سمير الجمل
سمير الجمل


يوميات الأخبار

انصتوا.. إنه إمام المتقين!!

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 10 مايو 2020 - 08:21 م

 

بقلم/ سمير الجمل

من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لم تُر فاطمة الزهراء إلا حزينة باكية تدعو أن تلحق بأبيها كما بشرها قبل الرحيل وما اسرع ما لحقت به بعد ستة أشهر فقط فى ليلة اغتسلت فيها ولبست ثوبا جديداً واضطجعت على فراشها وسط البيت واستقبلت القبلة وتهيأت للقاء ربها وأبيها الحبيب ثم أغمضت عينيها ولله الأمر من قبل ومن بعد.. وينفذ «على» وصيتها ويدفنها سراً كما أوصت وينشد على قبرها:
لكل اجتماع من خليلين فرقة
وإن الذى دون الفراق قليل
وإن افتقادى واحداً بعد واحد
دليل على ألا يدوم الخليل
وآه يافاطمة الحبيبة.. ومن قبلها آه يافاطمة الأم التى وضعته فى البيت الحرام.. وقد كانت فى أيام وضعها الأولى عندما  اتجهت الى الكعبة تقدم هديا الى «هُبل».. وقابلها النبى محمد صلى الله عليه وسلم وكان شابا فقال لها:
- يا اماه إنى اعلمك شيئا فهل تكتمينه علىَّ؟ قالت: نعم. فقال: «اذهبى بهذا القربات فقولى كفرت «بهبل». وآمنت بالله وحده لاشريك له» وفعلت لأنه تصدقه.. وعندما ماتت حفر لحدها بيده واخرج ترابه واضطجع فيه قائلا:
- «اللهم اغفر لامى فاطمة بنت اسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها». ويسألونه: رأيناك صنعت شيئا ليس لاحد قبلها. فقال: «ألبستها قميصى لتلبس من ثياب الجنة. ونمت فى قبرها لأخفف عنها ضمة القبر لانها كانت أحسن خلق الله تعالى صنعا الىَّ بعد عمى ابى طالب»..

يا من كرم الله وجهه ونزلت فيه أكثر من ٣٠٠ آية وقال فى حق نفسه:
محمد النبى أخى وصهرى
وحمزة سيد الشهداء عمى
وجعفر الذى يمسى ويضحى
يطير مع الملائكة ابن امى
وبنت محمد سكنى وزوجى
منوط لحمهابدمى ولحمى
وسبطا احمد ولدىَّ منها
فأيكم له سهم كسهمى
انه الفدائى الذى نام فى فراش النبى صلى الله عليه وسلم وقد اجتمعت قريش لقتله ليلة هجرته..
الرجل الذى نال من الاوسمة والنياشين النبوية ما لا حصر لها.. وهذه شهادة «خيبر» التى نقلها سهيل بن سعد رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأعطين هذه الراية رجلا يفتح الله على يديه.. يحب الله ورسوله.. ويحبه الله ورسوله». فبات الناس ليلتهم أيهم يعطاها أو يأخذها. فلما اصبحوا غدواعلى رسول الله كلهم يرجون يعطاها فقال: اين على بن أبى طالب؟ فقالوا: هو  يارسول الله يشتكى عينيه قال: ارسلوا اليه فأتى به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عينيه ودعا له فبرئ حتى كأن لم يكن به وجع. فأعطاه الراية.. فقال علي: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم الى الاسلام  واخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه لان يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من ان يكون لك حمر النعم.. أى أعظم النعم واكثرها.

وقد رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة «على» وقربه منه حتى قال لما استخلفه على المدينة فى غزوة تبوك:
- ألا ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى؟.. إلا انه ليس نبى بعدى!
واخرج ابن عساكر عن ابن عباس قوله: مانزل فى احد من كتاب الله تعالى مثلما نزل فى «علي»
وعن ابى ذر رضى الله عنه قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله والتخلف عن الصلوات والبغض لعلى بن ابى طالب رضى الله عنه.
وسألنا.. والإمام يجيب؟

- سيدى ماذا تقول فيمن يقدسك ويرى فيك ما لم تره فى نفسك؟

يقول الامام علي: كيف لرجل قال الله ربى ومحمد نبى ورسول الله وشهد بأنه لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف له أن يتجاوز ويخرج إلى ما ليس له وكيف لى وأنا من قال: لسان العاقل وراء قلبه وقلب الأحمق وراء لسانه وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة ولا غنى كالعقل ولا فقر كالجهل ولا ميراث كالأدب ولا ظهير كالمشاورة والصبر صبران.. صبر على ما تكره وصبر عما تحب.. والغنى فى الغربة وطن.. والفقر فى الوطن غربة.. والمال مادة الشهوات.. ومن حذرك كمن بشرك.. وفقد الأحبة غربة.. وفوت الحاجة أهون من طلبها من غير أهلها.. ولا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه. والعفاف زينة الفقر.. والشكر زينة الغنى.. ولا يرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا.. وإذا تم العقل نقص الكلام.

- سيدى: ما قولك فى الفتنة؟!
يقول الإمام: ما اختلفت دعوتان إلا كانت إحداهما ضلالة ومن وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومن من أساء به الظن. ولا يعاب المرء فى تأخير حقه إنما يعاب من أخذ ما ليس له.. وترك الذنب أهون من طلب التوبة والناس أعداء ما جهلوا.. وأزجر المسيئ بثواب المحسن وآلة الرياسة سعة الصدر.. ومن لم يتخذ الصبر أهلكه الجزع.
والإسلام واحد.. ورب الإسلام واحد.. ونبى الإسلام واحد.. والإسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين.. واليقين هو التصديق.. والتصديق هو الاقرار.. والاقرار هو الأداء.. والأداء هو العمل.

- سيدى.. أنا لا أصدق أن تكون رجل دنيا وسلطان والخلافة وأنت الزاهد دائما وأبدا.. فهل لك أن تكشف لنا هذا الأمر؟
يقول الإمام: ارتحلت الدنيا مدبرة.. وارتحلت الآخرة مقبلة. ولكل واحدة منهما بنون (أبناء) فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل.
وما أضمر أحد شيئا إلا ظهر فى فلتات لسانه وصخات قلبه وأفضل الزهد اخفاء الزهد.. ومن أسرع إلى الناس بما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون.

- سيدى ماذا تقول فى كتاب الله وميثاقه الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. وكل يحاول تفسيره وتأويله كما يريد؟
يقول الإمام: اعلموا أن هذا القرآن هو  الناصح الذى لا يغش والهادى الذى لا يضل والمحدث الذى لا يكذب وما جالس هذا القرآن أحد إلا ما قام عنه بزيادة أو نقصان زيادة.. زيادة هدى ونقصان من عمى.
واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ولا لأحد قبل القرآن من غنى.. فاستشفوا به من أدوائكم واستعينوا به على لأوائكم فإن فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغى والضلال واسألوا الله به وتوجهوا إليه بحبه ولا تسألوا به خلقه انه ما توجه العباد إلى الله تعالى بمثله واعلموا انه شافع ومشفع وقائل مصدق وانه من شفع له القرآن يوم القيامة صدق عليه.

- سيدى.. وما هى علامات أهل الصلاح والإصلاح حتى نكشف من يتاجرون بدين الله.. لدنياهم؟
 يقول الإمام: علامة الصلاح عند الصالح.. أن ترى له قوة فى دين وحزما فى لين وإيمانا فى يقين وحرصا فى علم وعلما فى حلم وقصدا فى غنى.. وخشوعا فى عبادة.. وتحملا فى فاقة.. وصبرا فى شدة.. وطلبا فى حلال ونشاطا فى هدى وتحرجا عن طمع انه رجل يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل.. يمسى وهمه الشكر ويصبح وهمه الذكر.. يبيت حذرا ويصبح فرحا حذرا لما حذر من الغفلة وفرحا بما أصاب من الفضل والرحمة وإن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحب.. قرة عينه فيما لا يزول وزهادته فيما لا يبقى يمزج الحلم بالعلم والقول بالعمل تراه قريبا أمله.. قليلا زلله.. خاشعا قلبه.. قانعا نفسه.. نزورا أكله.. سهلا أمره.. حريزا دينه.. ماتت شهوته.. مكظوماً غيظه.. الخير منه مأمول والشر منه مأمون إن كان فى الغافلين كتب فى الذاكرين.. وإن كان فى الذاكرين لم يكتب من الغافلين.. يعفو عمن ظلمه ويعطى من حرمه ويصل من قطعه.. بعيداً فحشه.. لينا قوله.. غائبا منكره.. حاضراً معروفه.. مقبلا خيره.. مدبرا شره.. فى الزلازل وقور.. وفى المكاره صبور.. وفى الرخاء شكور.. يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه.. لا يضيع ما استحفظ ولا ينسى ما ذكر.. ولا ينابذ بالألقاب.. ولا يشمت بالمصائب.. إن صمت لم يغمه صمته.. وإن ضحك لم يعل صوته.. وإن بُغى عليه صبر حتى يكون الله هو الذى ينتقم له.. نفسه منه فى عناء.. والناس منه فى راحة.. اتعب نفسه لآخرته وأراح الناس من نفسه.. بُعده عمن تباعد عن زهد ونزاهة.. ودنوه ممن دنا من لين ورحمة.. ليس تباعده بكبر وعظمة ولا دنوه بمكر وخديعة.

ملامح خاصة
- دعى لينزل قصر الإمارة.. وهو قصر كبير ترتفع هامته فى شموخ وفتنة فلا يكاد يبصره حتى يولى مدبراً وهو يقول: قصر الخبال هذا.. لا أسكنه أبدا.

- أأقنع من نفسى أن يقال: أمير المؤمنين ثم لا أشارك المؤمنين فى مكاره الزمان! والله لو شئت لكان لى من صفو هذا العسل ولباب هذا البر ومناعم هذه الثياب ولكن هيهات أن يغلبنى الهوى فأبيت مبطانا وحولى بطون غرثى واكباد حرى.

- وقال من فوق المنبر: أيها الرعاء إن لرعيتكم حقوقا الحكم بالعدل والقسم بالسوية وما من حسنة أحب إلى الله من حكم إمام عادل.

- أوصى بنيه بعد أن علم بقتل قاتله: «أحسنوا نزله وأكرموا مثواه فإن أعش فأنا أولى بدمه قصاصا أو عفوا.. وإن أمت فألحقوه بى أخاصمه عند رب العالمين.. ولا تقتل بى سواه.. إن الله لا يحب المعتدين.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة