في 9 مارس عام 1919 اعتقلت السلطات العسكرية سعد زغلول وأصحابه ، لتبدأ ثورة 1919 ، وبتلك الأيام انتشرت شائعات كثيرة ، حوت في طياتها شئ غير قليل من الغرابة والطرافة .

ومن بين هذه الشائعات ، أن نحو 10 آلاف من عرب الفيوم مدججين بالسلاح في طريقهم إلى القاهرة ، للهجوم على قشلاق قصر النيل وإخراج الإنجليز من مصر ، احتجاجا على نفي زعيمهم أحمد باشا الباسل .

وفى قليوب ، انتشرت شائعة بأن الإنجليز اعتدوا على سعد باشا زغلول وأطلقوا عليه الرصاص ، وخرجت البلدة والبلدان المجاورة لها إلى القاهرة ، واقتلعوا فى طريقهم الأشجار ومصابيح الإنارة وقطعوا السكك الحديدية وحملوا قضبانها لاستخدامها كأسلحة فى قتل الإنجليز ، وذهبت هذه الجموع إلى بيت الأمة ، وبلغ الخبر السلطة العسكرية فاتصلت ببيت الأمة ، ورجت من فيه أن يبلغوا الجماهير الثائرة بأن سعد باشا ما زال على قيد الحياة .

ووصلت الجماهير إلى بيت سعد زغلول ، فخرج إليهم عبدالعزيز باشا فهمي يخبرهم أن سعد باشا بخير ولكنهم لم يصدقوه ، حتى أطلت عليهم أم المصريين وأقسمت لهم بحياة سعد على ذلك ، فهتفت الجماهير فرحا بهذا الخبر السار ، وطلبت منهم أن يتركوا ما فى أيديهم من عصي وجذوع الأشجار لتكون فى استقبال سعد ، ليرى الأسلحة التي كان جنوده المخلصون يحملونها ليثأروا بها من خصومه .

وبالفعل وضعت هذه الأسلحة فى مخزن كبير فى بيت الأمة ، وشاهدها سعد زغلول بنفسه عقب الإفراج عنه ووصوله إلى مصر عام 1921 ، وكانت الشائعات تروج يوميا عن القتلى والجرحى التي لو صحت لصار عدد القتلى نحو 15 مليونا فى الوقت الذي كان فيه عدد السكان لا يتعدى مليونا فقط .

وفى بورسعيد أشيع أن مظاهرة قابلت قائد الجيوش البريطانية فقتلته ، وأطرف ما أشيع أ الغازي مصطفى كمال أعد جيشا عرمرما لتحرير مصر وأنه قادم من تركيا عن طريق الشام ، وأصبحت صوره توزع فى الشوارع وتهتف المظاهرات باسمه .

آخر ساعة 10 مارس 1935 ، العدد 35