صور| «عريس في الجنة».. قصة أول شهيد في حرب أكتوبر المجيدة  
صور| «عريس في الجنة».. قصة أول شهيد في حرب أكتوبر المجيدة  


صور| «عريس في الجنة».. قصة أول شهيد في حرب أكتوبر المجيدة  

صابر سعد

الجمعة، 15 مايو 2020 - 05:21 م

دماؤه الطاهرة؛ خضبت رمال سيناء الحبيبة في حرب العزة والكرامة التي انطلقت إشارتها في السادس من أكتوبر من عام 1973- العاشر من رمضان 1393هـ، فنال الرقيب محمد حسين محمود سعد، شرف «الشهادة» بل أصبح أول شهيد ترتقي روحه الطاهرة إلى بارئها في تلك الحرب البطولية التي سطرت بطولات للتاريخ وللعالم، وعلمت العالم كله أساليب وخططا عسكرية فريدة أبهرت العالم كله. 

 وفقا لإشارات التبليغ من الوحدات الفرعية التابعة للجيش، أصبح محمد حسين أول شهيد في حرب أكتوبر المجيدة، عقب عبوره مع قوات الجيش الثالث الميداني لخط بارليف، بعدما انتظر 4 أيام كاملة أمام الضفة الغربية للقناة للبدء في تنفيذ خطة العبور.

مولده
 

في عام 1946، ولد محمد حسين محمود سعد في قرية سنديون بمحافظة القليوبية، وكان والده يعمل مزارعًا، وفي عام 1968 حصل على بكالوريوس الزراعة جامعة الزقازيق، ودرس في معهد قويسنا الديني، ثم عمل بعد تخرجه باحثًا اجتماعيًا في الوحدة المحلية بمركز طوخ في محافظة القليوبية.

انضمامه للجيش

في عام 1968؛ لبى نداء وطنه فور تخرجه، ونال شرف الخدمة في سلاح الاستطلاع بالجيش الثاني الميداني، ودخل سيناء عدة مرات، ما جعل سجل خدمته العسكرية مرصعًا بالبطولات التي نالت استحسان قادته خلال تواجده على الجبهة في الفترة من 1971 لـ1973.

وشارك البطل في حرب الاستنزاف خلف خطوط العدو عدة مرات، وتعلم اللغة العبرية لكي يعرف لغة العدو، وألحق بفرق الاستطلاع المكلفة بالاستماع إلى الاتصالات اللاسلكية بين وحدات العدو الإسرائيلي لمعرفة اتجاهاتها ونواياها وأوضاعها وإبلاغ القيادة.

يقول عبد الحميد حسين، أخو الشهيد: «كان يحلم أخي بأن يلتحق بصفوف خير أجناد الأرض فور تخرجه من كلية الزراعة؛ وبالفعل كان له الشرف في الالتحاق بالجيش المصري، وتحقق له ما أراد وارتدى البدلة العسكرية فحمد الله على تحقيق له ما أراد، ثم انتهت مدة تجنيده.. وبعدها بفترة تم استدعاؤه للجيش، ففرح واستبشر خيرا فإما النصر أو الشهادة.. ولم يتردد ولو برهة في تلبية نداء الوطن، فودعني بالأحضان، وودع زوجته بعد زواج دام لأيام فقط، فقد تزوج في النصف من شعبان وذهب في رمضان واستشهد».

عريس في الجنة

وبعد أن أدى البطل تجنيده خرج إلى الحياة المدنية، وعقد قرانه على مديحة محمد حجازي الأستاذة في مدرسة سنديون الإعدادية، في 2 أغسطس عام 1973، وقام بتأجير شقه للزواج بمدينة طوخ، لكنه استدعي للخدمة في الجيش، وزار أسرته أول أيام رمضان وعاد لكتيبته في نفس اليوم، حتى نال شرف الشهادة بعد شهر من زواجه.

لحظة استشهاده

عندما دقت ساعة الصفر وجاءت لحظة العبور، كان الرقيب محمد حسين ضمن قوات الجيش الثالث التي توجهت إلى سيناء، بعدما ظل منتظرا لمدة 4 أيام كاملة أمام الضفة الغربية للقناة للبدء في تنفيذ خطة العبور، وكان يوم استشهاده هو يوم العبور ذاته 6 أكتوبر 1973، فالشهيد كان أول العابرين مع قوات الجيش الثالث الميداني لخط بارليف.

واستشهد «حسين» بمنطقة التمساح في سيناء، يوم السبت العاشر من رمضان الموافق 6 أكتوبر 1973عن عمر ناهز الـ29 عامًا، وهو أول الجنود الذين منحوا نجمة سيناء، وكانت آخر إشارة بعث بها إلى قائده: «العدو يا أفندم على بعد 10 أمتار».

وفيما يتعلق بكيفية استشهاده يقول عبد الحميد حسين شقيق الشهيد: «كان هناك لغم ضرب في المدرعة التي كان يركبها فانقلبت به في مياه القناة مع زملائه، ولكن أخي استشهد على الفور، وصديقه نجا واستطاع الصعود، وأثناء ذهابه إلى الكتيبة تم استهدافه من قبل العدو الصهيوني واستشهد هو الآخر».


احتفالات وزغاريد في جنازة الشهيد

عندما علم الأهالي باستشهاده؛ خرجوا بالآلاف في موكب مهيب وهتفوا: «لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله».

وقال «عم سيد» ابن عم الشهيد: «عندما تلقينا خبر استشهاده خيم الحزن على قرية سنديون بالكامل، وخرج الأهالي جميعا في مشهد مهيب لتقديم التحية للشهيد، فلم يكن هناك موطئ قدم في جنازة الشهيد.. كنا نردد "هو البطل هو البطل"، وأقامت القرية الاحتفالات ابتهاجا بخبر استشهاده، وتعالت الزغاريد لحظة دفنه بملابسه العسكرية».

رائحة عطرة بجسده الذي  لم يتحلل

كشف عبد الحميد حسين، شقيق الشهيد، أن أخيه البطل عندما تم نقل جثمانه لدفنه كان كما هو بدا وكأنه توفي بالأمس، وكانت رائحته تفوح عطرا ومسكا، وكان سلاحه قد أصابه بعض الصدأ.

وبعد مضي 14 شهرًا من دفنه، تقدم أخاه عبد الحميد حسين؛ بطلب لنقل جثمانه من المقابر بالإسماعيلية إلى مدينة سنديون التابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية، حتى يكون قريبًا من بيته لكي تستطيع والدته أن تذهب إليه وتقرأ له الفاتحة، خاصة أنها تخطت 90 عامًا، فقد عاشت والدته 104 أعوام، وبالفعل تم الموافقة على نقل جثمانه الذي لم يتحلل، بل ظل كاملا بعد مضي 14 شهرا من دفنه.

وفي 24 يونيو عام 1974 أرسل وزير الحربية نعيا إلى والدته زينب محمد علي، وفي نفس العام قامت أسرة البطل الشهيد بنقل جثمانه من مقابر الشهداء إلى مقبرة خاصة بسنديون بناءً على رغبة والدته، وذلك بعد أن حضرت لجنة من القوات المسلحة لمعاينة المقبرة التي خصصتها والدته للشهيد ليكون في ذات القرية وقربها منه لظروفها حيث كانت والدته كفيفة، وبعد أن وافقت اللجنة تم نقل جثمانه إلى مقبرة الشهيد بسنديون وخرجت جموع الأهالي بهتافات «لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله».

الدولة والجيش لا ينسون الرجال

في يوليو من عام 1975، احتفلت القوات المسلحة بتكريم أول 10 شهداء من حرب 1973م فكان ترتيب البطل محمد حسين، أول شهيد حسب ترتيب إشارة التبليغ من الوحدات الفرعية خلال الساعات الأولى من الحرب.

وقرر المجلس الشعبي المحلي بمحافظة القليوبية، إطلاق اسم الشهيد على إحدى مدارس القرية وتم تنفيذ القرار، كما تم إطلاق اسمه على عدد من شوارع القرية، ومنها شارع الشهيد محمد حسين 1 و2 و3 وشارع الشهيد حتى رقم 4.

وفي عام 2018، زار د. علاء عبدالحليم محافظ القليوبية السابق، قبر الشهيد ووضع إكليل من الزهور عليه.


 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة