محررة بوابة أخبار اليوم مع مفتي الجمهورية
محررة بوابة أخبار اليوم مع مفتي الجمهورية


حوار| مفتي الجمهورية: تجمعات المواطنين حرام شرعًا.. ويجوز إفطار الأطباء بشروط

إسراء كارم

الخميس، 23 أبريل 2020 - 01:54 ص

- الصيام يقوي المناعة ولا خطورة على الأصحاء .. والصداع ليس مجيزًا للفطر
- صوم مرضى كورونا يرجع الحكم الشرعي فيه إلى الأطباء
- يحرم الإصرار على إقامة الجمعة والجماعات في ظل الوقت الراهن.. وصلوا التراويح في بيوتكم
-  رؤية الهلال ستكون «أون لاين» على صفحتنا الرسمية
- خطة متكاملة شهر رمضان.. سنصل إلى الناس في بيوتهم «أون لاين»
- استبدلوا موائد الرحمن بشنط رمضان للمحتاجين والعمالة غير المنتظمة
- في حال إلغاء صلاة العيد يمكن أن يصليها المسلم منفردًا

تقود دار الإفتاء المصرية تحت مظلة فضيلة مفتي الجمهورية، دور كبير وفق استراتيجيات مدروسة لأداء رسالتها على أكمل وجه، ولتغطي جوانب شتى لنفع الناس، كان هذا الدور جليا في ظل التعامل مع أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد.


وحرص فضيلة المفتي على متابعة كل صغيرة وكبيرة تشغل الأذهان، للرد عليها بشكل سريع حتى لا يترك مجالا للجماعات المتطرفة أن تستغل العقول في بث أفكار مغلوطة.


كما حرصت دار الإفتاء بجهود من فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، والدكتور إبراهيم نجم ومستشاره الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، على إعداد خطة غير عادية لشهر رمضان في ظل جائحة كورونا.


وأجرت «بوابة أخبار اليوم» حوارًا خاصا مع فضيلة المفتي لمناقشة أبرز القضايا والوقوف على كافة التفاصيل.


 وإليكم نص الحوار..


في البداية.. كيف تستعد دار الإفتاء المصرية لشهر رمضان الفضيل؟
دائمًا ما نضع خطة متكاملة في دار الإفتاء لشهر رمضان المبارك لما له من أهمية كبيرة، وما يحظى به من اهتمام الناس، ونحن هذا العام في أجواء استثنائية بسب الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا حفظنا الله منه، لذا وضعنا استراتيجية تتماشى مع الوضع الحالي لمحاولة التفاعل الدائم والمستمر مع الناس خلال الشهر الكريم.


وسنعمل من خلال هذه الاستراتيجية الاستفادة بكافة الوسائل التكنولوجية التي سخرها الله لنا للوصول إلى أكبر قدر ممكن من الناس وتلبيه احتياجات الناس والرد على تساؤلاتهم.


وخلال شهر رمضان سنعلم على تكثيف ساعات البث المباشر على الصفحة الرسمية لدار الإفتاء، حيث نستقبل الأسئلة بشكل مباشر ويقوم أحد أمناء الفتوى في الدار بالرد عليها مباشرة، وبعد انتهاء البث يتم تقطيع الأسئلة التي ورد واجاباتها في فيديوهات منفصلة ونشرها على الصفحة الرسمية وقناة اليوتيوب الخاصة بالدار.


وعملنا على زيادة عدد فريق الفتوى الهاتفية والإلكترونية من أجل إتاحة الفرصة لتلقي أكبر عدد من تساؤلات الناس فيما يتعلق بالشهر الكريم عن طريق الخط الساخن للدار (107)، حيث يمكن الاتصال وسؤال أحد المفتين مباشرة وسماع الرد، أو تسجيل السؤال ثم سماع الرد مسجلًا بعدها، هذا بالإضافة إلى زيادة عدد فريق الفتوى الإلكترونية، حيث تستقبل الدار أسئلة المستفتين عبر نافذة لها على موقع دار الإفتاء المصرية على شبكة الإنترنت، ويمكن للسائل الرجوع إلى أسئلته السابقة كلها.


هذا بالإضافة إلى استقبال الأسئلة عبر تطبيق دار الإفتاء المصرية على الهواتف الذكية أندوريد وIOS.


ويأتي ذلك بهدف تسهيل التواصل بين السائلين ودار الإفتاء المصرية، كما يعد استكمالا لمسيرة دار الإفتاء لتذليل عقبات وصعوبات عملية حصول المستفتين على إجابات لفتاويهم من ذوى الخبرة والتخصص، فيتاح أيضًا استقبال أسئلة الصائمين فيما يتعلق بالشهر الكريم من خلال الأجهزة المحمولة بشتى أنواعها.


هذا فضلًا عن البرامج التلفزيونية التي أظهر بها شخصيًا على مدار شهر رمضان، وكذلك عدد من علماء دار الإفتاء المصرية للرد على استفسارات المشاهدين وأسئلتهم حول رمضان وأحكام الصيام وغيرها.


- وماذا عن حفل رؤية هلال شهر رمضان؟
نحن كل عام نكون حريصين على إقامة حفل لإعلان رؤية هلال شهر رمضان المبارك يحضره لفيف من القيادات الرسمية والدينية والشعبية وعدد من الناس، ولكن كما قلت نحن في ظرف استثاني هذا العام، لذا قررنا إلغاء احتفالية رؤية هلال شهر رمضان، ويقوم التلفزيون المصري بنقلها على الهواء مباشرة، ونقوم ببث كلمة عبر الصفحة الرسمية للدار بموقع"فيسبوك، ألقي فيها إعلان نتيجة الاستطلاع.


- يخشى البعض صيام رمضان خوفا من نقص المناعة والإصابة بفيروس كورونا.. فما حكم ذلك؟
الخوف من الإصابة بفيروس كورونا ليس مسوغًا على الإطلاق للإفطار في شهر رمضان، لأنه لا يوجد سبب طبي مؤكد يشير إلى أن الصيام يشكل خطرًا على حياة الناس، بل على العكس فقد اجتمعت قبل10  أيام بمجموعة متخصصة من الأطباء في المناعة والفيروسات.


وأكدوا أنه لا ضرر إطلاقًا على الأصحاء من الصيام في رمضان، بل على العكس أشاروا إلى أن الصيام يقوي ويعزز الجهاز المناعي للإنسان، أما المرضى فلهم رخصة شرعية في الإفطار إذا ما قرر الأطباء الثقات ذلك.


ولكن لا يصح بحال من الأحوال إسقاط فريضة الصيام لمجرد الخوف من الإصابة بالمرض خاصة وأن الأطباء أكدوا عدم احتمالية الإصابة بفيروس كورونا بسبب الصيام.

- هل الصداع الشديد من مبيحات الفطر؟
مجرد الصداع ليس مجيزًا للفطر، لأن المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة لم يجز الفطر بلا خلاف كما قال الإمام النووي، ولكن في الأحوال المرضية التي تعتري الإنسان ويكون الصوم معها شاقًا أو متعذرًا كالمرض الشديد والأمراض المزمنة التي تحتاج إلى علاج في أوقات محددة، وكذلك الأعذار الأخرى كالسفر؛ مما يلحق به ضررًا بالغًا ومشقة غير محتملة، لا تقبلها قواعد الشريعة وكلياتها الثابتة التي جاءت تنادي بدفع الضرر، والتيسير على المسلمين، ورفع المشقة غير المحتملة حيثما وجدت.

- ماذا عن «عزومات رمضان» في ظل انتشار فيروس كورونا؟
من عادات المصريين والعرب كذلك خلال شهر رمضان كثر العزومات للأهل والأصدقاء والأحباب، وهي عادة اجتماعية جميلة ومطلوبة وفيها صلة للأرحام ونشر للمحبة والمودة بين الناس، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل في الحديث الصحيح: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف». فتلك العادات والعبادات والشرائع في الإسلام من أهدافها أن تزرع الخير والمحبة في قلب المسلم، فيصل لتلك المرتبة العلية من حسن معاملة الناس والرحمة بهم وخاصة بالضعيف والمحتاج منهم.


ولكن ما نمر به هذا العام والإجراءات الاحترازية التي يوصي بها الأطباء تجعلنا نوصي بتأجيل هذه العزومات حتى انفراج هذه الأزمة حرصًا على سلامة الناس وصحتهم.

- هل إقامة الموائد للفقراء في ظل منع التجمعات «حرام»؟
ضمن القرارات الاحترازية التي اتخذتها الدولة هذا العام منع إقامة موائد الطعام خلال شهر رمضان المبارك، حيث قررت وزارة التنمية المحلية بعدم إصدار تراخيص لإقامة موائد الرحمن في محافظات الجمهورية المختلفة، وكذلك أكدت وزارة الأوقاف أنها لن تسمح بإقامة تلك الموائد في محيط المساجد أو أي ملحق من ملحقات المساجد التابعة لها، حفاظًا على صحة وأرواح الناس.


ويمكن الاستعاضة عن موائد الرحمن هذا العام بإخراج شنط رمضان للفقراء والمحتاجين والعمالة الغير منتظمة، أو توزيع قيمتها المالية عليهم لسد احتياجاتهم قبل دخول شهر رمضان أو خلاله.

- هل يجوز إفطار الأطباء وطواقم التمريض أثناء عملهم في المستشفيات في ظل انتشار كورونا؟
هذا الأمر الفيصل فيه الطبيب نفسه، لأن هناك فروقًا فردية، فإذا كان الصيام مؤثرًا على الأطباء خلال تعاملهم مع المرضى فلديهم رخصة لإفطار شهر رمضان حال تيقنهم بأنه سيؤثر على أدائهم، ولكن مجرد الخوف من فيروس كورونا ليس مبررًا لإفطار رمضان.

- مرضى كورونا هل عليهم صيام داخل الحجر؟
مسألة صوم المريض بفيروس كورونا أو غيره من الأمراض يرجع الحكم الشرعي فيه إلى الأطباء، فإن رأوا أن في الصيام ضررًا على صحة المريض، وجب عليه الفطر والقضاء بعد ذلك لمن يستطيع، أو الفطر والفدية لمن لا يستطيع الصوم بعد ذلك، فالصوم واجب شرعا على كل قادر بالغ، ولا يسقط إلا في حالة الأعذار للمرضى أو مَن على سفر وغيرها من الأعذار الشرعية.

- بعض السيدات لا تعرف كم عدد الأيام التي أفطرتها.. ولا تتمكن من صيامها فهل يمكن قضائها بإطعام الفقراء والمساكين؟
من أفطرت أيام في شهر رمضان لعذر شرعي عليها أن تقضي ما عليها من صيام، فإن لم تكن تعرف عدد الأيام التي أفطرتها تحديدًا فلتقدرها تقديرًا، ولتأخذ بالأكثر عند الشك، فإن ذلك أبرأ للذمة، ثم تشرع في قضائها في أقرب وقت ممكن، فإن شق عليها ذلك تقضيها بالتدريج شيئًا فشيئًا.

- هناك خلط لدى البعض بين زكاة الفطر وزكاة المال فما الفرق؟
زكاة الفطر هي الزكاة التي يجب إخراجها على المسلم جبرًا لصيامه ويجوز إخراجها من أول يوم من أيام رمضان حتى قبيل صلاة عيد الفطر بِمقدار محدد، صاع من غالب قُوتِ البلد على كُلِّ نَفْسٍ من المسلمين؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما في «الصحيحين»: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرض زَكَاةَ الفِطْرِ من رمضان على الناس صاعًا من تَمْرٍ أو صاعًا من شعير على كل حُرٍّ أو عَبْدٍ ذكر أو أنثى من المسلمين، ويخرجها العائل عمَّن تلزمه نفقته.


وشرعها الله تعالى طُهْرَةً للصائم من اللغو والرفث، وإغناءً للمساكين عن السؤال في يوم العيد الذي يفرح المسلمون بقدومه؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذَا الْيَوْمِ».


ويجوز إخراج قيمتها نقودًا، وهو الذي عليه الفتوى الآن؛ لأن مقصود الزكاة الإغناء، وهو يحصل بالقيمة والتي هي أقرب إلى منفعة الفقير؛ لأنه يتمكن بها من شراء ما يحتاج إليه، ويجوز إعطاء زكاة الفطر لهيئة خيرية تكون كوكيلة عن صاحب الزكاة في إخراجها إلى مستحقيها.
أما زكاة المال فهي فرض وركن من أركان الإسلام تجب في مال المسلمين متى بلغ النصاب الشرعي، وحال عليه الحول، وكان خاليًا من الدَّيْن فاضلًا عن حاجة المزكِّي الأصلية وحاجة من تلزمه نفقته، والنصاب الشرعي قيمته: 85 جرامًا من الذهب عيار 21، بالسعر السائد وقت إخراج الزكاة، ومقدارها: ربع العشر. أي: 2.5% على رأس المال وما أضيف إليه من عائد إن حال على العائد الحوْل أيضًا، أما لو كان العائد يتم صرفه أولًا بأول فلا زكاة على ما يصرف.


وقد حدد الله تعالى مصارف الزكاة الثمانية في قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، أي: إنها لبناء الإنسان قبل البنيان، وللساجد قبل المساجد.

- هل يمكن التعجيل بإخراج زكاة المال لمساعدة متضرري كورونا؟
يشرع تعجيل الزكاة في هذه الآونة التي تمر بها مصر وبلاد العالم جراء انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، وقوفًا مع الفقراء وسدًّا لفاقة المحتاجين، وعملًا بالمصلحة التي تستوجب التعجيل كما ورد في السنة النبوية المطهرة.


وهذا هو مذهب جماهير الفقهاء وعليه العمل والفتوى؛ إظهارًا للمروءات في أوقات الأزمات، وثواب الزكاة المعجلة يكون في هذه الحالة أعظم، لما فيه من مزيد تفريج الكروب وإغاثة الملهوفين وسد حاجة المعوزين.


وجواز تعجيل إخراج الزكاة في أزمنة الأزمات كالقحط والأوبئة ونحوها، أخذه جمهور الفقهاء من السنة النبوية المطهرة، فعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: «أن العباس رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في ذلك».
 وكذلك ما روي عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمر رضي الله عنه على الصدقة، فأتى العباس رضي الله عنه يسأله صدقة ماله، فقال: «عجَّلت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدقة سنتين... فرافعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: "صدق عمي؛ قد تعجلنا منه صدقة سنتين».

- بعد تأجيل السعودية للعمرة .. هل التبرع بأموال العمرة للمحتاجين والعمالة الغير منتظمه يعوض ثواب العمرة؟
بكل تأكيد، في ظل ما تشهده مصر والعالم من جائحة فيروس كورونا القاتل، وما خلفته الأزمة من تداعيات اقتصادية أليمة تضرر منها كثير من الفقراء والعمالة غير المنتظمة، قد أطلقنا حملة في دار الإفتاء المصرية تحت اسم «كأني اعتمرت» ناشدنا من كانوا ينوون أداء العمرة هذا العام أن يتبرعوا بقيمتها للفقراء والمحتاجين والمتضررين من العمالة اليومية، فالتصدق في وقت الأزمات وفك كربات المحتاجين أرجى للثواب عند الله سبحانه وتعالى.


فالمعتمر يذهب بنفسه ويناجى ربه كشأن كل العبادات ينتفع بها لنفسه ويهذب نفسه ولكن للفقراء والمساكين وبإجماع الأئمة الأربعة والفقهاء أفضل، لأن عبادة الإنفاق فى سبيل الله وللفقراء منفعة متعدية، وأولى ممن منفعته قاصرة، ودفع الناس عما يمكن أن يصيبهم أفضل، والنصوص الشرعية فيها من السعة والمرونة ما يمكن أن تغطى مشكلات الناس.


نتمنى من الله أن تعم وتنتشر ويتم تفعيلها من خلال التبرع بهذا المبلغ أو بجزء منه إلى الدولة أو أعمال الخير لمواجهة فيروس كورونا والثواب سيكون مثل العمرة ويزيد لأن سد حاجة الفقير وإطعام الطعام وتفريج الكربات وهموم الناس في هذا الوقت ثوابه أعظم عند الله.

- مسألة تعليق صلاة الجمعة والجماعة تسببت في انقسام كبير بين الناس.. والبعض يروج إلى أن التواجد في المساجد لن يكون سببا في الإصابة.. فما ردكم؟
هذا القرار جاء إعلاءً لمقاصد الشريعة الإسلامية العليا التي أكدت على حفظ النفس وصيانتها من كل شر قد تتعرض له، والصحابة الكرام فطنوا إلى هذا الأمر وقت الأزمات وصلوا في بيوتهم عند حلول الكوارث الطبيعية وغيرها من الأسباب المانعة، فالصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنهما قال لمؤذنه في يوم مطير: «إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم»، قال: فكأن الناس استنكروا ذاك، فقال: «أتعجبون من ذا، قد فعل ذا من هو خير مني، إن الجمعة عَزْمة -أي: واجبة-، وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدَّحض -أي: والزلل والزلق».

- وماذا عن الصلاة فوق أسطح البنايات أو بالافتراش في الطرقات؟
كل هذه الدعوات دعوات هدامة قد تتسبب في كارثة انتشار المرض وعدم السيطرة عليه، ويجب شرعًا على المواطنين في كل البلدان الالتزامُ بتعليمات الجهات الطبية المسؤولة التي تقضي بإغلاق الأماكن العامة من مؤسسات تعليمية واجتماعية وخدمية، وتقضي بتعليق صلاة الجماعة والجمعة في المساجد في هذه الآونة؛ وذلك للحد من انتشار وباء فيروس كورونا الذي تم إعلانُه وباءً عالميًّا؛ حيث إنه مرض معدٍ قاتل، ينتقل بالمخالطة بين الناس وملامستهم بسهولة وسرعة، وقد يكون الإنسان مصابًا به أو حاضنًا له، دون أن يعلم بذلك أو تظهر عليه أعراضه.


ويحرم الإصرار على إقامة الجمعة والجماعات أو التحايل على هذه القرارات، تحت دعوى إقامة الشعائر والحفاظ على الفرائض، مع تحذير الجهات المختصة من ذلك، وإصدارها القرارات، فالمحافظة على النفوس من أهم المقاصد الخمسة الكلية، ويجب على المواطنين الامتثال لهذه القرارات الاحتياطية والإجراءات الوقائية التي تتخذها الدولة؛ للحد من انتشار هذا الفيروس الوبائي.

- ماذا عن الدعوات للذكر بشكل جماعي من الشرفات؟
أي دعوة لتجمّع المواطنين في الشوارع في ظل انتشار فيروس كورونا، هي دعوة خبيثة وحرام شرعًا ولا يُراد بها وجه الله، وعلينا الالتزام بما تُقرره السلطات المختصة لحماية الناس من الأوبئة والأمراض وهو واجب شرعي ووطني، ومَن يخرج عن هذه الإجراءات تحت أي ذريعة آثم شرعًا.

- ماذا عن صلاة التراويح في ظل غلق المساجد؟
أقول لمن انزعجوا من غلق المساجد وعدم تمكنهم من صلاة التراويح في المسجد لا تنزعجوا وصلوا التراويح في بيوتكم فرادى أو مع أسركم؛ لأن الالتزام بالقرارات الاحترازية هو عبادة شرعية يثاب الإنسان عليها.


وصلاة التراويح يجوز للمسلم أن يصليها في المنزل، وهو المطلوب الآن في ظل ما نمر به من ظروف هذه الفترة من انتشار فيروس كورونا، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاها في أول الأمر في المسجد جماعة، ثم أصبح يصليها في منزله خشية أن تفرض على الناس، وأول من جمع الناس على صلاتها في المسجد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

- صلاة العيد هل يمكن أن تلغى بسبب الإجراءات.. وماذا نفعل لو تم إلغاؤها؟
إذا ما قررت السلطات المختصة ذلك فعلينا شرعًا الالتزام التام بهذه التعليمات التي تقضي بإغلاق الأماكن العامة، وصلاة العيد سنة مؤكدة وليست واجبة ويجوز أداؤها في الجماعة ومن فاتته يسن له أن يصليها منفردًا، وفي حال إلغاءه يجوز صلاتها في المنزل بنفس هيئتها من غير خطبة.

- قبل الحظر.. في فتاوى الطلاق كنتم تلزمون الزوج الحضور إلى الدار، فماذا بعد الحظر وامتناعكم عن استقبال الجمهور؟
نظرًا لهذه الظروف يمكن للزوج الاتصال برقم دار الإفتاء المصرية 107، حيث تم تخصيص عدد من أمناء الفتوى المتخصصين في هذا النوع من الأسئلة، حيث يتم إحالته إليهم ومن ثم مناقشته في مسألة الطلاق، فإذا لزم الأمر يتم تحديد موعد له للحضور إلى الدار مع أخذ كافة الاحتياطات الوقائية.

- ماذا عن وصمة المرض والتنمر على المصابين بكورونا؟ وما حكم منع دفن شهداء كورونا؟
التنمر هو نوع من أنواع السخرية التي نهى عنها الله سبحانه وتعالى، لا يوجد أحد بالمجتمع بمنأى عن الإصابة بهذا المرض الخطير عافانا الله منه، والسخرية والتنمر من مصابي كورونا هو فعل محرم شرعًا ومرفوض إنسانيًا.


ولا يجوز لأي إنسان أن يحرم أخاه الإنسان من هذا الحق الإلهي  المتمثل في الدفن الذي قال الله فيه {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى}، ولا يجوز بحال من الأحوال ارتكاب الأفعال المُشينة من التنمر – الذي يعاني منه  مرضى الكورونا شفاهم الله أو التجمهر الذي يعاني منه أهل الميت رحمه الله عند دفنه.


 ولا يجوز اتباع الأساليب الغوغائية من الاعتراض علي دفن شهداء فيروس كورنا التي لا تمت إلى ديننا ولا إلى قيمنا ولا إلى أخلاقنا بأدنى صلة،  فإذا كان المتوفى قد لقي ربه متأثرا بفيروس كورونا فهو في حكم الشهيد عند الله تعالى لما وجد من ألم وتعب ومعاناة حتى لقي الله تعالى صابرًا محتسبا، فإذا كان المتوفى من الأطباء المرابطين الذي يواجهون الموت في كل لحظة ويضحون براحتهم بل بأرواحهم من أجل سلامة ونجاة غيرهم، فالامتنان والاحترام والتوقير في حقهم واجب والمسارعة بالتكريم لهم أوجب.


ويجب على من حضر من المسلمين وجوبا كفائيا أن يسارعوا بدفنه بالطريقة الشرعية المعهودة مع اتباع كافة الإجراءات والمعايير الصحية التي وضعتها الجهات المختصة لضمان أمن وسلامة المشرفين والحاضرين، وبما يضمن عدم انتشار الفيروس إلى منطقة الدفن والمناطق المجاورة، وفي الختام ندعو جميع المصريين، أن يعلموا جميعا على سد أبواب الفتن بعدم الاستماع إلى الشائعات المغرضة، وألا يستمعوا إلا لكلام أهل العلم والاختصاص.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة