حمدى رزق
حمدى رزق


فيض الخاطر

وداعا دكتور عمرو

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 21 أبريل 2020 - 06:38 م

قطع بينا، مصادفة توجع القلب، أرسلت مقالى هذا إلى صديقى «محمد درويش» قائم مقام كتاب الرأى فى صحيفتنا الغراء (الأخبار)، ليفجعنى فى من أحببت فكتبت فى مناقباته، رحل عن دنيانا الفانية، البقاء لله.
رحل الصديق الدكتور عمرو عبد السميع قبل أن يقرأ سطورًا من كتاب المحبة من قلب محب، حبا بحب كانت صداقتنا التى دامت طويلا، سبحان من له الدوام.
سبحانه وتعالى، دعوات بالشفاء قلبت دعوات بالرحمة، وبالدمع جودى يا عين على حبيب يغادر دون جنازة تليق، حكم الوباء، وحكم علينا الوباء ألا نودع الأحبة، كما يستوجب، نودعه ورقيا فحسب، وكان الله يرحمه يستحق المشى خلف نعشه متذكرين أيامه الخوالى، كان محبا للحياة.
عانى فى صمت، وتعب دون أن يخبر المحبين أو يتعبهم، ونال منه المرض، فأقعده عن تهنئة كان يشيعها فى مثل هذه الأيام الطيبة، سعادة كانت تملأ وجدانه فى الأعياد، باشا ينهض من مرضه الذى اتعبه طويلا، محبا يعيد على الأحبة، سنتشوق لمعايدتك الطيبة العبقة بالمحبة يا صديقى.
إن العين لتدمع، عرفته باكرا، وكان مهموما بتقفى آثار الموهوبين، ما إن يستشعر موهبة حتى يسعى إليها حثيثا، موهوب وصديق الموهوبين، كانت بينه وبين الموهبة عمار، دكتور عمرو لمن يعرفه حق المعرفة عاش عمره كله مخلصا للعلم والنشيد، وبذل من روحه الكثير لتثبيت مفاهيم الوطن والدولة، خشى مثل مخلصين كثر على وطنه، وتعب القلب منه وهو يناهد (من المناهدة التى توجع القلب) منافحا عن الحياض المقدسة.
لم يتربح من قلمه قط، تعيش من حبر قلمه، ولم يعرف عنه ثراء، وعرف عنه كتابة محترمة، ناقدة ساخرة، عادة ما يصفون الكتاب المحترفين، ممن يملكون ناصية القلم، «كاتب كتوبة»، يسيل مداد قلمه دون عناء، بوصلته كانت سديدة، لا تخطئ هدفا، استهدفه العقورون وأثخنوه جراحا، وسلقوه بألسنة حداد، فسخر منهم، وهزمهم بقلم لا يخشى فى حق الوطن لومة لائم.
مثل معاناة هذا الرجل (طوال عمره) لم تر عينى، تكالبت عليه، يرحمه الله، خفافيش الظلام تروم نقطة من دمه، ونبحت عليه الكلاب العقورة، متلمظة لقطعة من لحمه، ولكنها لم تظفر منه مغنما، وحورب فى رزقه وأكل عيشه، وباعدوا بينه وبين حلمه، وأغلقوا عليه النوافذ جميعا، فنفذ من خرم إبرة، ونهض ليقاوم هجمة بربرية استهدفت خير أجناد الأرض الذين وهبوا حيواتهم دفاعا عن وطن يستحق الحياة.
الخيانات الصغيرة لم تفت فى عضد الكبير، لكن خانه قلبه، لم يعد يدفق الدماء الحارة فى عروق أمسك بخناقها «السكرى»، عد الجروح يا ألم، جروحه كانت عميقة، خارت قواه، وفشلت الأجهزة أن تساعده على النهوض مجددا، فأسلم وجهه لله فى حضرة زوجته الوفية، سبحان من له الدوام.. وخالص العزاء فى صديق العمر.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة