أكبر المتعافين سنا من فيروس كورونا
أكبر المتعافين سنا من فيروس كورونا


حكايات| الصعايدة غلبوا «كورونا».. ملحمة أكبر المتعافين سنًا من الفيروس القاتل

محسن جود

السبت، 18 أبريل 2020 - 08:44 ص

ليس لمجرد رجل مسن تعلق قلبه بالمساجد أو لكونه من الرعيل الأول للمرشدين السياحيين في الأقصر، أو حتى لإجادته التامة للغتين الإنجليزية والألمانية؛ بل لقدرته في الوقوف أمام فيروس كورونا وعمره فوق الـ89 عامًا.

 

عاش الحاج عبدالفتاح الحامدي لسنوات طويلة بين أجناس مختلفة من العالم، ينقل لهم تاريخ حضارة مصر على أرض الأقصر طوال 7 آلاف عاما كانت فيه الأقصر إلى أن حاول الفيروس القاتل مباغتته «على كبر».

 

بعد 10 أيام كاملة في مستشفى الحجر الصحي بإسنا ظل الحاج عبدالفتاح يتحدى الفيروس بعزيمة ومواظبة على صلاته؛ بل إن الأطباء وأسرة التمريض بالمستشفى كانوا يتعجبون من صموده ورباطة جأشه واستجابته لكل مطالبهم وإجراء التحاليل وتهوينه من المرض. 

 

لكن شيئًا واحدًا كان يثير قلق الشيخ الحامدي يراوده من حين لآخر حين يتذكر عائلته الكبيرة (أولاده وأحفاده)، لكن ما يحتفظ به هذا الرجل من ذكرى مضيئة أنه قبل خروجه من المستشفى بلحظات كان خروج أول مولودة لمريضة تعالج بالمستشفى ليتم تسميتها «شفاء».

 

عميد المرشدين السياحيين تحدث عن تجربته مع فيروس كورونا مؤكداً أن بداية إحساسه بالمرض تمثلت في شعوره بإرهاق شديد على غير عادته عندما كان يصر على الجلوس في الصيدلية التي تملكها ابنته الصغرى بعدها بدأ يشعر بأعراض البرد العادية ولم يتخيل أنه أصيب بالفيروس اللعين، خاصة أن تشخيص أحد الأطباء له أنه مجرد دور برد عادي بسبب تغيير الجو.

 

اكتفى عم عبدالفتاح بأدوية البرد العادية، إلا أنها لم تفلح في علاجه إلى أن ساق له القدر الدكتور رضوان النوبي أستاذ جراحة المخ والأعصاب بطب أسيوط الذي تربطه بع علاقة طيبة فنصحه بإجراء إشاعات وتحاليل تأكد منها الدكتور النوبي أن الرجل مصاب بفيروس كورونا فنصحه بالذهاب إلى مستشفى حميات الأقصر.   

 

هنا يتذكر الرجل الصعيدي البسيط المشهد الأول لتعامل المستشفى معه: «لاحظت اهتماما كبيرا من أول لحظة، أجروا تحاليل لي وأخذوا مسحة من الحلق ولم تمض لحظات حتى استدعوا سيارة إسعاف مجهزة ونقلوني إلى مستشفى الحجر الصحي، في البداية كنت قلقان إلا أنني استجمعت قواي وقلت أن الله هو الشافي وهو المعافي وهو على كل شكل قدير».

 

 

ويواصل: «ما كان يقلقني هو خوفي على أبنائي وأحفادي وهم يعلمون بحقيقة مرضي فنحن أسرة متحابة لم تفرقنا الظروف ولا الأيام حياتنا في لمتنا كل منا يحنو على الآخر».

 

أما الشيخ علاء يوسف الطاهر مفتاح الخطيب – زوج ابنة الحاج عبدالفتاح – فتحدث عن أصعب أيام للأسرة منذ علمها بإصابة الحاج عبدالفتاح قائلا: «بمجرد علمنا بإيجابية العينة قررنا فرض حظر للأسرة بأكملها، والتزم أبناؤه الخمسة بذلك؛ حيث له ابن و4 بنات كلهم تجمعوا في منزل العائلة حتى من كانت في بيتها عادت لتعتزل مع شقيقاتها».

 


ويرى الشيخ علاء أن كون «حماه اجتماعيا حيث يخرج من منزله إلى الصيدلية يصافح كل من يجده جيئة وذهابا فهو يعتبر المثل الأعلى لكل جيرانه ومحبيه يصافحهم ويسأل عليهم ويعرفهم كمعرفة أبنائه رغم تقدمه في العمر ربما يكون السبب الرئيس في انتقال العدوى له».

 

ويواصل: «لقد تعلمنا الدرس جيدا فبعد أن فرضنا على أنفسنا العزل الاجتماعي بعد إصابة الشيخ لم تظهر على الأسرة أية أعراض، وعند خروجه وتمام عافيته فرض على نفسه عزلة متكاملة في المنزل وأصبح لا يخرج أو يتحدث إلا بحذر ولا يستغنى عن الكمامة والجوانتي وهو في كامل سعادته».  

 

ويضيف: «لم نتمكن من زيارته فذلك أمر مرفوض تماما حتى عندما تأكدت سلامته وخروجه من المستشفى لم نذهب لنأت به بل جاء مع أحد أصحابه من أهل الكرنك الذي صحبه وأحد الأطباء المعالجين له».

 

 

 

ولا ينهي الشيخ عبدالفتاح حديثه قبل التأكيد على المجهود الذي يبذله أطباء وهيئة تمريض المستشفى الذين كانوا على قلب رجل واحد وفعلوا الكثير معه وكلهم كانوا يعاملونه كأب أو جد لهم فأولوه عناية فائقة وتحملوا طلباته كلها حتى عندما كان يغضب عليهم ويطالبهم بالعودة إلى منزله فكانوا يتحملوه وكثيرا ويخبرونه أن القادم أفضل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة