نوال مصطفى
نوال مصطفى


يوميات الأخبار

«الاختيار» كلمة السر

نوال مصطفى

الثلاثاء، 26 مايو 2020 - 05:19 م

لقد استشهدوا مرتين مرة يوم ٧-٧-٢٠١٧. ومرة ثانية فى اليوم الذى جسد فيه أبطال المسلسل الرائع تلك الملحمة الإنسانية الفريدة بتمكن ومقدرة عالية.

بكى شعب مصر شهداءنا فى ملحمة البرث يوم ٢٨ رمضان كأنهم استشهدوا اليوم!، هذه عظمة الدراما التى تستند إلى وقائع حقيقية من دم ولحم الواقع. وهذا ما حققته الحلقة ٢٨ من مسلسل «الاختيار». عشنا ذلك اليوم الجلل بتفاصيله المؤثرة.. شعرنا أن المقدم أحمد المنسى قائد الكتيبة ١٠٣ لقى وجه ربه ومعه رفاقه من خيرة شباب مصر اليوم. كانت حلقة مذهلة تجلت فيها عظمة البطولات المصرية وأبرز صناع العمل التفاصيل الإنسانية لكل شخصية من الشخصيات التى رافقت المنسى واختارت الدفاع عن الوطن والتضحية بالروح فداء لهذا الهدف العظيم.
لقد استشهدوا مرتين مرة يوم ٧-٧-٢٠١٧. ومرة ثانية اليوم عندما جسد فيه أبطال المسلسل الرائع تلك الملحمة الإنسانية الفريدة بتمكن ومقدرة عالية.
بكينا معهم كثيرًا.. مع العقيد أركان حرب أحمد صابر المنسى ورفاقه الأبطال الشهداء ومع صناع العمل المحترم وفى مقدمتهم الفنان الرائع «أمير كرارة» الذى أدى دور العمر فى هذا المسلسل التاريخى المختلف كذلك المؤلف باهر دويدار والمخرج بيتر ميمى اللذان بذلا جهدًا خرافيًا فى ترجمة أحداث عسكرية حقيقية إلى دراما تليفزيونية، كما نجحا فى استخدام الوثائق والمعدات والمواقع الحقيقية التى قدمتها لهم القوات المسلحة المصرية فى اخراج عمل فنى يليق بأبطالنا، على مستوى الأحداث التى عاشتها مصر فى تلك الفترة الكئيبة من عمر الوطن. غسل بكاءنا ونحن نتابع المشاهد الرهيبة أرواحنا، شيء أشبه بالتطهر، السمو والعلو فى هذه الأيام المفترجة.
وكانت الحلقة الأخيرة رقم 30 من أجمل الحلقات. فقد حرص المخرج والسيناريست على أن يرى المشاهدون الأبطال الحقيقيين وأن يستمعوا منهم الى شهادات حية عن ما جرى فى تلك الأيام التى شهدت المواجهات الصعبة، كانوا زملاء الشهداء، ورأوا وعاشوا تفاصيل ما حدث.
ذكرى الشهداء الغالين أبطال ملحمة البرث وغيرهم كثيرون ممن وهبوا حياتهم لمصر، ونذروا أرواحهم للدفاع عنها فى مكافحة الإرهاب الغادر. ستظل أسمائهم حاضرة فى قلوبنا وذاكرة أيامنا.. كل قصة منهم تصلح عملا سينمائيا أو تليفزيونيا عظيما. شكراً المنسى ورفاقه الأبطال. شكرا لمسلسل الاختيار الذى أعاد إلينا ذكرى أحبائنا من رموز مصر أسود الصاعقة والجيش المصرى العظيم.
كاملة أبو ذكرى بـ ١٠٠ وش !
هناك شخصيات تفرض عليك احترامها، تسحب من داخلك شهادة الاعتماد، صك الاعتراف بتفردها وتميزها. شخصية تقنعك إنها مختلفة وتفسح لنفسها مساحة فى دائرة اهتمامك.
من هذه الشخصيات المخرجة العبقرية كاملة أبو ذكرى التى أتابعها منذ بدايتها الأولى فى السينما : سنة أولى نصب.. واحد صفر.. ملك وكتابة.. يوم للستات. ثم عروجها إلى الدراما التليفزيونية : مسلسل «ذات».. «سجن النسا».. «واحة الغروب».. ثم «ب١٠٠ وش». فى مشوارها الذى أتابعه باهتمام لم تكن مجرد مخرجة متميزة، لكنها فنانة لديها رؤية فنية متكاملة، وجهة نظر، أسلوب فنى يتطور، ينضج، ويتنوع داخلها عملا تلو عمل.
تحيى كاملة الفكرة الكلاسيكية وراء أى عمل فنى محترم، فكرة الأصالة، ألا يكون استنساخا من أعمال أخرى سواء أجنبية أو مصرية. توقيع كاملة على أى عمل أصبح بمثابة علامة الجودة التى تقول أن هذا العمل أصلى مائة بالمئة.
دعونى أتكلم الآن عن أحدث أعمالها «ب١٠٠ وش» الذى عرض فى رمضان ٢٠٢٠. استطاعت كاملة أن تصنع عملا مبهجا، أصبح مصدرا للطاقة الإيجابية فى ظروف الكورونا والحظر والتباعد الاجتماعى الكئيب الذى نعيشه.
اختارت نصا متماسكا لاثنين من كتاب السيناريو الشباب: عمرو الدالى وأحمد وائل. نص لا يعانى من أمراض الشغل التجارى من ترهل ومط وعدم ترابط. رغم أن تيمة النصب والنصابين تكررت من قبل فى أعمال كثيرة أجنبية ومصرية إلا أن «كاملة» ببراعة وملكات فنية عالية استطاعت أن تصنع حالة فنية متكاملة العناصر.. الكادرات.. أماكن التصوير الحية الطبيعية التى تجعلنا نحن المشاهدين نرى دراما من لحم ودم الواقع بعيدًا عن جو القصور وسكان الكومباوند.
الكاستينج واختيارها للممثلين لا يتم ببساطة أو استسهال، بل بعد تفكير عميق نابع من رؤية فنية. قدمت وجوها جديدة عشقها المشاهدون، وارتبطوا بها منهم إسلام إبراهيم ودنيا ماهر وعلا رشدى وشريف دسوقى ومصطفى درويش ومحمد عبد العظيم وزينب غريب وسلوى محمد على وحنان يوسف ولؤى عمران وحسن أبو الروس وسارة التونسى وغيرهم.
النجمة نيللى كريم.. النجم آسر ياسين نراهما لأول مرة فى أدوار لم نتخيلهما فيها. والمفاجأة أن الأداء كان عاليا، صادقة، محبوكا، تفاعل معه الجمهور تفاعلا هائلا من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى لجان إلكترونية تروج للمسلسل. العمل الفنى الحقيقى الذى يمنح مشاهديه المتعة يروج لنفسه بنفسه.
حتى أغنية التتر لفرقة المدفعجية والتى شاركتهم نيللى الغناء غاية فى الجمال. متوافقة مع الحالة الفنية التى صنعتها المخرجة الفذة كاملة أبو ذكرى. وفى رأيى أنها كانت إحدى عناصر نجاح المسلسل الرئيسية.
الفنانون المشاركون فى العمل بدون استثناء أعادت المخرجة اكتشافهم وأخرجت من داخلهم أشياء لم تظهر من قبل مع أى مخرج آخر. إسلام إبراهيم.. علا رشدى.. وآخرون سيكون لهم شأن آخر بعد نجاحهم فى ب١٠٠ وش.
ب١٠٠ وش مسلسل أثبت أن الكوميديا ليست أفيهات سخيفة ولا زغزغة هايفة. بل هى فن حقيقى منذ شارلى شابلن وحتى نهاية العالم.
نيللى كريم
سر غريب ربما من الصعب أن نجد له تفسيرا، علاقة خفية لا ندرى كيف أو متى نشأت بين نجم ما وجمهوره؟ ما السر الذى يجعل نجمًا معينًا شخصا مهما عند المشاهدين، فتصبح متابعة أعماله مسألة أساسية فى حياتهم، يشاهدونها بشغف، ينتظرون أحدث إنتاجه الفنى بترقب واهتمام. هل هو القبول؟ الحضور؟ الكاريزما التى يهبها الله لبعض عباده؟ هل هى الموهبة الأصيلة؟ هل هو الصدق الفنى؟ هل هو الحظ والمصادفات التى وضعته فى طريق أعمال مهمة يشاهدها الناس؟.
أعتقد أن الموضوع ليس معادلة رياضية يمكن حسابها، لكنه أشبه بعلاقة الحب بين شخصين، إنها تحدث فحسب، دون حسابات أو ترتيب. ليس معنى هذا أنها لا تستند إلى أسباب قوية، بالنسبة لى أنا شخصيا أعتقد أن الصدق الإنسانى والموهبة الحقيقية هما أهم الأسباب.
وجدت نفسى وسط تلك التساؤلات الكثيرة وأنا أفكر فى الكتابة عن نجمة أحبها وأتابعها منذ سنوات طويلة، وأترقب جديدها، هى الفنانة نيللى كريم، بطلة مسلسل» ب100وش « فى رمضان هذا العام، هذا المسلسل الذى أصبح الكنافة والبقلاوة والقطايف عند معظم البيوت المصرية والعربية أيضا.
فاجأتنى «نيللى» كما فاجأت جمهورها الكبير، ظهرت بوجه مختلف وشخصية لم يتخيل أحد أن تلعبها. شخصية النصابة الفقيرة، التى تنتمى إلى الحارة، بنت بلد من حى شعبى، تتكلم وتتحرك كأنها ولدت وعاشت هناك بين مجموعة من أولاد الحارة الذين جمعهم حب المال والحلم بتسلق جبل الثروة طمعا فى الوصول إلى قمته. تتلاقى أحلام «سكر» الفتاة الجميلة الفقيرة مع أحلام «عمر» الشاب الأرستقراطى الذى تلمع نفس الفكرة فى رأسه منذ زمن، ويمارس غزواته فى النصب على مستوى فردى بسيط كما كانت تفعل «سكر» قبل أن يجمعهما القدر، ويبدآن فى تكوين عصابتهما المشتركة بالتعاون مع أفراد من حارتها، باستثناء سامح موظف الشهر العقارى وسبعاوى خال «رضوى».
توحدت «نيللى» مع شخصية «سكر» كما فعلت من قبل فى معظم الأدوار الصعبة التى قدمتها خاصة فى الدراما التليفزيونية. اقنعتنا إنها هى الفتاة الحبوبة الذكية اللهلوبة النصابة اللذيذة، بطريقة كلامها، مكياجها، ملابسها، لغة الجسد التى برعت فيها، نطقها للكلمات ومخارج ألفاظها، اقنعتنا فعلا إنها «سكر».. بنت الحارة الشعبية.. لم أشاهد نيللى كريم، بل رأيت «سكر» فحسب.
الفنان الحقيقى الذى يحترم جمهوره يفعل ما فعلته «نيللى» يغير جلده كل فترة، يراجع مشواره ومشروعه الفنى، ثم يبدأ فى خلق الفكرة الجديدة، أو البحث عنها. هذا ما فعلته نيللى بعدما قدمت أكثر من مسلسل تليفزيونى نالوا جميعا مشاهدة عالية، واهتمام جماهيرى واسع، أحبها الجمهور لكنه وصفها أو وصف أعمالها ب»النكد» وكادت تلك الصورة الذهنية تلتصق بها.
اختفت نيللى عن سباق الدراما فى رمضان الماضى لأسباب كثيرة لا مجال هنا للحديث عنها، ويبدو أنها كانت فرصة قوية للفنانة كى تختلى بالإنسانة، انفردت نيللى ب نيللى، وكنت أراها تهرب كثيرا من القاهرة إلى الجونة حيث الهدوء والاسترخاء واليوجا، شئ مهم أن تلتقى بنفسك الحقيقية بعيدا عن الأضواء والضجيج، الكاميرات والمعجبين، وأن تقيم ما فات وتفكر فيما هو آت. هذا ما فعلته نيللى، فى نفس الوقت او فلنسمها «استراحة المحارب» فاجأت نيللى وعكة مرضية شديدة سافرت على أثرها لتجرى جراحة دقيقة فى أمريكا، وبفضل الله ودعاء المحبين عادت نيللى سالمة بعد نجاح الجراحة وشفائها تماما.
ربما كانت تلك الظروف مجتمعة هى التى أطلقت شرارة التغيير الشامل الرائع الذى بهر جماهير نيللى كريم فى مسلسل»ب100 وش» وربما لا يزال داخل «نيللى كريم» الكثير والكثير لتفاجئنى وتفاجئ جمهورها الكبير به.
مبروك نيللى الفنانة المحبوبة المحترمة وفى انتظار الجزء الثانى من المسلسل الذى أحبه الجمهور، وحقق نجاحا مدويا هذا العام.
> كلمات:
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا. اللهم اغفر لنا ذنوبنا وأعده علينا بالخير واليمن والبركات ونحن والأمة العربية بأفضل صحة وأحسن حال.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة