د. محمد أبوالفضل بدران​
د. محمد أبوالفضل بدران​


يوميات الأخبار

مصطلحات كورونية

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 22 أبريل 2020 - 06:16 م

إن توجيه ملايين الجنيهات لدعم الفقراء والمستشفيات أضحى واجبا لأن الدولة بذلت قصارى جهدها ولابد أن ندعمها.

ظهرت فى الآونة الأخيرة مصطلحات فرضها فيروس كورونا مثل الاجتماع الافتراضى وهو اجتماع يتم عبر النت، كلّ عضو فى الاجتماع يفتح البرنامج المحدد ويرى زملاءه صوتا وصورة، وكل منهم فى مكان آخر يتشاورون ويصدرون قرارات ملزمة.​
وهو أقرب إلى طيّ الأرض الذى عبر عنه ابن الفارض فى قوله:​
سائقَ الأظعانِ يَطوى البيدَ طَيْ​
مُنْعِماً عَرِّجْ على كُثْبَانِ طَيْ​
ولن يكون فى حاجة إلى أن يطلب منه :​
وتلَطّفْ واجْرِ ذكرى عندهم​
علّهُم أن ينظُرُوا عطفاً إلي​
قُل ترَكْتُ الصّبّ فيكُم شبَحاً​
ما لهُ ممّا بَراهُ الشّوقُ فَي​
و»افترض» أى سَنّ أحكاما على الناس، وافترض قاعدة جديدة لحل المعادلة الرياضية، وافترض افتراضا أى اعتبر الأمر قائما.​
لكن فى كل ما سبق فإنى لا أستسيغ مصطلح « الاجتماع الافتراضى» لأن الذهن لدى جمهور الناس يذهب إلى عدم انعقاد المجلس أو الاجتماع بالرغم من انعقاده متباعدين، فهل نجد لديكم وأنتم سدنة اللغة وفصحاؤها مصطلحا أقرب إلى واقع الأمر مثل «الاجتماع التباعدي» أو الاجتماع البُعدي، ما رأيكم؟​
يا مملكة قُراء القرآن الكريم ​
لمصر نصيب الأسد فى تجويد القرآن الكريم ومن يستمع للشيخ محمد رفعت ومحمود على البنا وعبد الباسط عبدالصمد وآل المنشاوى وعبد العظيم العطوانى والكلحى وكامل البهتيمى وغيرهم من كبار القراء يجد حلاوة القرآن وجماله فى أحكام القراءة والمقامات وحضور القارئ القلبى وهو يقرأ عن فهم بيد أنى أجد الآن فى مقاطع كثيرة يبثها بعض القراء الجدد، وأصوات بعضهم ممتازة لكن حديثهم مع الجمهور بين الآيات وخروج بعض المستمعين عن وقارهم واتجاههم نحو القارئ فى صراخ هستيرى إعجابا بصوته ويسلمون عليه وتقبيل رأسه استحسانا لصوته وطلبا منه أن يردد تجويد الآيات الكريمات مرات أخرى، والعجيب أنه يبادلهم الحوار والابتسام بين الآيات وهذا لا يليق به وبهم وكيف يستحضر جلال الآيات الكريمات بعد ذلك؟ رجاء حافظوا على وقار القرآن الكريم ومكانتكم بين الناس. ​
كيف نحمى جامعى القمامة من كورونا؟ ​
فى الوقت الذى نمكث فيه ببيُوتنا نرى عمال النظافة يجوبون الشوارع ومعظمهم يعمل بيديه دون قفازات ودون كمامات وبعضهم يصحب أطفاله معه فى مناظر محزنة... هؤلاء عرضة للإصابة بكل الأمراض فلماذا لا يكون لهم حصة فى ندوات التوعية ونصرف لهم الكمامات والقفازات ونحاول أن نميكن مهنتهم بشراء سيارات جديدة تفرغ آليا صناديق القمامة بها دون أن يلمس عمال النظافة القمامة ولن نتعب- نحن السكان- فى أن نمشى خطوات للوصول إلى صندوق القمامة بالشارع.. إن حماية هؤلاء صحيا مسئولية المجتمع حتى لا نرى منهم مريضا سيتحول إلى ناقل للعدوى فالمرض لا يفّرق بين غنى وفقير، ألم يقل أبوالعلاء المعري:​
الناسُ للناسِ من بدوٍ وحاضرةٍ​
بعضٌ لبعض وإن لم يشعروا خَدَمُ ​
لقد جاء دور بحث الأغنياء عن الفقراء اهتماما بصحتهم، هؤلاء الذين كانوا يسافرون- جوًا- إلى أوربا وأمريكا للعلاج وجدوا أنفسهم فى مستشفيات العزل مع الفقراء فى بلداننا النامية ونسوا أن التبرع لمستشفيات بلدان أولى من الحفلات الباهظة للزواج من الزوجة الثالثة والرابعة، والتفاخر بهدايا الماس واللاماس للغانيات أولى بها جهاز تنفس صناعى ربما يحتاجه المتبرع ذات يوم، إنهم لن يسافروا للخارج للعلاج فمستشفيات أوربا وأمريكا مكتظة بمرضاهم وموتاهم، أحد الرؤساء العرب عندما سافر لألمانيا للعلاج- فى قصة شعبية متداولة- سأله الطبيب: منذ متى تحكم فى بلدك؟ اجاب مفتخرا- منذ ثلاثين عاما- فقال له الطبيب الألمانى: ثلاثون عاما ولم تستطع إنشاء مستشفى واحد ببلدك يصلح أن تتداوى فيه!! كورونا درس للجميع.​
نظرية ثبات عدد الأرواح​
عندما كنتُ طفلا انتابنى هاجس أن عدد الأرواح فى الأرض سواء كانت لبشر أو كائنات حية ثابتة لا تغيير فيها، يموت شخص هنا يولد شخص هناك، تموت شجرة فى مكان ما تنبت شجرة فى مكان آخر، ينفق حيوان يولد حيوان فى اللحظة نفسها، لا أدرى من أين جاءتنى هذه الفكرة لكنها بدت تنمو فى رأسى وتكبر معى، ربما كانت من فهمى للآية الكريمة «إنا كل شيء خلقناه بقَدَر» وقوله تعالى: «اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ» هذا المقدار لِمَ لا يكون ثابتا فى عدد الأرواح الثابت؟ ولما سمعت وقرأت عن الأولياء الثابت عددهم فى الأرض فعندما يموت وليَّ فى مكان ما يخلفه وليِّ فى التو واللحظة فى مكان ما لكن إجمالى عددهم ثابت لا يزيدون ولا ينقصون يتبدّلون فيما بينهم لكن العدد الكلى ثابت لا يتغير، تساءلت لماذا لا يكون عدد الناس ثابتا بيد أن ازدياد عدد الناس قياسا إلى ما كانوا عليه قبل قرون جعلنى أتوقف مليا حول قناعتى ولم يمحُ هذا الشك سوى بائع ساعات هندى عجوز قد شارف التسعين من عمره اتخذ من شارع الشيخ زايد بمدينة العين بالإمارات محلا وكان يجلس فى زاوية من المحل يصلح الساعات بينما يترك الشباب يبيعون الساعات الجديدة؛ فى الفترة التى كنت أعمل فيها بجامعة الإمارات تعرفت عليه، كنت أرى فيه ملامح غاندى وحكمته وهدوءه، عندما كنت أتمشى فى شارع الشيخ زايد بالعين كنت أستريح قليلاً عنده نشرب الشاى السليمانى أى السادة الذى يخلو من اللبن أى من الحليب لأن اللبن بالإمارات يعنى الرايب أى الزبادي، نتبادل أطراف الحديث، يستمع أكثر ما يتكلم، يتقن العربية جيدا فقد أمضى جُلّ عمره فى الإمارات العربية، لا يذهب للهند سوى مرة واحدة كل عام، كان جسمه نحيفا ولحيته البيضاء تضفى عليه مهابة ووقارا كان عائدا ذات مرة من الهند سلّمتُ عليه وحكى لى عن كوارث طبيعية ألمت ببلدته وعدد القتلى، وهنا قلت له: لكن عدد الناس ثابت مهما ماتوا فى الحروب والكوارث الطبيعية، اعتدل فى جلسته وترك الساعة التى كانت بيده جانبا ثم قال لي: هل تعرف أن عدد الأرواح ثابت فى الأرض؟ وهنا رددت عليه: هذه نظريتى منذ أن كنتُ طفلا، ابتسم وقال: أدركتَها طفلا بينما أدركتُها كهلا، يا ولدى كل كائن له روح والأرواح ثابتة العدد يسمونها التناسخ عندنا، سمّها ما شئت لكن روحك لم تكن تعرف أين كانت قبلك، ولا إلى أى كائن تسكن بعدك! ربما كنت طفلا بالهند أو فى غانا أوفى دمشق ربما يأتى الطوفان أو الحروب لضبط العدد إلى ما كان عليه وأخذ يشرح لى نظريتى وأنا أتطلع إليه فى هدوء، وتمشيتُ حتى وصلت جبل حفيت وهو أعلى جبل فى شبه جزيرة العرب وأنا أفكر فى كلام الرجل الهندي، وعندما اجتاحت العالم جائحة كورونا تذكرت هذا الحوار العجيب
رمضان جانا​
أتمنى أن يحمل رمضان هذا العام بشرى خير بانحسار مرض كورونا وشفاء مرضاه، ومع إيقاف العمرة أتمنى أن يوجه الآلاف الذين كانوا ينوون العمرة، أن يوجهوا نفقات العمرة وربما الحج إلى الفقراء والمساكين وإلى المستشفيات العامة والجامعية لأن المواطن لم يجد سوى هذه المستشفيات العامة يعالَج بها فلم نر مستشفى خاصا فتح أبوابه لاستقبال مرضى كورونا ولم نر أنهم سخروا أجهزة التنفس وأسرّة الرعاية لديهم لمرضى كورونا أو يعيرونها للمستشفيات الجامعية والعامة، من هنا فإن توجيه ملايين الجنيهات لدعم الفقراء والمستشفيات أضحى واجبا لأن الدولة بذلت قصارى جهدها ولابد ان ندعمها فلو بدأ المعتمر الذى حيل بينه والعمرة فى توزيع أموال العمرة الافتراضية على فقراء أهله وشارعه وحيّه وقريته ومدينته فلن نجد فقيرا، ولو وجّه الحجيج أموالهم لدعم المستشفيات لوجدنا مستشفيات قوية صامدة، وأين «أغنياء الفشخرة» الذين كانوا يأخذون زوجاتهم الحبالى كى يلدوا فى أمريكا ليكتسب مولودهم جنسيتها الأمريكية، وإذا أصيبوا بشوكة طاروا بطياراتهم إلى أروبا وأمريكا، كورونا لا يفرق بين غنى وفقير، فمن «تكورن» منهم (أى أصيب بكورونا) فلن يجد سوى المستشفيات الحكومية يعالج بها فأين تبرعاتكم لقد أبانت هذه الجائحة أهمية الأطباء والمستشفيات فهل نجد الدعم المالى المجتمعى لهم ولها؟.​
لن نجد موائد الرحمن فى رمضان هذا العام خوفا من التجمعات لكن فلوسها لو وُزّعت على عمال النظافة والفقراء لأغنتهم، أبواب الخير كثيرة ورمضان يحمل لنا كل خير وكل عام وأنتم بخير. ​
فى النهايات تتجلى البدايات​
قال الشاعر د.شهاب غانم​
(غناء: سامى يوسف)​
ألا بذكرك قلبى يطمئنّ وهل ​
بغير ذكرك قلب المرء يرتاحُ/​
فأنت مبدع هذا الكون أجمعه​
وأنت خالق من جاؤوا ومن راحوا/​
وأوّلٌ أنت قبل القَبل من أزلٍ​
بالكاف والنون يا ربّاه فتاحُ/​
ونور وجهك بعد البَعد فى أبدٍ​
يبقى جليلا كريما وهْو وضّاح/​
وأنت نورٌ على نورٍ تخرُّ له​
فى سجدة الحب أجسادٌ وأرواحُ/​

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة