عمرو الخياط
عمرو الخياط


نقطة فوق حرف ساخن

عمرو الخياط يكتب.. الفن الاستراتيجي

عمرو الخياط

الجمعة، 08 مايو 2020 - 04:37 م

يعرض المسلسل على الشاشات ليعيد سرد وتوثيق شريط من الأحداث الجسام التى لا ينبغى أبدا أن تغادر مناطق الوعى فى الذاكرة المصرية الجمعية.
وبينما كان استقبال المصريين للمسلسل استقبالا مدهشا أحدث تواصلا فريدا بين الأجيال المتباينة داخل البيت الواحد، فإنه أحدث صدمة للتنظيم الإخوانى الإرهابى الذى وجد نفسه محاصرا مرة أخرى بحالة انتعاش للوعى المصرى الذى سينقل رسالته إلى الأجيال المتعاقبة لحقيقة دامغة تقول إن الإخوان أصل الشر وأصل الإرهاب.
إذا كان هناك جمهور مصرى متابع  للمسلسل بوضوح، فإن هناك جمهورا موازيا من أعضاء التنظيم الإخوانى اضطر لمتابعة المسلسل للتعرف على ما وصلت إليه صورته الذهنية لدى الوعى المصرى، لكن التفاعل المصرى الوطنى الذى بدا بوضوح على شبكات التواصل أحدث حالة من الرعب التى دبت فى صفوف هذا التنظيم بعدما تأكد أنه إذا كان قد استطاع احتلال مساحات من الوعى المصرى فى الماضى، فإن معاودة التمركز مستقبلا داخل مساحات جديدة من هذا الوعى لن يكون ممكنا طالما امتلكت مصر أدوات قواها الناعمة وسيطرت عليها واستطاعت استخدامها دون توقف لمواصلة الغرس الثقافى الوطنى.
لقد مثل المسلسل هجوما فنيا مطورا خلف خطوط التنظيم الإخوانى الذى راحت أبواق الشر الإعلامى المملوكة له والممولة قطريا تفند المسلسل بشكل تفصيلى كشف عن انزعاجها وعن متابعتها الكثيفة لأحداثه، وبقدر ما كان إنعاشا للذاكرة الوطنية بقدر ما كان إثارة للإدراك الإخوانى واستعادة لتموضعه فى الدرك الأسفل من الإرهاب والغدر والخيانة.
لا يتوقف المسلسل عند حدود الإرهاب الإخوانى بل يتخطى ذلك ليثبت أن كافة التنظيمات الإرهابية ما هى إلا روافد للفكرة الإخوانية التى نشأت ولا تزال مدعومة وممولة من مشغليها فى الأجهزة من أجل استهداف كيان الدولة الوطنية.
أحداث المسلسل وتفاصيله تؤكد نظرية حولها الواقع إلى حقيقة دامغة وهى أن تنظيم الإخوان ليس إرهابيا بل إن الإرهاب هو الذى يجب أن يتصف بأنه إخوانى.
يكشف المسلسل فى مشاهد حاسمة عن حجم عظمة ٣٠ يونيو التى تصدت لعملية هدم اقليمية شاملة كانت تعتقد أن مصر يمكن أن تكون إحدى محطاتها، يكشف المسلسل أن ٣٠ يونيو هى عملية إنقاذ وجودية تاريخية للدولة المصرية.
خلف الرسائل المباشرة يكشف المسلسل عن مصادر قوى مصرية لا ينبغى أن تظل كامنة، يكشف عن طاقات فنية مذهلة كانت سببا من قبل فى تأطير انسانى للحالة المصرية التى استطاعت أن تتغلب على جلافة وصلف محاولات العدوان الإخوانى على بهجة الحياة فى مصر، الفن فى مصر ليس ترفيها زائدا عن أساسيات الحياة، الفن فى مصر هو الحياة.
وبينما تعرض حلقات المسلسل يوميا فإنها تفتح ملفا حتميا من ملفات الأمن القومى المصرى، وتؤكد أن القوى المصرية الناعمةً جزء أصيل من مكونات استراتيجية هذا الأمن.
صرخات التنظيم الإرهابى التى ملأت قنواته ولجان إرهابه الالكترونى عبرت عن حجم العملية الفنية الاستراتيجية التى جسدها المسلسل.
نحن أمام فترة تاريخية ثرية ومليئة بمحطات الغدر والخيانة والإرهاب الإخوانى، نحن أمام حالات مكثفة من دراما الواقع التى تستدعى قوالبها الفنية.
بينما تتوالى حلقات المسلسل تحضر روح محمد أبوشقرة ومحمد مبروك وشهداء الواحات.
بينما تعرض الحلقات فإن شريطا من الأحداث يمر أمام أعين المصريين منذ بداية الإرهاب الإخوانى على أسوار الاتحادية عشية الإعلان الدستورى الإخوانى، وحتى آخر قطرة دماء طاهرة سالت بأيدى أمراء الدماء.
الفن أرقى أدوات الاتصال والتواصل البشرى، الفن أهم وسيلة للغرس الثقافى، الفن تأثيراته تراكمية لا تحدث آثارها منذ اللحظة الأولى، بل ينبغى أن تكون الحالة الفنية فى تدفق دائم لا ينقطع عن وعى ووجدان الشعب المصرى.
التنظيم الإخوانى الإرهابى ومنذ لحظة نشأته يدرك خطورة الفن وقدرته على كشف حقيقة نواياه وأهدافه، فكان العداء للفن بقدر الإدراك لقيمته.
إذا كان الإرهاب مدركا لقيمة هذا الفن وخطورته فإن إدراك هذه القيمة وأهميتها فى إثراء الوعى والوجدان الوطنى المصرى لا ينبغى أبدا أن يغيب عن عقل وإرادة صناع الفن والدراما.
الفن فى مصر وسيلة لبهجة الحياة، الفن فى مصر إحدى أدوات السلام الاجتماعى، الفن فى مصر أهم أدوات توثيق الحقيقة، الفن فى مصر خيار استراتيجى، الفن فى مصر اختيار إجبارى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة