد الاعتبار للحوار المشترك وإشباع العاطفة لدى الأبناء من تواجد والديهم وشجعتهم على الابتكار من خلال ممارسة الرسم والموسيقى، والمواظبة على الصلاة، وعودة لمفهوم التكافل الاجتماعي من خلال التبرع للعمالة غيرالمنتظمة وتدعيم ثقافة العمل الخيري لدى الأسرة المصرية وتقديم شنط رمضان.

وأشارت د. إيمان عبدالله، إلى أن ثقافة التغذية السليمة عادت وبقوة لدى الأسرة المصرية لتقوية الجهاز المناعي لمواجهة كورونا، وكذا الاهتمام بالصحة النفسية.

«كورونا» والبيئة

من جانبه يقول الدكتور عبدالمسيح سمعان، وكيل معهد الدراسات والبحوث البيئية، إن العالم مشغول حاليا بإيجاد لقاح لفيروس كورونا، وكثير من الدراسات أشارت إلى أن هناك تحسن في البيئة نتيجة انخفاض التلوث بعد توقف المصانع وكثير من وسائل المواصلات، كما أن طبقة الأوزون تحسنت.

وأضاف أن البيئة ليست السبب في إنتاج وباء كورونا، وليس من المعلوم حتى الآن أن كورونا هو فيروس متطور أم مصنع بيولوجيا، ولا يوجد رابطة وثيقة بين التلوث والفيروس حتى تتغير النظرة كليا تجاه البيئة.

وحول تعدي الإنسان على البيئة والتغذية على حيوانات وحشرات غير مسموح بآكلها؛ أشار د. «سمعان»، إلى أن الصين منذ قديم الزمن وهي تتغذى على هذه الكائنات، وعلى ما يبدو أنه حدث تحور من للفيروس من الحيوان إلى الإنسان.

وأكد وكيل معهد الدراسات والبحوث البيئية، أن وباء كورونا يمكن استثماره في دعم ثقافة الحفاظ على البيئة، ويدعم فكرة أن التلوث يمكن التحكم فيه من خلال سلوكياتنا وأدائنا.

وأشار إلى أن عادات النظافة التي لجأ إليها الكثير حاليا من استخدام الكحول؛ نتيجة للاضطرار بسبب جائحة كورونا، ويجب تدعيم ثقافة النظافة الشخصية.

«كورونا» والعمل عن بُعد

أما الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، فيقول إن العمل عن بعد يعتبر ثقافة، والثقافة مرتبطة بعلم، وفي أوروبا هذه التجربة ناجحة لأن مستوى الشعوب من العلم والتقدم واستخدام أدوات العلم الحديثة متاحة، ففي أوروبا الجاهل هو من يجيد استخدام الكمبيوتر وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وليس من لا يجيد القراءة والكتابة، لكن نحن لدينا مشكلة هي الأمية التقليدية، ومن يتعاملون مع الإنترنت وثورة المعرفة في مصر لا يجيدون استخدامه بالشكل الكافي.

وتابع أن سرعة الإنترنت في مصر ليست كبيرة ولدينا مشكلات في سرعة الإنترنت، ولو هناك أعداد كبيرة من المواطنين تعمل من المنزل «النت هيقع»، ولكن العمل من المنزل يصل مع شركات الاتصالات المرتبطة بثورة المعرفة لأنهم يتم منحهم أفضل ما في السوق ويتم تدريبهم جيدا على ثورة المعرفة في الداخل والخارج، لكن هذه المهارات غير متوفرة عند موظفي الحكومة التقليديين وعمال المصانع، مضيفا أن هذا يدفعنا خلال الفترة القادمة إلى التطوير بشكل أكبر لأن تجربة العمل عن بعد لن تنجح بشكل كبير وليس في كل المجالات.

وواصل حديثه أن هذه التجربة نجحت لأن الموظفين يجيدون التعامل مع ثورة المعرفة والإنترنت قوي لديهم، مشيرا إلى أن تجربة وزارة التربية والتعليم مع التابلت وأولى ثانوي فشلت لأن الطلاب جميعا وفي وقت واحد يمتحنون ما تسبب في سقوط السيستم.

ولفت إلى أنه إذا ما طالت أزمة كورونا فيمكن البحث عن عمل من المنزل في مجلات مرتبطة بالاتصالات وثورة المعرفة، لكن البُعد الإنتاجي في المصانع الوضع مختلف فالعامل يقف على ماكينات، منوها على أنه إذا ما طالت أزمة كورونا يمكن لأي مصنع أن يستأجر فندق أو مكان للإقامة أو سكن عمال بجواره معقم مثل تجربة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كان ينشأ مصنع متكامل وبجواره مساكن للعمال ومدرسة ونادي ومركز ثقافي، فمن الممكن أن تستلهم التجربة مع إحكام الرقابة الصحية على هذه المساكن للعمال حتى لا تتعطل المصانع وهي الأهم لدينا.

وأوضح أن العمل عن بُعد له إيجابيات وسلبيات، ولكن تبقى ميزة استمرار العمل هي الأهم وعدم توقفه مع اضطرارنا لذلك، ولابد من وضع أعلى درجة من الضمانات حتى لا تتوقف الأعمال، منوها على فكرة الحكومة الإلكترونية وإنهاء الخدمات (كتجديد الرخص أو سداد الرسوم) من المنزل، وضرورة عودة وزارة التنمية الإدارية وعملها بأعلى معايير الكفاءة والجودة.

وشدد على ضرورة الاهتمام بالحكومة الإلكترونية والعلم والبحث العلمي والحكومات الذكية والتحول الرقمي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي حتى نسيّر أمورنا دون التعامل مع الموظف التقليدي، منوها إلى أن هذا سيقضي على أعمال كثيرة جدا في المستقبل خلال الأزمة وما بعدها.

 

كورونا والحكومة الإلكترونية

أما د. خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، فيرى إن جميع مجالات العمل الإداري في مصر يصلح معها نظام العمل عن بُعد، وهي فرصة جيدة لمصر ورب ضارة نافعة، مؤكدا أن جزء كبير من الأعمال يتم الآن عن بُعد وهو مطلب أساسي للحكومة الإلكترونية المزمع انتقالها للعاصمة الإدارية، لافتا إلى أن هناك خدمات كثيرة يمكن تقديمها للمواطن المصري عن بُعد.

وتابع أن هذا يفتح المجال للقضاء على البيروقراطية والفساد في دواليب العمل الإداري، لافتا إلى أن غياب الرقابة عن الآداء من الممكن تخطيه بالنظر إلى النتائج وليس الرقابة على الأعمال، وتبشر الحكومة وأصحاب الأعمال بتعميم الفكرة وإمكانية العمل عليها للمنظومة ككل.

وأشار، إلى أن خريطة الوظائف من الممكن أن تتغير فتظهر أنماط وظائف جديدة وتختفي آخرى، وسوق العمل له متطلبات في كل فترة، ونحن في الثورة الصناعية الرابعة وكل ثورة لها أهداف ومحددات معينة، مضيفا أن الذكاء الاصطناعي سيحدث طفرة في الأعمال.

وذكر أننا نحتاج ضمانات وتشريعات جديدة لتمكين العمل عن بعد، والرئيس حاليا يسمح بإنشاء الجامعات التكنولوجية والرقمية وهي المطلوب في سوق العمل في قادم الأيام، وأزمة كورونا أظهرت أهمية ذلك، مشددا على أهمية الوعي الاجتماعي لتعميق ثقافة العمل عن بُعد، وحاليا الكل يتابع ما تسفر عنه الأزمة، وأصحاب الأعمال يفكرون في كيفية إدارة عملهم عن بُعد.

كورونا والتعليم عن بعد

ويرى الدكتور محمد عبد العزيز، وأستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس، أن التعليم الإلكتروني نظام معمول به في أوروبا وأمريكا وغيرها، معتبرا هذا الأمر ليس بالجديد على العالم، موضحا أنه ثبت نجاحه في أوروبا وغيرها. 

وقال إن الهدف من تطبيق هذا النظام حل عدد من المشكلات، مثل عدم القدرة على السفر من بلد إلى أخرى أو عدم امتلاك الطالب تكلفة الذهاب إلى المدارس ومستلزمات الدراسة، لافتا في الوقت نفسه إلى أن هذا لا يغنى عن أسلوب التعليم النظامي.

وعن وقت الاستغناء عن التعليم النظامي، ذكر أنه يمكن ذلك عندما نمتلك جميع وسائل التعليم من بعد، وأهمها توافر التكنولوجيا اللازمة، وتتوافر عدد كبير من المنصات التعليمية التي تكفي هذا الغرض، وكذلك الاطمئنان على وجود فصول افتراضية نموذجية. 

وأشار إلى أن الوضع الحالي في مصر يثبت أننا لم نكن أمام منظومة تعليمية جديدة ومتطورة، لكن الواقع أثبت غير ذلك ولعل أبرز الأدلة عليه هي مشاكل الامتحانات التي تجري على «التابلت»، وشكاوى الطلاب من الأكواد وبطء الإنترنت وغيرها.

وأوضح أن المنصة التعليمية السليمة أو النموذجية لها مواصفات معينة حتى تثبت نجاحها، وهي توفير شبكة إنترنت سريعة وقوية تتحمل جميع المستخدمين على المنصة، بجانب توفير كل الإمكانيات التي تشعر الطالب بأنه داخل فصل حقيقي، لافتا إلى أهمية تأهيل وتدريب المعلمين والأستاذة سواء في التعليم الجامعي أو ما قيل الجامعي على استخدام التكنولوجيا وطرق التواصل مع الطلاب، وأخيرا تأهيل الطلاب على أيضا على الدخول والتفاعل هذه المنصات. 

وشدد على ضرورة أخذ عينة من الطلاب الذين تم تطبيق التجربة عليهم، والتعرف على أكثر المشكلات التي واجهتهم ثم استيعابها بالكامل لتفعيل منظومة تعليم إلكترونية ناجحة.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة