صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


قصة الرحلة المقدسة إلى أبيدوس

شيرين الكردي

الأربعاء، 10 يونيو 2020 - 04:32 ص

دراسة للتراث المرتبط بتاريخ مصر القديمة للباحثة زينب محمد عبد الرحيم الباحثة فى الفولكلور والثقافة الشعبية عن  رحلة  الحج عند المصري القديم  إلى أبيدوس وتشير الباحثة زينب محمد عبد الرحيم إلى أن رحلة أبيدوس هى رحلة سياحية دينية مُقدسة كان يقوم بها النبلاء و الأشراف الأوزيريون مُتجهين إلى أبيدوس (إبجو) كما أطلق عليها المصريون القدماء أما الأسم الحالي لهذه البلدة فهو العرابة المدفونة بمحافظة سوهاج، حيث يوجد بها مقبرة أوزيريس المعروف بأسم الأوزيريون وكذلك مقابر ملوك الأسرتين الأولى و الثانية وفيها دُفنت رأس أوزيريس.

 

وتؤكد زينب محمد عبد الرحيم  أن لهذه الرحلة أهمية بالغة في العقيدة المصرية القديمة لأنها لم تقتصرعلى الزيارة الدنيوية فقط ولكنها أمتدت إلى العالم الآخر  العالم الأبدي الذي يفوز بها المؤمنون اللذين لم يخالفوا قوانين الماعت و يقوم الزائرون بالطواف حول المعبد (مابين السورين) و هذة الزيارة يقوم بها المصري لكي يبرئ نفسه من الذنوب.

 

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة مشيرًا إلى تعويذة دخول أبيدوس والانضام إلى معية أوزيريس من كتاب الموتى الفصل 138 نصها (يا أيها الآلهه ساكني أبيدوس، المجتمعة بالكامل أقبلوا لمقابلتي مُهللين، و أنظروا إلى أبي أوزيريس و أنا فى سياقه، أنا المولود منه أنا هذا الحورس سيد الأرض السوداء و الصحراء الحمراء) وفى الفصل 183 نجد التعبد إلى أوزيريس و تقديم التحية له وتقبيل الأرض أمام (أون نفر) و لمس الأرض أمام سيد البلد المقدس حيث يقول الزائر و يردد  (لقد أتيت إليك يا أبن نوت أوزيريس الذي يحكم الأبدية أنا من حاشية جحوتي أبتهج من كل ما تقوم به, لقد أحضر إليك النسمة الهادئة من أجل وجهك الجميل و رياح الشمال التي خرجت من آتوم هى من أجلك يا سيد البلد المقدس) .

 

ويشير الدكتور ريحان إلى أهم طقوس زيارة أبيدوس والاحتفال بأوزيريس وهى أن يزرع كل مصرى شجرة من أجله يأكل من خيرها فى العالم الآخر الأبدى و تظهر لنا النقوش على جدران المقابر منذ الدولى الوسطى و الحديثة بعض الإشارات عن هذه الرحلة المقدسه كما يظهر في مقبرة حور محب وباشدو نجد منظر لرحلة ذهاب المتوفىَّ مع زوجته إلى الحج الرمزى في مركب جالسين فيما يشبه المقصورة  وأمامهما مائدة قرابين و يتقدم مركبهم مركب أخر به عددًا من المجدفين و له شراع كبير ثم رحلة العودة في مركب أخر يتقدمه كاهن يقوم بتقديم الماء الطهور من الآنية و البخور.

 

وينوه الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى أهم طقوس الحج وهى التطهير قبل الطواف حول المعبد المقدس وقد عرف المصرى القديم الطهارة فى حالات كثيرة  ولأسباب عدة منها ما كان سببًا دينيًا و منها ما كان سببًا معنويًا و للمصري القديم طهارتان، الأولى خاصة بالاغتسال و طهارة تتعلق بإزالة الذنوب و ذلك بخلاف النظافة العادية  لأن المصرى كان حريص على النظافة البدنية في حياته اليومية وكان له أدوات خاصة بالتطهر وهى "طست المرمر"  من أهم الأدوات خاصة في الأعياد والاحتفالات و كان يأتي بمعنى ( hbt) بمعنى كتاب الشعائر الطقوس و ارتبط بطقوس التطهير الخاصة بالاحتفالات الدينية وكذلك الأبريق ولكنه يظهر بشكل متكرر على موائد القرابين واستخدم طقس سكب الماء بغرض التطهر الذى كان رمزًا طبيعيًا للحياة وإعادة الحيوية عند المصرى القديم وقد شيد قدماء المصريين مقبرة أوزيريس على عيون مياة جوفية لتمثل المحيط الأزلى اللانهائى للملك الأول أوزيريس .

 

وينوه الدكتور ريحان إلى أن الطهارة شملت طهارة الثوب وأوضحت النصوص أن (جد) يختص بتطهير الملابس وكان هناك طقس خاص لتطهير الثياب للكهنة و للملوك وحتى للموتى والأحياء أيضًا فطهارة الثوب شرطًا أساسيًا لاكتمال عملية التطهير وكان المعبد المقدس من الأماكن الطاهرة التي لا يدخلها إلا المطهرين كما إن كل شئ داخله طاهر بما فيه تمثال الإله نفسه وأرديته وكذلك أرضية المعبد 

كما أوضحت النقوش والمناظر رحلات الحج  للزائر وزوجته على متن قارب متجه إلى أبيدوس فنجدهم في هيئة وقورة يلفان رداءً طويلًا أبيض اللون يُشبه العباءة يحيط بالجسد كله بحيث لا يظهر منه إلا اليدين ويصل هذا الثوب إلى القدمين في أغلب الأحيان ووجد هذا المنظر فى مقبرة باشدو هو وزوجته يركبان مركبًا في طريقه إلى أماكن مقدسة ويرتديان الملابس البيضاء متجهان إلى أبيدوس لأداء الحج المقدس .

 

وهكذا كانت رحلة أبيدوس كما أشارت الدراسة بمثابة الحج  المقدس عند المصرى القديم ويعتبر احتفالاته و طقوسه وأدواته وملابسه الخاصة  وذلك بخلاف الذبائح التى كان يقدمها المصرى القديم فى هذه الزيارة المقدسة هكذا كانت عقيدة المصرى القديم و ديانته تلك الديانة المصرية التي لم تتعارض مع أفكار الديانات السماوية كالمسيحية والاسلام  ومن هذه الأفكار الراقية الإيمان بالله الواحد حسبما ورد فى النصوص الدينية التي تذكُر " إننى أنا الإله الأوحد خلقتُ الأرباب بمنطوق فمي وخلقت البشر من دموع عيني " و هكذا ظلت العقيدة المصرية باقية ومتوارثة حتى عصرنا الحالي ولم تتعارض أبدًا مع الديانات السماوية .

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة