جـلال عـارف
جـلال عـارف


فى الصميم

جونسون الآخر.. !!

جلال عارف

الإثنين، 27 أبريل 2020 - 08:27 م

عاد بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا لممارسة مهام منصبه بعد التجربة الأليمة التى مر بها مع إصابته بفيروس «كورونا» تحدث «جونسون» فبدا وكأنه رجل آخر غير هذ الذى كان يقود بريطانيا فى بداية الأزمة والذى كان منحازا يومها لوجهة النظر التى تنادى باكتساب «المناعة المجتمعية» فى مواجهة الفيروس والتى اطلق عليها البعض هذه التسمية البغيضة «مناعة القطيع».. أى ترك الفيروس ينتشر ويحصد  أرواح البعض لكى تزداد المناعة عند الآخرين!!
كان الرجل قد تراجع مبكرا عن هذا الموقف بعد المعارضة الشديدة وبعد أن أدرك فداحة الثمن الذى يقترحه والذى يعنى أن يحصد الوباء أرواح الملايين فى بريطانيا. ثم كانت مفاجأة اصابته بالفيروس  ووصوله لمرحلة الخطر الشديد حتى تم انقاذه بعد أيام فى العناية المركزة.
التجربة صعبة خاصة حين يصل الفيروس أيضا لأم طفله الذى ينتظره لم يترك رهن «سياسة القطيع» التى كان أقرب لها يوما بل كانت الرعاية الطبية له ولأسرته حتى أراد الله له ولأم طفله النجاة عاد أخيرا لموقعه الرسمى ليقود المواجهة مع الفيروس الشرس ووسط جدل حول الخطوات القادمة ودعوات لإلغاء القرارات الاحترازية وعودة المجتمع للحياة الطبيعية.
مع استئناف عمله تحدث الرجل إلى مواطنيه. لم يكن هو الرجل الذى طالبهم قبل ذلك بالاستعداد لتوديع أحبابهم  بل كان الرجل الخارج بمعجزة من مواجهة الموت المدرك لحجم الخطر ولضرورة اتخاذ كل ما تتطلبه حماية أرواح الناس. رفض التسرع فى إلغاء القرارات الاحترازية قال للمواطنين انهم على وشك النجاح فى المرحلة الأولى من المواجهة ـ لكن الخطر  كبير وإذا حدثت الانتكاسة وعادت أعداد الضحايا للتصاعد فستكون البلاد أمام كارثة وسيتوقف الاقتصاد تماما. وستكون الموجة الثانية أكبر من طاقة البلاد على المواجهة.
كانت الرحلة مؤلمة لكنها كانت الطريق بين جونسون الذى يطالب الناس بالاستعداد لتوديع الأحباب وبين  جونسون الآخر الذى يقول بحسم : أريد ان أحرك الاقتصاد بأسرع ما يمكن لكن أرفض التضحية بالشعب فى سبيل ذلك.
ما أضعف الإنسان، وما أقوى الإنسانية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة