د. ليلى الغلبان
د. ليلى الغلبان


قضية ورأى

من الأرض.. مع خالص الحب

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 28 مايو 2020 - 06:10 م

 

يتوارى البشر إلى خلفية الصورة فى زمن كورونا... خلف أبواب مغلقة.. يعتلى المسرح أبطال جدد.. تخبو أصوات الضجيج البشرى المنفر.. لنرهف السمع لأصوات أخرى لطالما ضاعت وتبددت.. وليفسح المجال لكوكبنا.. بيتنا الأرض.. لتتحدث بصوت عال وترسل رسائلها المدوية لنا جميعا:
عزيزى الإنسان
أتيت إلى الوجود قبلك بآلاف المليارات من السنين.. نقطة زرقاء باهتة فى السماء.. مرئية بالكاد.. ذرة رماد سابحة فى فضاء بلا حدود.. الحياة مزدهرة بى.. التنوع الحيوى ينطق بآيات الله المعجزة.. فى الحيوانات.. فى النباتات.. البحار.. المحيطات.. الجبال.. السهول.. فى كل ما فوقى وما فى باطنى.. وعندما شاء الله تعالى أن يجعلك خليفة له سبحانه، أرسلك إلى بعد معصيتك وتوبتك..كنت فى استقبالك.. وإيوائك لأنك خلقت منى.. فعلى متنى تولد ويشتد عودك وتواجه اختبارات الحياة وتحقق المعجزات وتصدمك النكسات.. أرى منك نبلا ووحشية.. تحضرا وبربرية.. ملائكية وشيطانية.. خليطا عجيبا.. وعلى أرضى تموت ويحتضنك رحمى مرة أخرى.. لقد جعلك الله سيدا على كافة المخلوقات، وحباك قدرات مدهشة مكنتك من ترويض الطبيعة واحتواء أخطارها.. شيدت أعظم الحضارات وارتكبت أفظع الخطايا.. مخلوق رائع فريد مبدع مذهل مرعب أنانى.. تعيش سائر المخلوقات على أرضى وتمضى دون أن تترك أثرا على.. أنت أفضل من سكننى وأسوؤهم أيضا.. أسأت إلى.. أسرفت فى استنزافى وتدميرى.. خنقتنى بالهواء الملوث.. سددت ولوثت موارد مياهي.. استسهلت الصناعات الملوثة لجنى الثمار بلا تعب.. أطلقت سباقا مجنونا للتلوثّ والاستهلاك كى يزداد الغنى غنى والفقير فقرا.. واصلت قطع الأشجار واجتثاث الغابات.. حولتنى إلى صحارى.. وكثرت المجاعات والحروب وضاعت اللغات والثقافات.. صيرتنى مستودعا كبيرا للنفايات..
استراحة..
ثم جاءت جائحة كورونا المستجد.. شريان حياة لى كى أظفر باستراحة..... نافذة أمل لشفاء بعض ندوبى وتضميد بعض جراحى.. الطيور تشهد أفضل مواسم التكاثر منذ عقود انطلقت ألحانها تسكب فى الكون طمأنينة وسحرا.. المروج.. الأشجار.. عشب الطريق.. الجداول.. الأنهار.. البحار.. الهواء.. الكل يستعيد عافيته وألقى.. رئتاى تتعافيان.. والإحساس بى وبأوجاعى فى علاه... الضغط على الحكومات والشركات للتكيف مع الواقع الجديد وتبنى سياسات وإجراءات تقيم توازنا بين إنقاذ الأرواح والمحافظة على سبل العيش فى ذراه.. آمل أن تكلل جهودك بالنجاح..
وأخيرا لا تقلق بشأني..سأكون على ما يرام.. فكم مرت على من الصروف.. فقط اعلم أننى بيتك الوحيد فى هذا الكون الواسع.. الله وحده يعلم إذا كان سيصبح لديك بدائل أخرى.. وجودك على أرضى بمثابة رفة جفن فى عمري، وحياتك مهما أوتيت من قوة وعلم قد تنتهى فى أى وقت وبأتفه الأسباب.. ولك فيمن سبقوك من سكانى عبرة..لن تعجز الله.. عد كما أرادك الله، خليفة مؤتمنا على أداء الأمانة..
مع حبى.. الأرض..
< رئيس قسم اللغة الإنجليزية بآداب كفر الشيخ

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة