يوسف القعيد
يوسف القعيد


يحدث فى مصر الآن..

الآن الآن وليس غداً

يوسف القعيد

الخميس، 14 مايو 2020 - 06:41 م

ماذا نحن فاعلون بقضية السد الأثيوبى؟ إنها جوهر مصيرنا ومستقبل أجيالنا القادمة. ثمة إيضاح لا بد منه. فقد دهشت عندما وجدت نفسى أكتب عن السد الأثيوبى وسط ما يكتب حولنا عن الوباء الذى حوَّل طمأنينتنا قلقاً. وجعل استمرار حياتنا احتمالا.
وهكذا أصبحنا لا نتنفس سوى الوباء. إن أعطيت أذنك للراديو ستسمع أخباره. وإن جلست أمام التليفزيون ها هو الوباء. لا أنتقد من يفعلون هذا. فأنا واحد منهم. أنام على أخباره ليلاً، هذا إن نمت. وأصحو عليه. وإن جاءتنى كوابيس فلا تدور إلا حوله. لا أنتقد ما قلته. فهو أمر طبيعى. ولكنى فقط أبدو منزعجاً من نفسى وممن حولى.
إن سؤال السد الذى أخذنا منه الوباء بمفاجآته وشهدائه لا يقل أهمية. بل يجب أن يسبقه. ألا وهو نهر النيل. ومياه نهر النيل التى عشنا عليها منذ فجر التاريخ وسنحيا إنطلاقاً منها حتى قيام الساعة.
كوفيد 19 حالة طارئة. مهما امتدت لا بد أن تزول ونكتب جميعاً أو من سيبقون على قيد الحياة منا كلمة نهايتها. ولكن الأمر مع نهر النيل يبدو مختلفاً. وأنا أتصور أنه يسبق المخاوف التى تبدد راحتنا التى يبثها فينا هذا الوباء.
مياه النيل تعنى الحياة لنا ولغيرنا. وأنا أكتب وعينى علينا نحن أهل مصر. ليس لأنانية منى، ولكن لأن حجم الخطر غير مسبوق. ويجب أن نأخذه بأكبر قدر من الجدية. بعيداً عن التهوين أو التهويل.
لا أحب أن أكتب عبارة سد النهضة. ولا يجب أن نسمح لفخاخ الكلمات أن تشدنا وراء سرابها. إنهم يتصورون أنها نهضتهم هم. ولا يعنيهم إن كانت مبنية على حساب ملايين الجيران الآخرين. ولذلك أستأذن القارئ بأن أقيم مسافة بين السد وبين النهضة التى تعنى البناء والتشييد.
أعود للقصة. أشعر باطمئنان لما تقوم به الدولة المصرية. ابتداء من قائدها ورائدها الرئيس عبد الفتاح السيسى، سبقنا نحو الإحساس بالخطر. واعتبر القضية قضية مصير. وهو ما قامت به حكومة الدكتور مصطفى مدبولى متضامنة متكاتفة.
ولكن ماذا فعلنا نحن؟ سؤالى أقصد به المجتمع المصرى. مسئوليتنا لا تقل عما تقوم به الدولة. ماذا فعلنا مع جماعات المثقفين فى عالمنا؟ إننا لم نحاول حتى التواصل معهم. سبق أن كتبت فى هذا المكان عن أثيوبيين يقفون مع حق مصر. ويجب أن نتواصل معهم فهم يعتبرون أن مياه النيل حق ثابت وأصيل لنا وللأشقاء السودانيين.
لا بد من تحرك فورى مع أطياف المفكرين والأدباء والفنانين فى إفريقيا أولاً. وفى العالم الخارجى ثانياً. ماذا فعلت نقاباتنا مع نقابات العالم؟ وكيف تصرفت أحزابنا مع أحزابهم؟ وكتابنا مع كتابهم؟ وفنانونا مع فنانيهم؟ واتحاداتنا المهنية مع اتحاداتهم؟ لا أريد أن أكتب عن عموميات. فكل فرد مصرى لا بد أن يعتبر نفسه مسئولاً عن هذه القضية تصل لحياته وتقلق راحته.
حقوقنا فى مياه النيل نحن والأشقاء السودانيين تاريخية وثابتة. ولا تحتاج لأى كلام. والعدوان الأثيوبى واضح ومخيف. ولا بد من وقفة تجاه ما يقومون به. بالعمل الدبلوماسى والشعبى والإنسانى. إنها قضية مصير. مستقبل المصريين جميعاً.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة