الأمم المتحدة
الأمم المتحدة


العالم يسجل أعلى تراجع في التنمية البشرية منذ ١٩٩٠ بسبب كورونا

آية سمير

الخميس، 21 مايو 2020 - 04:59 م

 

حذرت تقديرات أولية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أن معدلات التنمية البشرية على الصعيد الدولي —والتي تقيس من خلال مؤشر تجميعي مستويات التعليم والصحة والمستوى المعيشي لكل بلدان العالم— في سبيلها للتراجع هذا العام لأول مرة منذ تبني مفهوم التنمية البشرية في عام 1990.

 

وقال مدير البرنامج الإنمائي آخيم شتاينر: "شهد العالم العديد من الأزمات خلال السنوات الثلاثين الماضية، بما في ذلك الأزمة المالية العالمية ما بين عامي 2007 و2009، أثرت كل منها على معدلات التنمية البشرية سلباً، ولكن ظلت تلك المعدلات تحقق المكاسب عاما تلو الآخر على صعيد المتوسط العالمي."

 

وأضاف: "ولكن التأثير السلبي لجائحة كوفيد 19 على ثلاثية الصحة والتعليم ومستويات الدخل قد يغير هذا الاتجاه المتواصل من المكاسب، بل إنه قد يعكسه."

 

إذ تشهد معظم البلدان، الغنية والفقيرة على حد سواء، في كل أنحاء العالم تراجعاً ملموساً في مجالات التنمية البشرية الأساسية. وبينما حصدت الجائحة أرواح أكثر من 000 300 فرد حول العالم، من المتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من الدخل هذا العام بنسبة 4%.

 

تشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى "النسبة الفعلية للأطفال خارج المدرسة" وهي النسبة المئوية للأطفال في سن المدرسة الابتدائية بعد التعديل لتعكس أولئك الذين لا يمكنهم الوصول إلى الإنترنت، تشير إلى أن 60 % من الأطفال على مستوى العالم لا يحصلون على تعليم، وهو مستوى لم يشهده العالم منذ ثمانينات القرن الماضي.

 

وهذا وحده دون حساب الآثار الهامة الأخرى، على سبيل المثال في التقدم نحو تحقيق المساواة بين الجنسين، إذ تمتد الآثار السلبية على النساء والفتيات في المجال الاقتصادي لتشمل إبعاد مثل القدرة على الكسب والادخار، وانعدام الأمن الوظيفي والعمل في مجال الرعاية غير مدفوع الأجر، إلى جانب الآثار السلبية على الصحة الإنجابية، والعنف القائم على نوع الجنس.

 

ومقارنة بالبلدان الغنية من المتوقع أن تكون معدلات الانخفاض في التنمية البشرية أعلى بكثير في البلدان النامية التي تقل قدراتها على التعامل مع التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الوباء.

 

وفي مجال التعليم، تظهر تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه بسبب إغلاق المدارس والتفاوتات الصارخة في إتاحة وسائل التعلم عبر الإنترنت، يظل الآن 86 ٪ من الأطفال في سن التعليم الابتدائي فعليا خارج المدرسة في البلدان ذات التنمية البشرية المنخفضة، بالمقارنة مع 20 ٪ فقط من أقرانهم في البلدان ذات التنمية البشرية العالية جدا.

 

ولكن إذا ما تمت إتاحة الوصول للإنترنت على نحو أكثر إنصافا —من خلال عمل البلدان إلى أغلاق الفجوة مع البلدان الأخرى ذات المراتب المتقدمة ضمن ذات مجموعة التصنيف التنموي، وهو أمر ممكن— قد يمكن إغلاق الفجوات الحالية في التعليم.

 

ويمكن للاقتصادات والمجتمعات المتأثرة جراء كوفيد 19 التخفيف من الآثار بعيدة المدى لهذا الوباء إذا ما تبنت مجموعة من التدخلات القائمة على تحقيق المساواة والإنصاف ونفذتها بحزم.

 

وأكد بيدرو كونسيساو، مدير مكتب تقرير التنمية البشرية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن "هذه الأزمة تُظهر بجلاء أننا إذا ما فشلنا في إدراج العدالة والإنصاف في صلب مجموعة الأدوات التي نستخدمها في صناعة السياسات، فإن الكثيرين من الناس سيتخلفون أكثر وراء ركب التنمية."

 

وأضاف، "وهذا أمر حاسم الأهمية بشكل خاص فيما يتعلق بالضرورات الجديدة اللازمة للتعامل مع مقتضيات القرن الحادي والعشرين، مثل إتاحة الوصول إلى الإنترنت، التي تساعدنا على الاستفادة من التعليم عن بعد، والتطبيب عن بعد، والعمل من المنزل."

 

ومن الممكن أن تكون تكاليف تنفيذ مثل تلك التدابير الساعية إلى تحقيق الإنصاف في متناول الجميع. فعلى سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن سد الفجوة في الوصول إلى الإنترنت في البلدان منخفضة الدخل وتلك متوسطة الدخل لا يكلف أكثر من واحد بالمائة فقط من القيمة الإجمالية لحِزَم الدعم المالي الاستثنائية التي التزمت مختلف دول العالم بها حتى الآن في استجاباتها لـتداعيات كوفيد 19.

 

ولقد شدد إطار عمل الأمم المتحدة للاستجابة الاجتماعية والاقتصادية الفورية لأزمة كوفيد 19 على أهمية تحقيق العدالة والإنصاف، إذ حدد التنمية الخضراء، والمساواة بين الجنسين، والحكم الرشيد كمرجعيات لعمليات إعادة بناء "الوضع الطبيعي الجديد" ما بعد كوفيد 19.

 

وأوصى إطار العمل هذا باتخاذ خمس خطوات ذات أولوية لمعالجة تعقيدات هذه الأزمة، شملت حماية النظم والخدمات الصحية؛ والتوسع في تدابير الحماية الاجتماعية؛ وحماية الوظائف، ومنشآت الأعمال الصغيرة ومتوسطة الحجم والعاملين في القطاع غير الرسمي؛ وانتهاج سياسات للاقتصاد الكلي تعمل من أجل الجميع؛ وتعزيز السلام والحكم الرشيد وبناء الثقة من أجل تدعيم التماسك الاجتماعي.

 

ويدعو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المجتمع الدولي إلى الاستثمار بسرعة في تعزيز قدرة البلدان النامية على اتباع هذه الخطوات.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة