يــاســر رزق
يــاســر رزق


ورقة وقلم

التحـرير الثانى

ياسر رزق

السبت، 25 أبريل 2020 - 08:36 م

 

٢٩٠ مليون جنيه يوميًا متوسط إنفاق جمهورية السيسى على مشروعات تنمية سيناء، بجانب نفقات أخرى هائلة فى معركة دحر الإرهاب

فى ٦ سنوات، أنفقت جمهورية السيسى ٦٠٠ مليار جنيه، على مشروعات تطوير سيناء.
كل كيلومتر مربع من أرض سيناء إذن، أنفق عليه نظام ٣٠ يونيو ١٠ ملايين جنيه.
وكل مواطن من أبناء سيناء صار نصيبه مليون جنيه من قيمة تلك المشروعات.
٦٠٠ ألف مليون جنيه جرى صرفها فى ٧٠ شهراً من أجل تنمية ٦٪ من مساحة مصر، هى أرض سينين، أو أرض القمر، أو سيناء الحبيبة.
مبلغ هائل، فى فترة وجيزة..!
إذا كان مجد السيسى كبطل شعبى، هو تلبية نداء الشعب فى ثورة ٣٠ يونيو، والانحياز لإرادة الجماهير بإصدار بيان ٣ يوليو، فإن مجد السيسى الرئيس هو ذلك الإنجاز المهول فى شبه جزيرة سيناء، من تنمية شاملة، بشرية وعمرانية واقتصادية، ومن عملية استنقاذ بطولية لهذه البقعة الغالية من أرض مصر التى  كان يراد لها مصير آخر..!
هذا هو التحرير الثانى لسيناء.
تحرير من العزلة والتخلف والإرهاب، بعد التحرير الأول لها الذى احتفلنا أمس بعيده الثامن والثلاثين.
< < <
ذلك اليوم، الخامس والعشرون من إبريل ١٩٨٢ مازلت أذكر وقائعه جيدا، وكأنها حدثت بالأمس، حينما شاهدت على شاشة التليفزيون ككل المصريين، اللواء يوسف صبرى أبو طالب محافظ شمال سيناء  - حينذاك - يرفع علم مصر فوق رفح، واللواء فؤاد عزيز غالى  محافظ جنوب سيناء يرفع علم مصر فوق شرم الشيخ، إيذانا برحيل آخر جندى  إسرائيلى من على أرض سيناء.
والرجلان كانا من  رموز العسكرية المصرية فى حرب أكتوبر التى أذلت العدو الإسرائيلى وحطمت غروره وأرغمت أنفه على رمال سيناء.
ولقد أسعدنى الحظ أن عشت، ورأيت رأى العين، كصحفى أتشرف بالانتماء لهذه الجريدة، كل الأيام المجيدة التى مرت على سيناء خلال السنوات الماضية.
أذكر يوم حضرت استلام قواتنا المسلحة مدينة طابا التى تحررت بعد مفاوضات دامت أكثر من ٦ سنوات، وكان ذلك فى ١٦ مارس ١٩٨٩، حينما قام العميد أركان حرب شوكت طلعت نائب رئيس جهاز الاتصال العسكرى برفع علم مصر عند نقطة العلامة الحدودية رقم (٩١).
وأذكر بعدها بثلاثة أيام، حين شاهدت الرئيس الراحل حسنى مبارك يرفع العلم المصرى فى قلب طابا فى احتفال رسمى مهيب.
< < <
أذكر يوم السادس من أغسطس ٢٠١٤،حينما أعطى الرئيس عبدالفتاح السيسى إشارة البدء فى مشروع ازدواج قناة السويس، بعد ٦١ يوما فقط من تسلمه منصب الرئيس، ودخوله قصر الاتحادية.
أذكر بعدها بعام يوم افتتاح القناة الجديدة، ثم أيام تدشين وافتتاح المشروعات العمرانية والصناعية والزراعية والسمكية وأنفاق الاسماعيلية وبورسعيد عبر قناتى السويس.
وها هو الرئيس يشهد يوم الأربعاء، إنجازا جديداً هو الانتهاء من شق النفق الخامس الذى يجرى إنجازه فى عهده والنفق السادس بين سيناء والوادى عبر قناة السويس، وهو نفق (الشهيد أحمد حمدى - ٢)، ومعه يفتتح محطة معالجة مياه مصرف المحسمة العملاق لرى مئات الآلاف من الأفدنة على أرض سيناء.
< < <
مفاجأة سارة، عاشها المصريون فى ذلك اليوم، وهم يشاهدون نتاج عمل وعرق وعزم الرجال، الذى لا يقمعه حظر ولا توقفه مخاوف..!
غير أن هناك مناسبتين لا تغيبان عن وجداني، بشأن سيناء خلال السنوات الماضية.
الأولى.. حينما سمعت من اللواء أركان حرب عبدالفتاح السيسى مدير المخابرات الحربية فى مكالمة هاتفية خلال أحد أيام ربيع عام ٢٠١١، تفاصيل ما جرى فى ليلة ٢٨/٢٩ يناير من ذلك العام، بتخطيط ودراسة وترجيح منه، لمنع سقوط شمال سيناء تحت احتلال ميليشيات الارهاب. وعرفت منه كيف تدفقت القوات الميكانيكية والمدرعة فى (لا وقت) لفرض السيطرة والسيادة المصرية على المنطقة (ج) شمال سيناء.
 أما الثانية.. فكانت منذ ٢٥ شهراً بالضبط،حينما زار الرئيس السيسى قاعدة المليز الجوية وهو يرتدى الزى الميدانى للقائد الأعلى للقوات المسلحة (أوفرول المشير) وزار معها المطار المدنى الجديد الذى كان يجرى تدشينه على مقربة من القاعدة.
أروع ما شاهدته وزملائى فى تلك الزيارة، هو وجود أحدث المقاتلات متعددة المهام طراز (اف - ١٦) من بلوك ٥٢ المتطور داخل هناجر القاعدة، وتحليقها فى سماء المنطقة، وكانت تلك أول مرة تدخل فيها مقاتلات (ثابتة الأجنحة) إلى هذه البقعة من سيناء جنوب غرب العريش منذ يوم ٤ يونيو ١٩٦٧.
ذلك الإنجاز فى رأىى لا يقل عظمة، عن إنجازات البناء والتشييد والعمران ومد بساط الخير الأخضر على أرض سيناء.
ولا يقل أيضا عن إنجاز هزيمة ميليشيات الإرهاب المدعومة إقليمياً (على الأقل) بالمال والسلاح والعناصر المسلحة على أرض شمال سيناء، ومحاصرة ما تبقى منها فى أوكارها المعزولة حيث مقتلها القريب العاجل بإذن الله على أيدى الصناديد البواسل.
< < <
بصراحة، لم أكن أتخيل، ولا غيرى من الزملاء الصحفيين والإعلاميين، ولا كثير من المسئولين، حجم الإنفاق الهائل على مشروعات التنمية على أرض سيناء البالغ ٦٠٠ مليار جنيه خلال ٧٠ شهراً فقط، ولم نعرف به على وجه الدقة إلا حينما سمعنا الرقم من الرئيس السيسى.
ذلك أن كل مسئول عن قطاع معين، كان يقصر حديثه عن سيناء، على المشروعات التى تولتها الجهة التى يترأسها والاعتمادات المالية التى أنفقتها عليها، دون أن يتناول المشروعات فى مجملها فى هذا القطاع.
لذا وجدنا الرئيس يطالب المسئولين حينما يتحدثون عن مشروعات التنمية بشكل عام، بأن يشيروا إلى إجمالى نفقات الدولة بكل جهاتها فى القطاعات التى يعملون فيها، ثم يوضحوا المبالغ التى أنفقتها جهاتهم على المشروعات التى تتولاها.
< < <
٦٠٠ ألف مليون جنيه، هو بحق مبلغ هائل، يتم إنفاقه على تنمية سيناء والقفز بها إلى مكانة أخرى مختلفة، فى غضون مدة تقل عن ٦ سنوات.
المشروعات التى أنجزت على أرض سيناء تقدر بالآلاف، لكن هذا التقدير العددى، يضع مشروعاً هائلا عملاقاً خالداً، كازدواج قناة السويس، بجانب مشروعات أخرى صغيرة عند الحصر الرقمى.
غير أن اللجوء لحساب متوسط الإنفاق اليومى على تلك المشروعات، ربما يزيد حجم الإعجاز المهول اقترابا من الأذهان.
فقد أنفقت الدولة فى عهد جمهورية السيسى حتى الآن ٢٩٠ مليون جنيه يوميا على مشروعات تنمية سيناء.
بجانب نفقات أخرى هائلة تكبدتها البلاد، غير الأرواح والدماء الغالية، فى معركة تطهير شمال سيناء من الإرهاب التى تعد أطول المعارك التى خاضتها البلاد فى مواجهة عدو يستهدف القتل والتخريب وبث الرعب فى نفوس المصريين.
< < <
لست بصدد إجراء حصر تفصيلى لمشروعات التنمية التى أنجزت على أرض سيناء فى جمهورية السيسى حتى الآن، لكن ليس من الإنصاف أن أمُرُّ عليها مرور الكرام، دون أن أشير إلى أهمها وأكثرها تأثيراً على حياة المصريين وفى القلب منهم أبناء سيناء ومدن القناة.
ربما يفوت على الكثيرين، أن ثلث عدد المدن الجديدة التى يجرى إنشاؤها على أرض مصر تقع فى سيناء.
على رأسها مدينة الإسماعيلية الجديدة المخطط لها أن تضم ٥٧ ألف وحدة سكنية، والتى تقع فى المكان الذى كانت تقف عليه حصون خط بارليف، قبل أن يدكها المقاتل المصرى دكاً دكاً، منذ نحو ٤٧ عاماً مضت.
كذلك مدينة «سلام مصر» شرق بورسعيد، ومدينة السويس الجديدة، ومدينة بئر العبد الجديدة، ومدينة رفح الجديدة.
هناك غير تلك المدن، تجمعات عمرانية فى ١١ منطقة بشمال ووسط سيناء، وتوسعات إسكانية فى مدن الشمال والجنوب، وعشرات المستشفيات والوحدات الصحية والمدارس، بجانب إنشاء محطات كبرى لتحلية مياه البحر وأخرى لتحلية مياه الآبار، لخدمة المناطق الجديدة والمدن والقرى.
ولتحقيق الربط بين مناطق ومدن سيناء، تم إنشاء وتطوير عشرات الطرق بأطوال تزيد على ٣ آلاف كيلو متر.
ومن أهم المشروعات، إنشاء مجمعات للصناعات الثقيلة فى العريش وبئر العبد والمليز وأبو زنيمة، ومجمعات للمشروعات الصغيرة بعدد من مدن جنوب سيناء على خليجى السويس والعقبة ومن أهم المصانع الجديدة فى سيناء مجمع الأسمنت ومجمع إنتاج الرخام بوسط سيناء، وهما من أعمدة القطاع العام الجديد الذى تقيمه جمهورية السيسى.
ولا شك أن إنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس سوف يسهم فى تغيير حياة أبناء القناة وسيناء وغيرهم من المصريين، بما تضمه من مشروعات واعدة للصناعات الثقيلة والمتوسطة والخدمات اللوجيستية.
فى مجال الزراعة.. يجرى العمل على استزراع ٤٠٠ ألف فدان، ربما تصل إلى نصف مليون فدان على المياه الآتية عبر سحارة سرابيوم، وتلك المعالجة والمنقاة من مياه الصرف الزراعى المتدفقة من مصرفى المحسمة وبحر البقر.
هناك فائدة أخرى لمعالجة مياه مصرف المحسمة، هى توقف صرف تلك المياه فى بحيرة التمساح التى تشاطئها مدينة الإسماعيلية، ومن ثم عودة النقاء إلى تلك البحيرة الجميلة وتحويلها إلى مزرعة طبيعية كبرى للأسماك الصحية عالية الجودة.
شرق القنطرة فى شمال سيناء، توجد المزرعة السمكية الكبرى على مساحة ١٦ ألف فدان، التى توفر كميات من أجود وأفضل نوعيات الأسماك، جنبا إلى جنب مع بحيرة البردويل التى يجرى تطهيرها وتطويرها لتعود خيرا مما كانت كأهم بحيرات إنتاج الأسماك فى مصر.
بجانب مطار المليز، هناك موانئ يجرى إنشاؤها كميناء شرق بورسعيد المحورى، وأخرى يجرى تطويرها كموانئ العريش والطور وشرم الشيخ.
وإذا كان مشروع ازدواج قناة السويس هو أبرز المشروعات العملاقة على أرض سيناء، وإذا كانت مشروعات الأنفاق الخمسة الجديدة هى أهم مشروعات ربط الوادى بسيناء منذ إنشاء القناة، فإن الدولة قد أنشأت عددا من الكبارى العائمة لتيسير حركة السيارات والشاحنات، وقامت بتحديث كثير من المعديات التى تربط شاطئىّ القناة على طول مجراها لتسهيل انتقال الأفراد والمركبات.
وهناك مشروع لمد كوبرى الفردان الحديدى عبر القناة الجديدة، وإعادة إنشاء الخط الحديدى الذى جرى السطو على قضبانه خلال الأحداث المواكبة لثورة ٢٥ يناير.
< < <
هذا هو التحرير الثانى لسيناء، نراه يتحقق على يدى السيسى.
تقترب سيناء من دحر الإرهاب، بعدما ودعت التخلف التنموى، وانطلقت فى رحاب التقدم والنهضة، وبعدما ودعت العزلة التى كتبت عليها منذ شق قناة السويس فى العقد السادس من القرن التاسع عشر وانطلقت تعانق الوادى بالأنفاق العملاقة وكبارى العبور.
أدت الدولة واجبها.
أنشأت الموانئ والمطارات والطرق وأقامت المدن والتجمعات العمرانية ومحطات الكهرباء والمياه والصرف وغيرها من مشروعات وبنى تحتية لا يقدر عليها القطاع الخاص.
وأنشأت أيضا مصانع ومزارع ومنشآت إنتاجية واقتصادية، أعلنت استعدادها لكى يشاركها القطاع الخاص فى ملكيتها وفى إدارتها.
< < <
يوم الأربعاء الماضى، سمعنا الرئيس السيسى يدعو رجال الأعمال والمستثمرين المصريين والأجانب إلى المشاركة فى تلك المشروعات الانتاجية والخدمية التى أقيمت فعلا على أرض سيناء، بأفضل مواصفات، ووفق أحدث تكنولوجيا.
سمعنا الرئيس يقول إن هذه هى المرة الثالثة التى يوجه فيها هذه الدعوة، دون أن يلمس استجابة.
ربما كانت المرة الرابعة، إذا أضفنا إليها مرة أولى كانت فى حوار للرئيس شاركت فيه مع رئيسى تحرير الأهرام والجمهورية منذ قرابة ٤ سنوات.
رأيى وقد قلته كتابة وفى برامج تليفزيونية أن مجتمع الأعمال المصرى فى جانب كبير منه وربما فى معظمه قد خذل  ثورة ٣٠ يونيو.
فلقد وجدنا عددا من رجال الأعمال كان مأمولا منهم أن يقودوا حركة الاستثمار على أرض مصر، لم يبادروا، ولم يباشروا المنتظر منهم.
بل سمعنا من بعضهم شكاوى من أن الدولة تغلق الطرق عليهم وتنافسهم فى إنشاء مشروعات هى من صميم تخصص القطاع الخاص..!
الآن النوافذ التى قالوا إنها مغلقة دونهم، مفتوحة على مصاريعها ومعها كل الأبواب.
أعلنها الرئيس السيسى من قبل وها هو يعلنها مجددا.
< < <
أتوقع من الحكومة أن تشكل لجنة من الجهات المختصة بالملكية العامة لمشروعات سيناء وغيرها من المشروعات المقامة فى الدلتا والوادى، لوضع قواعد وشروط المساهمة ونقل الملكية وكيفية التسعير لكل مشروع أو وحدات المشروعات حسب طبيعتها وأسلوب طرحها للبيع أو المشاركة، وغير ذلك من متطلبات.
ولعلى أتوقع من منظمات الأعمال كاتحاد الصناعات وجمعيات المستثمرين أن تدعو أعضاءها إلى اجتماعات عبر الوسائط الرقمية، دون انتظار زوال فيروس كورونا المستجد، للتداول فى شأن دعوة الرئيس السيسى وتلبيتها.
وأعتقد أن مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادى السنوى المقبل، الذى نتعشم أن يعقد فى الخريف المقبل بإذن الله، سوف يناقش بوصفه أهم المحافل الاقتصادية فى مصر، تلك القضية، ونأمل أن نكون قد قطعنا فيها خطوات.
لقد قلت إن مجتمع الأعمال فى جانب كبير منه خذل ثورة ٣٠ يونيو.
أتمنى أن يثبت رجال الصناعة والإنتاج والخدمات أننى على خطأ، وأنهم لن يخذلوا تطلعات الوطن منهم قولا أو كتابة أو عملا..!
المجد لكل من أسهم بالدماء والتضحيات والجهد من أجل أن يتحقق التحرير الأول لسيناء.
والتحية والعرفان للرجل قائد مسيرة التحرير الثانى.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة