صورة موضوعية
صورة موضوعية


«خادمات» بلا ضمانات.. أجور فلكية وظلم اجتماعي في غياب القانون

أسامة حمدي

الجمعة، 01 مايو 2020 - 04:36 ص

 

- أسعار الخادمات تبدأ من 4000 جنيه وحتى 5.500 جنيه.. والضمانات من مكتب التشغيل

- «مهران»: المهنة تفتقد لقانون ينظمها وتأمينات اجتماعية وعقود عمل ولا يمكن تأسيس نقابة

«سعفان»: لا يخضعن لقانون العمل ودخول البيوت يحتاج إذن نيابة.. وسنعد قانون جديد

- «سعد الدين»: مكاتب التشغيل لا تخضع لرقابة القوى العاملة.. والتصاريح من «الاستثمار»

- «هلال»: سوء معاملة الخادمات يصنع الحقد والجرائم.. والعدالة بين الطبقات «ضرورة»

 

لكل منا دُنياه ونمط حياته التي اعتاد عليها، وما تراه من منظورك محض رفاهية وترف، يراه آخرون ضرورة ملحة لا استغناء عنها - خاصة إذا كانت الزوجة عاملة ولديها أبناء - إذ تتزاحم الأعمال المنزلية، ومتطلبات الأبناء عليها، مع انشغالها بالتزامات العمل، هذا هو الحال عند الاستعانة بـ«خادمة» في المنزل وحتمية وجودها مع أسرتك.

في هذا السياق تعرض «بوابة أخبار اليوم» أسعار الخادمات المصريات والأجنبيات، والقانون الذي ينظم عملهن في مصر وهل يخضعن لقانون العمل أم لا؟ وضمانات الاستعانة بخادمة بمنزلك، ومدى إمكانية إنشاء نقابة تدافع عن حقوقهن وتحاسب من تجاوز، ونظرة المجتمع لهن، ودوافعهن لارتكاب بعض الجرائم التي انتشرت مؤخرا في البيوت المصرية، ولاسيما حقوقهن المهدرة في مصر.

أسعار الخادمات

في اتصال هاتفي لـ«بوابة أخبار اليوم» بأحد مكاتب تشغيل العمالة المنزلية والخادمات ومربيات الأطفال، كان الرد: «يوجد لدينا خادمات مصريات وأجانب، وإذا كنت ترغب في إقامة كاملة للخادمة معك يكون الراتب للمصرية 4000 جنيه، والأجنبية 5000 جنيه، وجنسياتهن من أثيوبيا، وتجيد اللغة العربية، والأجنبيات لا تعملن بنظام الـ8 ساعات فقط وهو الـPart Time وإنما إقامة كاملة، وإذا كانت مصرية وتعمل بنظام الـ8 ساعات فقط يكون الراتب 3000 جنيه».

أما الضمانات التي تحصل عليها هو عقد من المكتب باستلام شغالة وبنود متفق عليها، وبطاقتها الشخصية، ويحصل المكتب على عمولة بمقدار شهر لأجر الخادمة فإذا كان أجر الخادمة 5000 جنيه يحصل المكتب على هذا المبلغ، وإذا تركت العمل من حقك استبدالها من المكتب بخادمة آخرى دون دفع رسوم جديدة، وتحصل على إجازة 4 أيام في الشهر، وتوفر لها «مرتبة» أو سرير أو مكان للنوم الآدمي، وتحدد للمكتب إذا كنت تريدها لخدمة الأطفال فقط أو النظافة فقط أو كلاهما، فإذا كانت مصرية السعر لن يختلف، وإذا كانت أجنبية يكون الراتب 5.500 جنيه خاصة إذا كانت ستخرج مع الأطفال للنادي، والأجنبية لديها تصاريح عمل من الـUN».

وفي اتصال هاتفي آخر بأحد مكاتب تشغيل الخادمات، كان رد المكتب: «الخادمة تدفع لها بالجنيه المصري، ولدينا جنسيات من أثيوبيا وإريتريا، وإذا كنت ترغب في إقامة كاملة معك في المنزل يكون الراتب 4500 جنيه، والخادمة تجيد اللغة العربية، ويجب توفير مكان جيد لها  للنوم، أما المصريات لا نقم بتشغيلهن، وتحصل على ضمانات كأوراق المكتب وصورة أوراق الـ UN الخاصة بالخادمة، إذ تحمل أوراق لجوء من الأمم المتحدة».

الخادمات وقانون العمل

نص قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على أن العمال المنزلية مستثناة من القانون ولا ينطبق عليها، وكذا لم يشمل مشروع قانون العمل الجديد أي إشارة للخادمات.

ويقول محمد سعفان، وزير القوى العاملة، إن فلسفة قانون العمل تقوم على عدم خضوع عاملات المنازل للقانون لعدة صعوبات؛ أولها حرمة التفتيش داخل المنازل الخاصة، التى قررها الدستور، وثانيها أن مواعيد العمل المقررة فى قانون العمل لا تتلاءم وطبيعة عمل الخدمة المنزلية، كما أن الأجر الذى يحصلون عليه فى أغلب الأحوال يدخل فيه جزء عينى كالإقامة والإعاشة والأكل.

ويضيف «سعفان»، أن صاحب المنزل لا يعتبر صاحب عمل وفقاً لأحكام قانون العمل، لذا عمال المنازل لهم ظروفهم وأوضاعهم الخاصة وسيصدر لهم قانون خاص لتنظيم عملهم، وقد تقدم بعض من أعضاء مجلس النواب بطلبات للوزارة لتقديم مقترحات لتنظيم العمالة، بإصدار قانون خاص بهم.

ويشير إلى أن الخادمات لهن الحماية المقررة فى القانون المدنى، وقانون العقوبات، ومن ناحية أخرى فالوزارة تقوم بالتنسيق مع المجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للأمومة والطفولة وعدد من نواب البرلمان لإعداد مشروع قانون خاص بعمال الخدمة المنزلية، ومن فى حكمهم كالسائقين وحارسى العقارات، والطهاة، وأمين المكتبة داخل المنزل وغيرهم ممن ينطبق عليهم وصف العمل بالمنازل، ومن المقترح أن يتضمن المشروع قواعد منظمة لعمليات تشغيلهم وقواعد ترخيص والجهات المسموح لها بالعمل فيها، وكذلك تدريبهم للوصول لمستويات أعلى من المهارة، فضلاً عن وضع الحماية اللازمة لأصحاب المنازل من السرقة أو الخيانة أو غيرها من الصور السلبية.

مكاتب تشغيل الخادمات

وقال هيثم سعدالدين، المتحدث الإعلامي باسم وزارة القوى العاملة، إن الوزارة غير معنية بمكاتب التخديم التي توفر خادمات للعمل داخل المنازل، مؤكداً أنهن غير مدرجات في قانون العمل حتى الآن.

وأضاف: «لا يمكن الرقابة على مكاتب الخادمات ولا نستطيع توجيه أي عقوبة، كما أن الوزارة غير مسموح لها بدخول المنازل وتفتيشها للبحث عن خادمة تعمل بها، لأن ذلك يتطلب عدة شروط أهمها الحصول على أمر من النيابة».

وأكد أن الوزارة تمنح تصاريح فقط للأجانب بهدف العمل داخل مصانع أو شركات في مهن ووظائف لا تتوافق مع العامل المصري، أما تصاريح العمل داخل المنازل فتمنحها وزارة الاستثمار والتعاون الدولي.

وكانت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، قد أعلنت أنها تمنح الشركات الاستثمارية فقط تصاريح لاستقدام خادمة أو تابعة، وذلك في حالة المستثمرين الذين تتبعهم خادمة وفقاً للقانون والقواعد، وذلك بالتعاون مع وزارة الداخلية لإصدار تأشيرات وجواز سفر لهن بجانب منحهن تصاريح للإقامة داخل البلاد وتجديدها في حالة انتهاء مدتها.

وأضافت أن الوزارة ليس من اختصاصها منح مكاتب التخديم تصاريح لاستقدام خادمات أجنبيات، كما أنه ليس لها دور في الرقابة على مثل تلك المكاتب.

نقابة للخادمات

وقال الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن القانون المصري يعتبر الخدم في المنازل من التابعين، نظرا لما يقوم به العامل بخدمة المتبوع من جهة وكذلك لما يعول عليه العامل من تبعية اقتصادية دون التبعية القانونية في العلاقة بين الطرفين.

وتابع: «وفقا قانون التأمينات الاجتماعية فيما يتعلق بالعلاقة بين العامل ورب العمل فإن الأساس القانوني يقوم على توافر العلاقة المشتركة التي تقوم على التبعية القانونية والاقتصادية، ويقصد بالتبعية القانونية أن يعمل تحت إشراف رب العمل وبأوامر رب العمل وفقا للوائح وقوانين محددة سلفا وأن يقدم هذا العمل مقابل أجر محدد ومعلوم».

وأضاف أن الواقع فيما يتعلق بتبعية الخدم في المنازل وكذلك البوابين والطباخين أنه تربطهم برب العمل وهو المتبوع علاقة اقتصادية فقط، ولا تربطه به علاقة قانونية نظرا لعدة أسباب أهمها عدم وجود عقد عمل يحدد طبيعة العمل ومواعيده وبيانات كاملة عن الخادم، وهنا الخادم يعول على الأجر فقط دون وجود قوانين ولوائح تضبط علاقة العمل ومواعيده وحقوق كل طرف من أطراف العلاقة العقدية للعمل، وكل دور الخادم أن يقوم بأدوار الخدمة وفقا لرغبات صاحب المنزل مقابل أجر.

وأشار إلى أنه يعتبر الخدم من الأمناء على الأموال التي تكون تحت أيديهم أثناء القيام بالعمل، وإذا اختلس الخادم شيئا من أموال سيده أو المخدوم يعتبر اختلاسه لهذا المال خيانة أمانة، وإذا اعتدى على صاحب العمل تكون الجريمة مشددة تستوجب تغليظ العقوبة لأنه من الأشخاص الذين يمنحهم رب العمل الثقة والأمان فتكون خيانته للثقة والأمان واعتداء على رب العمل مشتركة، فمثلا لو خادم اعتدى جنسيا على بنت أو ابن رب العمل تكون عقوبته أكبر من الشخص الغريب لو قام بذلك.

وأوضح أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أن خطورة عدم وجود ضمانات كاملة وقوانين تنظم العلاقة بين الخادم وصاحب العمل أنه إذا ارتكب الخادم جريمة كالاعتداء على صاحب العمل وأمواله أو الغير قد يصعب إثبات الجريمة أو تحديد هوية المتهم أو قد يصعب ضبطه والقبض عليه؛ خاصة إذا ارتكب الخادم عملا ضارا أصاب الغير يسأل عنه المخدوم أي صاحب العمل وفقا للقاعدة القانونية التي تقول مسئولية التابع عن أفعال المتبوع أي التبعية القانونية الخاصة بجبر الضرر.

ولفت إلى أنه من الصعوبة أن يكون للخادمات نقابة لأن ذلك يستلزم أن تكون المهنة محددة بشكل دقيق ولها قانون واضح يحدد شكل وطبيعة العمل وإجراءات تتعلق باصدار تشريع يحدد طبيعة المهنة وصفتها وأهميتها في المجتمع والضوابط القانونية المتعلقة بممارسة المهنة، كأي مهنة آخرى لها نقابة، وأن تكون هناك جمعية عمومية محددة لأفراد المهنة وهو ما نفتقده في مهنة الخدم، إذ أن البعض منهم يعمل لفترة ويترك العمل أو بشكل متقطع وعشوائي وأجر معلوم وغير معلوم، وتغيب عن المهنة الآليات القانونية، وتفتقد كل الشروط والضوابط التي تجعل منها مهنة محددة معلومة تستوجب أن يكون لأعضاء الجمعية العمومية العاملين بها نقابة.

وذكر أن عمل بعض الخادمات الأجانب داخل مصر بشكل غير قانوني بعد انتهاء مدة إقامتهم القانونية يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون إذ أنهم أشخاص غير مصرح لهم بالبقاء، ومن تسطيع الحكومة ضبطه يتم ترحيله وتغريمه وتغريم الشركة التي سمحت لهم بالدخول باسمها.

وأشار د. مهران، إلى أن الخدم يعاملون معاملة التاجر فيما يتعلق بالأرباح، أي أن الشركة التي تشغلهم هي التي تدفع الضرائب، ويخضع لرقابة الدولة بشكل غير مباشر عن طريق مراقبة الشركة.

ونوه إلى أن الأجانب الذين يأتون لمصر يمرون على الحجر الصحى بالمطار ويتم الكشف عنهم، ومن ضمن مفردات تعيين الخادمات داخل الشركات أن يقدموا شهادة طبية بأنهن غير حاملات لأي مرض.

جرائم الخادمات

وقال الدكتور أحمد هلال، طبيب نفسي، إن الخادمة تكلف صاحب العمل أكبر من راتبه الذي يتقاضاه، وفي الدول المتقدمة كاليابان كل فرد يخدم نفسه بنفسه، ويجب على من يأتي بخادمة أن يعاملها معاملة حسنة كأنها ابنته، ولا ينظر لها نظرة دونية، أو يستغلها جنسيا، أو يجعلها تنام على الأرض في المطبخ، وإذا فعل رب المنزل ذلك يحدث حقد طبقي على تلك الأسرة التي تراهم يأكلون وهي جالسة بعيدا تنتظر الفتات وينادونها بـ«يا بت».

وتابع: «إذا تم معاملة الخادمة معاملة حسنة فلن نجد لديها حقد أو محاولة لتخريب البيت، وكان هناك خادمة بمنزل تركوا لها طفل رضيع وكل حين وآخر يبكي على أمه فكانت الخادمة تجعله يشم غاز الأنبوبة حتى ينام ولا يبكي، وجرائم كثيرة بالمجتمع من الخادمات سببها الحقد الطبقي، لأن سيدة المنزل لا تساعد في الأعمال المنزلية وتجلس "هانم"، والخادمة تحقد عليها لأنها من تقوم بكل الأعمال المنزلية، ويجب على الأبناء تعلم المهارات الاجتماعية من الوالدين، ونحتاج للتخلص من تلك الثقافة».

واختتم: «قال الإمام جعفر الصادق بن سيدنا الحسين لايزال المرء في رضا الله حتى يُخدم، فإذا خُدم وجب عليه الحساب، وأتفق مع مطالب الخادمات بتغيير اسمهم لمديرة منزل لأن الإسلام كان يُسمي الخادم فلان مَولى بني فلان، وسيد القوم خادمهم، وإخوانكم في الدين ومواليكم، وكلمة مولى تطلق على الخادم والسيد في اللغة حتى يصنع الإسلام عدالة بين الطبقات الاجتماعية».

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة