محمد قناوي
محمد قناوي


قلم على ورق| لما كنا صغيرين.. يكسب

محمد قناوي

الثلاثاء، 19 مايو 2020 - 06:16 م

يتوقف نجاح أي عمل درامي بالدرجة الأولى على جودة الموضوع والفكرة التي يناقشها وهذا يسمى سيناريو العمل ومدى  قرب هذا الموضوع ووضوح الفكرة يؤدي إلى إحداث حالة من التفاعل من الجمهور مع جميع شخصيات هذا العمل.

وهذا السيناريو لابد أن تتوافر فيه عناصر البناء الدرامي والتي تتكون من الصراع الدرامي والأفعال الدرامية والحبكة؛ ولكن وجود الفكرة الجيدة فقط في العمل لا يكفي لنجاحه، بل تسلسلها المنطقي يجب أن يتماشى بين الحبكة الدرامية والشخصيات الرئيسية؛ وهذا ما وجدته في مسلسل "لما كنا صغيرين" الذي راهنت من بداية عرض حلقاته أول رمضان وحتى وصلت للحلقة السادسة والعشرين – الليلة –  على جودة موضوعه وطزاجة أحداثه وقدرة ممثليه على تقديم مباراة تمثيلية رائعة فيما بينهم؛ يديرهم مخرج يمتلك من المهنية والحرفية ما يمكنه من ضبط إيقاع العمل بمهارة فائقة.


فمنذ بداية الحلقات نجد أن المؤلف أيمن سلامة قرر أن يمارس لعبة الحيرة والتشويق مع الجمهور؛ حيث قدم شخصيات المسلسل وعلاقتهم ببعضهم وكيف نشأت هذه العلاقات رغم تباين واختلاف المستويات الاجتماعية والاقتصادية وأيضًا النفسية فيما بين بعضهم البعض؛ وأيضا اختلاف الأعمار والثقافات والاهتمامات؛ فنجد مجموعة من الأصدقاء من خريجي الجامعة الأمريكية "ريهام حجاج؛ كريم قاسم؛ نسرين أمين؛ محمود حجازي؛ نبيل عيسى، الذين يعملون في إحدى شركات "الأعلانات" التي يمتلكها - سليم - محمود حميدة.

في المقابل نجد شخصية المحام ياسين -خالد النبوي- وشقيق حسن -نبيل عيسي- وهو ضابط شرطة سابق ومحام مهتم بقضايا حقوق الإنسان وله شهرة كبيرة؛ وهناك المحام الألعوبان – أشرف زكي - الساعد الأيمن لسليم -؛ ومنة فضالي طليقة "ياسين" المتهورة؛ وشخصيات أخرى لها تأثير في الأحداث؛ ويفاجئ مجموعة الأصدقاء بمقتل "نهى" - نسرين أمين- لتبدأ رحلة البحث عن قاتلها وفك لغز الجريمة.

وينجح المؤلف في وضع الجمهور في حيرة شديدة ويدخل كل الشخصيات في دائرة الشك ليصبح الجميع مشكوك  فيه في مقتل "نهي" مهما كانت دوافع  كل منهم في القتل فمثلا "حسن" نبيل ‏عيسى المتهم فى القضية بالفعل ودافعه لقتلها حملها منه دون زواج؛اما دوافع  "سليم"- محمود حميدة-  فنكتشف انه تاجر مخدرات وقتلها ‏يمكنه أن يثبت براءة معاونته "صافى" المتهمة بالاتجارفى الكوكاكين، ونجد أيضا شقيقها الشيخ حامد الرجل المتدين ودافعه التخلص من عارها بعد حملها ‏دون زواج؛ أما "يحيى" محمود حجازي متهم ‏بقتلها بأمر من - سليم- الذي يتحكم فيه بسبب إدمانه‎؛ كما يدخل "رضا" الذي كان يحبها ويرغب في الزواج منها دائرة الشك بعد علمه بحملها؛ وتصل الشكوك لذروتها عندما أدخل المؤلف ريهام حجاج أو "دنيا " دائرة الشك ؛ وتستمر عملية المراوغة من المؤلف والمخرج محمد علي فيقع المشاهد في حيرة كل يوم تدفعه لانتظار الحلقة التالية لأكتشاف لغز مقتل"نهي"حتي وصلنا للحلقة الخامسة والعشرين والتي بدأت تتكشف فيها الاحداث خاصة بعد مقتل سليم علي يد "دنيا" عندما هاجمها في منزلها  فهل تستمر الأحداث بنفس سخونتها في الحلقات القادمة.

أهم ما يميز "لما كنا صغيرين" أنه لم يتم تفصيله علي مقاس أي من ابطاله ، أو اعتمد علي نظرية"الوان مان شو"ولكن عمل ينتمي للبطولات الجماعية؛ أدوار كل الممثلين شديدة الأهمية وتؤثر على الأحداث بنفس القدر؛ وقد نجح مؤلفه أيمن سلامة في جر الجمهور معه لمتابعة الحلقات يوم بيوم  من خلال نسيج قوي وحبكة دراميه رائعه وهذا ليس بالغريب علي سيناريست متمكن من أدواته يجيد فن الحكي المعتمد علي عناصر البناء الدرامي السليم دون مط أو تطويل وسوابقة الدرامية تشهد بذلك؛ اما ابطاله فنجد الاداء التمثيلي المتميز للنجم الكبير محمود حميدة وبراعة الأداء للنجم خالد النبوي بأداءه السلس الراقي طوال الحلقات؛اما النجمة ريهام حجاج والتي قدمت شخصية مركبة تتضمن مراحل مختلفة وصراعات قوية وحالات شعورية وإنسانية فقد أكدت من خلال ادائها للدورأن موهبتها نضجت؛ وقدراتها التمثيلية تطورت بشكل كبير؛ وكانت نسرين امين الغائب الحاضر في الاحداث ولكن تألقت بشدة في الحلقات التي ظهرت واثبتت انها نضجت فنيا؛ وكان كل الابطال علي قدرالادوار التي لعبوها واجادوا في أداءها " كريم قاسم ؛ محمود حجازي ؛ نبيل عيسي؛ اشرف زكي؛ عماد رشاد؛ ندي بسيوني.. وغيرهم من ابطال العمل؛ وما كانت هذه السيمفونية ان تخرج بهذا الجمال لولا وجود مايسترو يقود فريق العمل باحترافية فتمكن من ضبط ايقاع المسلسل في كل الحلقات وهو المخرج محمد علي.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة