أسامة بديع
أسامة بديع


قضية ورأى

استحداث وظيفة أم تقسيم دولة؟!

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 19 أبريل 2020 - 07:47 م

أسامة بديع

صدمت ومعى الكثيرون من قراء جريدة المصرى اليوم من مقال الكاتب نيوتن، والذى يطرح فيه استحداث وظيفة جديدة باسم «حاكم سيناء» يتقدم إليها كل من يريد شغلها لمدة ست سنوات ومن يتولاها تكون له الحرية لإقامة النظام الأفضل للحكم الذاتى الذى يحقق الاستقرار لهذا الإقليم.
والسؤال الذى يفرض نفسه الآن بعد هذا الطرح المعيب.. هل تلك المقترحات لاستحداث وظيفة أم لتنفيذ مخطط تقسيم دولة؟
وبعيدا عن تفنيد تفاصيل المقال الذى اختلف معه جملة وتفصيلًا، ومع التفهم الكامل بأن المقال يظل محفوظًا فى خانة التعبير عن رأى ورؤية كاتبه والتى تنطوى بطبيعة الحال على احتمالات الخطأ والصواب بمقادير متساوية، فالجميع فى الخطأ سواء لكن خطأ الكبار والقامات ورجال الفكر والثقافة المؤثرين فى المتابعين والمهتمين بالشأن العام يجب ألا يمر كرامًا خاصة إذا كان هذا الخطأ يضرب بمفهوم الدولة وسيادتها عرض الحائط وينسف فكرة الانتماء والولاء ومجرد الطرح يعتبر تهديدا واضحا وصريحا للمسكوت عنه بالضرورة وهو مقتضيات وأركان الأمن القومى المصرى والعربي.
وبعيدا عن نظرية المؤامرة والمزايدات والتشكيك فى وطنية الكاتب، فليس لأحد على الآخر سلطة توزيع صكوك الوطنية أو وصاية فكرية، لكن ما طرحه مقال «نيوتن» هو دعوة صريحة لترسيخ مبدأ التقسيم الذى تحاول بعض الدول والجهات والجماعات المتطرفة ترويجه وتنفيذه على مدار سنوات طويلة، ولا يزال ضمن أولوياتها ليس فى سيناء وحدها بل فى العديد من الأماكن الحدودية والاستراتيجية المهمة.
الشبح الذى خيم على مقال الكاتب لو تُرك له العنان سيلتهم الأخضر واليابس ويخرج علينا يوميا من يطالب باستقلال محافظات بعينها قياسا على سيناء، ليكون لدينا العديد من الولايات والحكام فيصبح لدينا حاكم لسيناء وحاكم للنوبة وحاكم لحلايب وشلاتين وحاكم للصحراء الغربية وغيرها، لتصبح الدولة التاريخية العريقة والتى طالما كانت ولا تزال رمانة ميزان المنطقة كلها دويلات ومقاطعات تكثر فيها الخلافات والانشقاقات حتى تتحول إلى شبه دولة أو نموذج مكرر من دول محيطة بات يرثى لحالها الجميع.
إذا كانت هذه هى رؤية كاتب اعتقد أنه من الأجيال التى عاصرت بشكل أو بآخر فترات الحروب التى خاضتها مصر سواء ٦٧ أو ٧٣ للدفاع عن الوطن واسترداد سيناء فماذا نتوقع من الأجيال التى لم تعاصر هذه الأحداث المهمة والحرجة فى تاريخ مصر؟! ماذا نتوقع من أجيال شاء القدر أن تكون ظروفهم المعيشية والحياتية طاحنة وقاسية لدرجة أنهم أصبحوا عجائز رغم صغر أعمارهم؟! ماذا نتوقع من أجيال شاهدوا المفكرين والمثقفين يطالبون بالتقسيم بحجج واهية تحت دعاوى الاستثمار واستغلال أمثل للأراضي!؟ماذا نتوقع من أجيال شاهدوا قدواتهم وأساتذتهم ومعلميهم تناسوا دماء الشهداء التى ما زالت رائحتها تفوح من أرض الفيروز للدفاع عنها والحفاظ عليها ويطالبون الآن بانفصالها واستقلالها عن الدولة المصرية؟! كيف لنا أن نطلب من شبابنا احترام الدستور والقانون ونحن نجد يوميا من يحاول الفتك بالدستور والقوانين ويكرس لقانون الغابة والمصالح الشخصية ويستحدث أفكار ما أنزل الله بها من سلطان!؟
ألم يكن من الأولى أن يطرح الكاتب نقاشًا حول أولويات التنمية فى سيناء وكيفية مواجهة الإرهاب أمنيًا وفكريًا وتنمويًا؟! ألم يكن من المنطقى أن يتبنى الكاتب فى الحديث عن سيناء الثمن الذى دفعته الدولة وأبطالها على مدار التاريخ وحتى اليوم للحفاظ على ترابها الوطنى ويحذر الأجيال الشابة من مخططات استهدافها ويلقنهم دروسًا فى الوطنية والانتماء وعدم التفريط أو التنازل أو المقايضة؟! لماذا لم يفكر الكاتب فى الحديث عن جنود ورموز وشخصيات من أبناء سيناء قدموا أروع الأمثلة فى التضحية والفداء وقدمهم من خلال كتاباته ومقالاته للشباب كنماذج نجاح يجب أن يحتذى بها؟
عزيزى نيوتن.. مفهوم الوطن أكبر بكثير من مفهوم ارتباط الدولة بالأقاليم عن طريق السياسة الخارجية والدفاع عن الحدود، وإذا أردنا أن تصبح سيناء أحد النمور الإفريقية والآسيوية كما ذكرت فهذا لن يحدث من خلال رؤيتك وطرحك بل سيحدث من خلال دولة قوية متماسكة تفرض إرادتها وسيطرتها على كل شبر من أرضها. دولة تعرف قيمتها وتعى قدرها ومكانتها هذه الدولة هى مصر ولا شيء سواها.
< عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين
حزب الإصلاح والتنمية

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة