طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري
طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري


خاص| التفاصيل الكاملة لطلب مصر قرض من صندوق النقد الدولي لمواجهة «فيروس كورونا»

شيماء مصطفى

الثلاثاء، 28 أبريل 2020 - 02:36 ص

 

تسبب انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، في إحداث ضربة موجعة لقلب الاقتصاد العالمي، والتأثير سلبيا على معدلات النمو الاقتصادي عالميا، بل أن صندوق النقد الدولي توقع حدوث كساد أسوأ من الكساد العظيم الذي حدث في ثلاثينات القرن الماضي، في حالة استمرار الأوضاع كما هى دون علاج.

وتضررت العديد من اقتصاديات البلدان النامية، مما أدى لتراجع معدلات النمو بها، ومن بينها مصر، رغم أن الإصلاحات الاقتصادية التي بدأت مصر تنفيذها منذ ما يقرب من 4 سنوات، بجانب الإجراءات الاحترازية التي نفذتها الدولة المصرية ساهمت في إنقاذ الاقتصاد المصري من أزمة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19.

ولكن للحفاظ على ما تحقق من إنجازات لجأت مصر لصندوق النقد الدولي، وطلب البنك المركزي والحكومة المصرية مساعدة مالية من الصندوق من خلال "أداة التمويل السريع" (RFI) واتفاق الاستعداد الائتماني (SBA).

تستعرض بوابة أخبار اليوم في هذا التقرير التفاصيل الكاملة لطلب مصر الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لمواجهة التأثيرات السلبية لتداعيات «فيروس كورونا» على الاقتصاد المصري.

أعلنت الحكومة المصرية، في 26 أبريل الجاري، أنها ستبدأ مباحثاتها مع صندوق النقد الدولي لمناقشة الخطوات التنفيذية للحصول على قرض من الصندوق- مساعدة مالية من الصندوق من خلال "أداة التمويل السريع" (RFI) واتفاق الاستعداد الائتماني (SBA)، خلال الأيام القليلة المقبلة.

تفاصيل البرنامج الجديد مع صندوق النقد الدولي..

 

قال رامي أبو النجا نائب محافظ البنك المركزي المصري، في تصريحات خاصة لبوابة أخبار اليوم، إنه حتى الآن لم يتم الاستقرار على قيمة (القرض) التمويل من خلال أداة التمويل السريع، واتفاق الاستعداد الائتماني الذي طلبته الحكومة المصرية والبنك المركزي من صندوق النقد الدولي، موضحا أن البرنامج الجديد لن يمثل أى ضغوط على الدين الخارجي لمصر، بل يستهدف الحفاظ على مكتسبات الإصلاح الاقتصادي المصري.

وأكد رامي ابو النجا، أن الحكومة المصرية هى التي ستحدد القطاعات التي سيتم توجيه هذا التمويل لها، قائلا:
"الحكومة تحدد الاحتياجات حسب رؤيتها".

وأضاف نائب محافظ البنك المركزي المصري، أنه لا يوجد تعارض بين الحصول على قرض جديد من الصندوق وبدء سداد مصر لقرض ال12 مليار دولار، خاصة أن البنك المركزي يلتزم بسداد المديونيات في مواعيدها، موضحا أن التمويلات الدولية تكون منخفضة الفائدة خاصة بالنسبة للقروض الممنوحة في ظل هذه الأزمات، كما أنها متوسطة الأجل، أى أنه يتم سداد هذه التمويلات على مدة متوسطة وليست قصيرة الأجل.

وأشار رامى أبو النجا، إلي أن الاتفاق الجديد يتضمن -أداة التمويل السريع- يتيح لمصر الحصول على حزمة تمويلية عاجلة وسريعة من صندوق النقد الدولى، بدون شروط بناء على مؤشرات الاقتصاد المصري، ومن المتوقع حصول مصر على الدفعة الأولى خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وتابع نائب محافظ البنك المركزي المصري، أن الاتفاق الجديد يتضمن أيضا، اتفاق الاستعداد الائتمانى، وهو يشبه برنامج تمويل الإصلاح الاقتصادي- قرض ال12 مليار دولار - ويصرف على شرائح خلال فترة لا تتجاوز العام، ويتم تسديد القرض على آجال ممتدة -قرض طويل الأجل-.

لماذا طلبت مصر قرض من صندوق النقد الدولي لمواجهة التداعيات السلبية لفيروس كورونا؟

عملت الحكومة المصرية منذ بدء ظهور فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 في مصر، على التركيز على تداعيات فيروس كورونا، بالتوازي مع محور الاقتصاد المصري، للحفاظ على المُكتسبات الكبيرة التي تحققت خلال السنوات الماضية، فيما يخص الإصلاحات الاقتصادية التي حققت نجاحات كبيرة أشاد بها العالم كله، بما مكننا من الوقوف على أرض صلبة في مواجهة التداعيات السلبية الكبيرة المصاحبة لفيروس كورونا، والتي أثرت سلباً على كل اقتصاديات العالم، بما فيها مصر.

وأنهت مصر منتصف العام الماضي برنامجها مع صندوق النقد الدولي «تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي- قرض ال12 مليار دولار»، وأعلنت مصر وقتها عدم حاجتها لدعم مالي من الصندوق، وأنها مستمرة في التعاون معه ومع البنك الدولي لتنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي من خلال دعم فني فقط، ولكن بعد مرحلة تداعيات فيروس كورونا، ظهر الاحتياج لأن يكون هناك دعم مالي إلى جانب الدعم الفني.

وأعلن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء في مؤتمر صحفي يوم الأحد الماضي، أن الحكومة على عهدها تتحرك من إدراك لطبيعة المرحلة الإستثنائية التي يمر بها العالم، وتفرض آثارها السلبية على الاقتصاد العالمي، ورغبة في الحفاظ على المُكتسبات التي تحققت، فإن هذه الخطوة تعدُ إجراء إحترازياً، فلا أحد حتى هذه اللحظة يستطيع أن يجزم بميعاد إنتهاء هذه الأزمة، والتي تفرض تداعياتها الكبيرة محلياً على قطاعات مثل السياحة والطيران، وقد تمتد إلى المتحصلات من النقد الأجنبي.

وشدد الدكتور مصطفى مدبولي، على أن الاقتصاد المصري نجح في الصمود بفضل الإجراءات التي اتخذتها الدولة خلال السنوات الأربع الماضية، وهو الأمر الذي يظهر جلياً  في  توافر السلع، وعدم إهتزاز أسواق النقد، على النحو الذي عانت منه بعض الدول خلال الفترة السابقة، لافتاً إلى أن الحُكومة تتحسب للمُستقبل، وتتخذُ خُطوة احترازية تجنباً لأية تداعيات، لذا ستبدأ مباحثاتها مع الصندوق لمناقشة الخطوات التنفيذية خلال الأيام القليلة.
 

من جانبه أكد طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، أن صندوق النقد الدولي متحمس للتعاون مع الحكومة المصرية، لإن الاقتصاد المصري يملك مصداقية كبيرة بسبب النجاح المتميز للبرنامج الاقتصادي، مشيراً إلى أن برنامج التمويل لمدة سنة فقط، ويتيح الاستفادة من تمويل جديد.

وتابع طارق عامر، أن الاحتياطات النقدية من العملات الأجنبية الموجودة لدى البنك المركزي تستطيع تحمل الصدمات -صدمات أزمة فيروس كورونا لمدة سنة أو اثنين-، قائلا: "كنا نصدر سندات دولية لتعظيم الاحتياطيات لكثرة الاضطرابات في الأسواق العالمية".

وأضاف محافظ البنك المركزي، أن القطاع المصرفي المصري استعاد الكثير من قوته خلال السنوات الماضية، ويتمتع بمزايا جعلته قادراً اليوم على القيام بدور كبير في الأزمة الراهنة، موضحاً أن القطاع المصرفي تمكن على مدار السنوات الماضية من بناء رؤوس أموال البنوك واحتياطاتها بشكل كبير لتصل اليوم إلى حوالي 450 مليار جنيه، كما يملك القطاع المصرفي مبالغ سيولة بأكثر من تريليون جنيه.

وأشار طارق عامر، إلى أن هذا الوضع في القطاع المصرفي مكنه من مساندة القطاع الخاص في السوق، ومساندة القطاع الحكومي، والمواطنين بالنسبة للخدمات المصرفية والتمويل والادخار، نتيجة استباق الأحداث وعدم انتظار مفاجآت تنتج عن الأزمات.

وبالنسبة للوضع النقدي، أوضح محافظ البنك المركزي، أن الحكومة المصرية مع البنك المركزي، وبالتعاون مع مؤسسات دولية، اتخذت اصلاحات اقتصادية ضخمة، كانت ناجحة للغاية، وأشاد بها الجميع في الخارج، وكانت سبباً في قدوم الأسواق وتدفق الأموال إلى السوق المصري من كل اتجاه، وفتحت أمامنا مجالات كبيرة للتمويل الدولي، وأصبح لدينا مرونة كاقتصاد في الحصول على التمويل الدولي، ومجال لتعويض الخسائر في بعض القطاعات التي تتضرر جراء الاحداث وعلى راسها قطاع السياحة.

 ماذا قال صندوق النقد الدولي عن طلب مصر قرض لمواجهة أزمة كورونا؟


قالت كريستالينا غورغييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي، إن اقتصاد مصر تأثر بفيروس كورونا المستجد -جائحة كوفيد-19، كما حدث في كثير من بلدان العالم، وما ارتبط بها من ركود اقتصادي، واضطراب في الأسواق المالية.

وأضافت: "لقد قام الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته بتحرك عاجل وحاسم لمواجهتها، باتخاذ تدابير للحد من انتشارها وتقديم الدعم للمتضررين من الأفراد ومؤسسات الأعمال.. كذلك نفَّذ البنك المركزي المصري تدابير في الوقت المناسب لدعم الاقتصاد المحلي".

وتابعت: "لمساندة هذه الجهود واحتواء الأثر الاقتصادي والمالي للجائحة، طلب البنك المركزي والحكومة المصرية مساعدة مالية من الصندوق من خلال "أداة التمويل السريع" (RFI) واتفاق الاستعداد الائتماني (SBA). ويسمح التمويل الطارئ من خلال "أداة التمويل السريع" للحكومة بمعالجة احتياجات ميزان المدفوعات العاجلة ودعم القطاعات الأشد تضررا وفئات المجتمع الأكثر هشاشة".

وقالت كريستالينا غورغييفا، أتوقع أن يتم عرض طلب الاستفادة من "أداة التمويل السريع" على المجلس التنفيذي للصندوق خلال الأسابيع المقبلة."

وأشارت إلي أن خبراء صندوق النقد الدولي يعملون مع الحكومة المصرية لدعم سياساتها الاقتصادية الكلية القوية من خلال "اتفاق الاستعداد الائتماني.

وتابعت: "نحن نؤيد كل التأييد ما تهدف إليه الحكومة من حماية المكاسب الكبيرة التي تحققت في ظل اتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي استمر 3 سنوات وتم استكماله بنجاح في العام الماضي، وإذا تمت الموافقة على هذه الحزمة الشاملة من الدعم المالي، فسوف تعزز الثقة في الاقتصاد المصري، وتحقق تقدما أكبر في حماية فئات المجتمع الأكثر هشاشة، وتُرسي الأساس لتعافٍ اقتصادي قوي، كما أنها من شأنها أيضا أن تؤدي إلى تسريع جهود مصر الإصلاحية الرامية إلى دعم تحقيق النمو المستدام والغني بالوظائف على نطاق واسع."

يذكر أن الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أكد أن الوضع الحالي والجهد الكبير الذي قامت به الدولة المصرية خلال السنوات الأربع الماضية، منذ بدء منظومة الإصلاح الاقتصادي، هو الذي أدي إلى وجود ثقة في الدولة من كل المؤسسات الدولية، وهو ما جعل هذه المؤسسات تُبادر بالترحيب بمساعدة ودعم مصر، حرصاً منها على استمرار نجاح هذه التجربة التي تعتبرها المؤسسات الدولية "نموذجاً" يجب أن تحتذي به دول العالم النامي.

وقال رئيس الوزراء: "إننا كمجموعة اقتصادية كنا حريصين على وضع سيناريوهات في حالة استمرار هذه الأزمة لمدي زمني طويل، قائلاً: "يجب أن نكون مُتحسبين، ونتخذ إجراءات احترازية واستباقية نضمن بها عدم حدوث أي تأثر في الاقتصاد المصري، ولا يحدث أيضاً أي تأثير سلبي على المكتسبات التي تمكننا من تحقيقها والتي أصبح المواطن قادراً على الشعور بها، مثل ثبات الأسعار والأسواق، ووجود وفرة من السلع والخدمات".

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة