صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


قصص وعبر| بنت الأكابر.. ضربت جوزها في مقتل‎

علاء عبدالعظيم

الثلاثاء، 09 يونيو 2020 - 09:34 م

لها طلعة بهية، تنم عن وجاهة، ممشوقة القوام، ومستديرة الوجه، طويلة القامة، تبدو عليها علامات الثراء، وترتدي قبعة فوق رأسها تظلل وجهها، ولا تترك من شعرها البني المائل للصفرة إلا بعض الخصال المتدلية على جبهتها.

وفي عينيها طموح وتعال، ومزيجا من العقاب وخيبة الأمل.

وبخطوات يشوبها جلال ووقار توجهت إلى منصة قاض محكمة الاستئناف للأسرة، وبصوت متدفق بنغمات تمتزج بالنعومة، والرقة قالت: لقد جمعتني قصة حب كبيرة بزوجي منذ أول لقاء بيننا بأحد الأندية الرياضية، وتعلق كل منا بالآخر، وأصبحنا لا نفترق، وتكررت لقاءاتنا، وبعد فترة وجيزة أخبر عائلته برغبته في الزواج مني، ولاقى القبول سريعا من والديه خاصة عندما علموا بإنني انتسب إلى عائلة كبيرة وثرية تتلاءم مع مركز عائلتهم المرموقة، ولم تقف أمام زواجنا أية عقبات، والظروف جميعها ممهدة.

وبالفعل تم الزواج بسرعة شديدة، وبعد فترة ليست بطويلة، اكتشفت أن المعيار الحقيقي للزواج والحب هو العشرة، والاعتياد، والتعامل عن قرب، فقد كان لكلا منا وجه آخر، وصفات، وعيوب متتالية لم تكشفها لقاءات الحب العمياء، ومخفية وراء نشوة المشاعر الأولى، وأصبح كلا منا أيضا غير مستعد للتنازل أو التأقلم من أجل البقاء على العلاقة الزوجية أثناء حدوث أية مشكلة.

ومع مرور الأيام احتدمت الخلافات بيني وبينه، تركت على إثرها المنزل مرات، ومرات، وتدخل الأهل والأقارب للصلح بيننا، وأصبحت الحياة معه رتيبة مملة، وفي آخر مشكلة حدثت بيننا فوجئت به يعتدي علي بالضرب، مما أثار غضبي، وتركت عش الزوجية، وتوجهت إلى منزل عائلتي، الذين ضعفوا أمام دموعي، وطالبوه بتطليقي، إلا أن وقعت المفاجأة على رأسي كالصاعقة عندما شعرت بحالة إعياء شديدة، وأخبرني الطبيب بأنني حامل، وتدخل الأهل والأقارب مرة أخرى، ونجحوا في استقطابي وعودتي  إليه مرة أخرى.

لكن سرعان ماعادت الخلافات بيننا بقوة أكثر من ذي قبل، وأصبحت صرخات طفلي تمزق أحشائي بسبب كثرة الشجار مع زوجي أمامه، والصوت العالي بعدما بلغ عامه الثاني.

فاض بي الكيل، ولم يكن هناك جديد أو تغيير في حياتي، وكثرة تدخل الأهل والأقارب للصلح، واتخذت القرار بأن أضربه في مقتل بعد آخر مشادة حدثت بيننا، حيث أخبرته بأن الطفل ليس ابنه، للانتقام منه، وحتى تكف العائلتين عن التدخل، وشككته في نسبه للطفل لإنهاء هذه العلاقة بلا رجعة، وما إن سمع بهذا الأمر، جن جنونه، وأصبح كالثور الهائج، وقام بتحطيم منزل الزوجية، وكاد أن يفتك بي، إلا إنني أسرعت بالهرب بطفلي.

هرول بعدها زوجي إلى محامي الأسرة الذي أصابه الهلع من هول ماسمع، وقررا الثأر لشرفه، والتخلص من نسبهم المشتبه به، وأمام محكمة أول درجة نفي زوجي نسب الطفل له، والذي قام بتسجيله والسجلات الرسمية والمخصصة لذلك، وعمره الآن عامان، ورفضت المحكمة الدعوى لعدم قدرته على إثبات ادعاءه، وأن الطفل منسوب إليه وهو والده الحقيقي.

وانكرت الزوجة كل ادعاءات الزوج، أمام قاضي محكمة الاستئناف، وأوضحت بأنه طفله، ومن صلبه، وعللت بأنه يقوم بذلك للتخلص من مسئولياته، والتخلص من دفع نفقة الطفل رغم ثراءه.

وقضت المحكمة برفض الاستئناف المقدم من الزوج، وتأييد حكم أول درجة إعمالا لمبدأ محكمة النقض في هذا الشأن الذي يقر أن النسب يثبت بالإقرار، وأن تسجيل الطفل في سجلات الدولة هو إقرار قائم بحد ذاته، واتخاذ كافة إجراءات النسب من عقد زواج قائم أيضا، وشهادة ميلاد مثبتة هو الأقوى من أي ادعاء، وأنه طالما تم إثبات نسب الطفل فلا رجعة في ذلك حتى لو اتفق الزوجان معا على العدول عن النسب وذلك لمصلحة الصغير.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة