د. محمد حسن البنا
د. محمد حسن البنا


يوميات الأخبار

أتخن امرأة تجلس فوق رضيع!

محمد حسن البنا

الأربعاء، 15 أبريل 2020 - 07:28 م

«وانحصرت الآمال والأحلام والهموم كلها فى محطة وقود. لم أعد أتمنى من الدنيا إلا محطة وقود. تضاءلت وتصاغرت كل المشاكل التى كانت تشغلنى منذ دقائق».

لكل واحد منا ذكريات، منها الحلو ومنها المر، منها ما يستحق أن تدونه فى مذكراتك، ومنها ما تخجل منه وتُسائل نفسك: كيف بالله فعلت ذلك؟!. وقد تعلمت من والدى، رحمة الله عليه، أن أمسك بمفكرة ـ كنت عاشقا لمفكرة الشمرلى السنوية الصغيرة ـ أدون فيها دقائق حياتى بل وثوانيها، ظللت حريصا عليها حتى كبرت، وأصبحت أجندة متوسطة وكبيرة لتتسع للأحداث التى أمر بها، حتى جاء وقت انشغلت فيه بالعمل فنسيت التسجيل اليومى فى المفكرة، لكنى والحمد لله أحتفظ بمفكراتى القديمة، التى تضم الكثير من أسرار حياتى الشخصية والعامة. ربما يأتى يوم أقدمها فى كتاب، بإذن الله، إن كان فى العمر بقية. أقول هذا وأنصح الناس عموما بكتابة مذكراتهم، فهى دروس مجانية للأجيال على مر الزمان، لا تخجل من فقر أو ظروف قاسية كانت سببا فى تقدمك وتحقيق طموحاتك وأحلامك. ما يلح على خاطرى الآن، ونحن فى زمن وباء يهدد البشرية، أن أتذكر معكم قرائى الأعزاء حوادث قاتلة مرت بحياتى، لا يمكن أن أنساها، لأننى عدت إلى الحياة بستر الله بعد موت محقق أربع مرات. وهذا دليل قدرة الله سبحانه «يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير».
أطرف حادثة!
بعد ولادتى بأيام تعرضت للموت المحقق عندما جلست علىّ ـ دون أن تدرى ـ أتخن امرأة فى قريتى. كانت أمى تضع رضيعها على الكنبة «الاستانبولى» فى مدخل بيتنا بالكفر الجديد دقهلية، طبعا هم الذين حكوا لى بعد أن وعيت !، وكانت قصة يتندرون بها، تقول الحكاية إن أمى وضعت رضيعها «محمد» وغطت جسمه بملاءة من القطن تشبه تماما كسوة الكنبة لحمايته من الحشرات، ودائما كان باب دارنا مفتوحا كأغلب ديار القرية، وأمى مشغولة بعمل الخبز أمام الفرن فى آخر الدار، جاءت جارتها، وهى فى نفس الوقت زوجة عمها لزيارتها، وجلست على الكنبة دون أن تشعر بأن طفلا رضيعا تحتها، فالكنبة طرية لأنها منجدة من القطن، جاءت أمى ترحب بها، فاكتشفت أنها تجلس فوق رضيعها، صرخت: «ياخبر ياهانم قاعدة على الواد»، وصكت صدرها بيدها، انتفضت هانم من فوق الكنبة، وإذا الرضيع قاطع النفس!!. إسعافات سريعة وخبط على ظهره وصدره لعل النفس يعود، فعلا بدأ النفس يخرج متقطعا حتى تمت الإفاقة تدريجيا. كانت هذه الحادثة الأولى التى عدت إلى الحياة بعد موت محقق لكن الله ستر وسلم.
لم تكن هذه هى الحادثة الوحيدة التى عدت بها من الموت إلى الحياة. فقد نجوت بفضل الله من الموت حرقا وأنا فى عمر سنة تقريبا، حيث كنت أزحف وأحبو فى أى إتجاه، وكانت أمى تضع حلة على وابور الجاز - الذى انقرض وتحول إلى بوتاجاز - المهم وأنا أحبو أمسكت بالحلة فوقع الماء المغلى على رأسى، وأنا أصرخ من شدة الحرق، أسرعت أمى تجففنى وتطيبنى. وأسرع أبى إلى حلاق الصحة - عم حامد - الذى كان يأتى من قرية ميت سلسيل المجاورة لقريتنا، ومع اللبخة الشهيرة وبعض المراهم هدأ الحرق قليلا، لكنه ترك أثرا فى رأسى وأذنى. وأصابنى بعاهة مستديمة، لم أرغب فى علاجها باعتبارها قدر الله. المهم أن الله ستر وسلم للمرة الثانية، وهكذا نتعلم أن الحياة لا تكون إلا بعد الموت.
ولأن «عمر الشقى بقى»، تعرضت للموت بعد ذلك مرتين أخريين وأنا فى سن الشباب وبعد أن بدأت العمل، الأولى كنت عائدا من قريتى إلى القاهرة فى أول سيارة أملكها « 127 توب إيطالى باب واحد» ومعى زوجتى وطفلاى، وعند مدخل القاهرة بعد انتهاء طريق بنها إذا بالسيارة تعوم فى بقعة زيت تركتها سيارة لمنعدم الضمير، وخلفى سيارات عديدة مسرعة أيضا، ومن بينها أوتوبيس شرق الدلتا، شاهدنى سائقها وأنا أترنح بسيارتى الصغيرة يمينا ويسارا ووسط الطريق، وكأنها سكرانة!، أخبط فى الرصيف اليمين ثم الشمال وهكذا وأنا أنطق الشهادة، والموت يقترب، تركت السيارة تخبط فى الأرصفة ونحن داخلها، حتى استقرت زاحفة ناحية الرصيف الأيمن، لتستقر بجواره، دون أذى والحمد لله. بالطبع ربنا سلم وسترها معنا ونجونا من حادث دهس داخل السيارة الصغيرة بأوتوبيس ضخم. أما الحادثة الثانية، شهدتها سماء الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كنت فى مهمة عمل، وكنا فى طائرة تنقلنا من ولاية لأخرى، وبينما يقدم لنا طاقم الضيافة الشاى والقهوة والكيك، إذا بالطائرة تدخل فى مطب هوائى بسبب سوء الأحوال الجوية، وتسقط من ارتفاعها المستقر بحوالى 10 كيلومترات للأسفل، وكل شىء يطير إلى سقف الطائرة ويسقط على أرضيتها!. لم تمر ثوانٍ حتى فوجئت بقائد الطائرة يطمئننا بأن الله سلم ونجونا من حادث مروع كاد يودى بالطائرة وحياة الركاب، والحمد لله. هذه ذكريات وحوادث حقيقية تعرضت لها شخصيا، أتذكرها الآن ونحن نعيش أزمة صحية عالمية تحصد ضحاياها بالآلاف من كل بلاد العالم، مع تأكيد إيماننا بالله وقضائه وقدره، وأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وما لنا إلا الصبر والاحتساب، والحمد.
بمناسبة رمضان
أنا من عشاق عالم الإدارة والتنمية البشرية الراحل الدكتور إبراهيم الفقى. يروى فى محاضراته قصة حدثت له نتعلم منها الكثير، يقول: كنت مسافر للعين السخنة ومعى أسرتى، الساعة الثانية بعد منتصف الليل، قبل ما اتحرك من المقطم أخدت بالى إن لمبة البنزين منورة، توجهت لشراء بعض اللوازم، وبعدها انطلقت ونسيت أمون، تذكرت وأنا فى الطريق، كانت أول مرة فى حياتى أذهب للعين السخنة، لذلك لم أقلق فى البداية، ظنا منى أننى سأجد الكثير من محطات الوقود فى الطريق، مع مرور الوقت والظلام الحالك والطريق الموحش بدأ القلق يتسرب. اتصلت بصديق وعلمت أن أول محطة بنزين بعد مسافة طويلة جدا، تحول القلق إلى رعب، تراجعت كل الاهتمامات والمشاغل والمشاكل وانحصرت الآمال والأحلام والهموم كلها فى محطة وقود. لم أعد أتمنى من الدنيا إلا محطة وقود. تضاءلت وتصاغرت كل المشاكل التى كانت تشغلنى منذ دقائق، لاح ضوء من بعيد، دب فى القلب أمل واهن وفرح مُعلق، اقتربت، لم تكن محطة وقود، بل استراحة فقيرة جدا، شعرت بالإحباط، سألت الرجل عن أقرب محطة وقود؟! كيانى كله تعلق بفمه فى انتظار إجابة. قال الرجل: بعد ٣ كم، كدت احتضنه، رغم أننى خشيت أن تكون إجابة غير دقيقة، أو محطة وقود ليس بها وقود الليلة. انطلقت وعيناى لا تفارق لمبة البنزين. مرت الثوانى كالدهر.
أخيرا، لمحت من بعيد محطة الوقود، حين وصلت لم يكن هناك أحد جعلت أبحث عمن أكلمه. ظهر رجل، قلت له: عندك بنزين ٩٢ ؟ قال: نعم. كانت أجمل (نعم) سمعتها فى حياتى. سجدت لله فورا. حين انطلقت لاستكمال الرحلة وأنا أشعر إنى اتكتب لى عمر جديد. جاء فى بالى معنى، يأتينى كل عام رمضان. رمضان أصلا هو محطة وقود، تتزود منه لباقى العام، كيف نضيعه؟ كيف تجازف بالموت عطشا؟ كيف تمر بمحطة الوقود الوحيدة فلا تتزود؟ وفى حياة الكثيرين كل عام يكون رمضان القادم هو الأخير. يعنى آخر محطة للتزود قبل لقاء الله، آخر محطة للتوبة والاستقامة، ورد المظالم، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والعودة للقرآن. ففروا إلى الله. رحمة الله عليك يا دكتور إبراهيم.
درس مانديلا
الزعيم الأفريقى الشهير نيلسون مانديلا، الذى قاد بلاده إلى التحرر من الاستعمار، ورئيس دولة جنوب إفريقيا السابق. قال فى مذكراته: بعد أن أصبحت رئيساً طلبت من بعض أفراد حمايتى التّجوال معى داخل المدينة مترجّلين، دخلنا أحد المطاعم فجلسنا فى أماكننا وطلب كلّ منّا ما يريده من طعام، فى الوقت الذّى كنّا ننتظرالعامل أن يحضر لنا الطّعام، وقع بصرى على شخص جالس قبالتى ينتظر بدوره ما طلبه، قلت لأحد أفراد حمايتى: «اذهب إلى ذلك الرّجل واطلب منه أن يأتى ويشاركنا الأكل على طاولتنا». جاء الرّجل فأجلسته بجانبى، وبدأ كلّ منّا فى تناول غذائه، كان العرق يتصبّب من جبينه ويده ترتجف لا تقوى على إيصال الطّعام إلى فمه، بعد أن فرغ الجميع من الأكل، وذهب الرجل فى حال سبيله، قال لى حارسى الشخصى: «الرّجل الذى كان بيننا تظهر عليه علامات المرض، فقد كانت يداه ترتجفان، ولم يستطع الأكل إلاّ النذر القليل»، فأجبته: «لا أبدا ليس كما ظننت، هذا الرّجل كان حارسا للسّجن الانفرادى الذّى كنت أقبع فيه، وفى أغلب الأحيان، وبعد التّعذيب الذّى يمارس عليّ كنت أصرخ وأطلب قليلا من الماء، فيأتى هذا الرجل ويقوم بالتبول على رأسى فى كل مرة، لذلك كان يرتعد خوفا من أن أعامله بنفس ما كان يفعل معى، فأقوم بتعذيبه، أو بسجنه، لكن ليست هذه أخلاقى، فعقلية الثأر لا تبنى دولة.
زيت الزيتون
لأنى مريض سكر مثل الملايين فى مصر، أهتم بما ينشر عن علاجات السكر، صحيح أننى متابع جيد لتعليمات طبيبنا المحترم الدكتور أحمد عبد السلام مدير الإدارة الطبية بأخبار اليوم، لكنى أهتم بما ينشره الأطباء عن السكر، ولأنى أسير حقن الأنسولين فقد قرأت ما كتبه الدكتور حسان وصفى شمسى باشا، وهو طبيب سورى من مواليد حمص عام 1951. ويعمل استشارى أمراض القلب فى مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة. يقول: اكتشفت أن (مرض السكر) عندى يصل إلى 500 درجة عافاكم الله، وبدأ الناس يأتونى بمشورات وفق تجاربهم الخاصة. باختصار بعد شهر من الحمية والرياضة نزل حتى (300 مفطر) و(200 صائم) تقريبا. استعملت كثيرا من الشعبيات ولم تنفع. فقررت أن أتبع ثلاثة حلول لعلاج هذا الارتفاع، كل حل لمدة أسبوع: الحمية الشديدة والرياضة - زيت الزيتون - علاج المستشفى. الحل الأول: (الحمية الشديدة مع الرياضة) ذهب اﻷسبوع بدون فائدة إلا نزولًا طفيفًا لا يذكر. الأسبوع الثانى: (استخدام زيت الزيتون) حصلت فيه المفاجأة، بعد ثلاثة أيام من استعمال زيت الزيتون حللت مفطرا فكان 180 أى أنه نزل 100 درجة. وبعد ثلاثة أيام أخرى كانت المفاجأة اﻷخرى، حللت مفطرا فكان 93 فقط.. ليس صائما. بعد هذا هل زيت الزيتون حل مؤقت ثم يترك؟ أو يستمر عليه المريض؟ ربما يكون الاستعمال على فترات.. واﻹنسان أعرف بنفسه. وأيضا هل الزيت ينشط البنكرياس ليعمل عملا صحيحا؟ أو أن عمله يمتص السكر الزائد من الدم؟ أو أن الزيت يساعد الأنسولين فى الدخول للخلية؟ ربما تكون اﻹجابة التى تهم الكثير أن السكر خف من الدم والأعراض ذهبت تماما، والباقى لا يهم.  والمقادير التى اتبعتها كالتالى: ملعقتان أو أكثر قبل النوم. ومثلها على الريق صباحا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة