الأحد، 31 مايو 2020 - 08:03 م

بقلم/ هناء عبدالفتاح

تداول سؤال مهم جداً بعد عرض مسلسل الإختيار، لماذا الشهيد أحمد منسى تحديداً رغم أن قائمة شهدائنا من الجيش والشرطة طويلة؟، لماذا وقع الإختيار على بطولته هو بالذات رغم أن البطولات كثيرة وجميعها يقف أمامها التاريخ الوطنى إجلالاً وإحتراماً ؟.
الإجابة هى مشيئة القدر الذى أراد أن يكون منسى هو الاكثر صيتاً بين الشهداء رحمة الله عليهم لكونه من أشرس قادة المعارك ضد الإرهاب فى سيناء بعد عزل مرسى العياط ولأنه كان زميل الإرهابى هشام عشماوى فى الجيش وعلى تعامل مباشر معه، فطبيعى أن يقع الإختيار عليه لتجسيد نموذج الوفاء فى قصة الوفاء والخيانة، لكن الحقيقة أن منسى الذى فى المسلسل ليس شخصاً واحداً، وإنما هو تلك القائمة الطويلة بكل مافيها من حكايات.
منسى هو نموذج للمقاتل المخلص فى أى وقت وأى مكان، منسى أيضا فكرة وعقيدة وإيمان، لقب يمكن إطلاقه على كل مخلص للوطن وكل مضحى من أجله وكل متقن لعمله وكل منكر لذاته من أجل ما هو أهم من ذاته، منسى درجة تمنح لمن يتجاوز إختبارات الإيثار والتجرد وتغليب الصالح العام، لذا يمكنك بسهولة أن تصرف النظر عن شخص منسى وتعممه كمواصفات تنطبق على أبطال أخرين لم يأخذوا نفس المساحة التى كانت من نصيبه، فليطلق إذن كل منا نظره بحثا عن منسى حوله.
أنا رأيت زوجة المقاتل هى أيضاً مقاتلة بدرجة منسى، تلك المرأة التى طالما إنتظرت البلاء وهو الأفظع كثيراً من وقوعه، هى التى عاشت أوقاتا طويلة لا تتحرك فيها عقارب الساعة، إحباط، حزن، خوف، ترقب، سيناريوهات مرعبة، وسددت فاتورة كل هذا من جهازها العصبى ووضعها النفسى والمعنوى.
حلت محل زوجها بشكل كامل داخل البيت وتحملت كافة مسئولياته كزوج وأب، فأصبح الوضع أنه يقاتل فى مكانه وتقاتل هى من أجل استمرارية صمود جهازها العصبى أمام هجوم كل محبطات الحياه عليه دفعة واحدة، لو استشهد زوجها فهو موعود بوعد إلهى أن يكون حيا عند ربه يرزق، فرح بما آتاه الله من فضله ومستبشر بالذين لم يلحقوا به من خلفه ولاخوف عليه ولا حزن يصيبه، كثيرون فى الحياه منسى فمن رأى منكم أى منسى فى أى صورة فليشرعليه ويثمنه وليعطه حقه فى التقدير.