عبد الرحمن عزام يشرح شيئا ما للملك عبد العزيز آل سعود بحضور الملك فاروق
عبد الرحمن عزام يشرح شيئا ما للملك عبد العزيز آل سعود بحضور الملك فاروق


الذكرى الـ 44 لرحيل أول أمين عام للجامعة العربية الملقب بـ«جيفارا» العرب

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 11 يونيو 2020 - 07:48 ص

مرت علينا أول أمس الذكرى 44 لرحيل عبد الرحمن عزام باشا أول أمين عام لجامعة الدول العربية الذى يطلق عليه البعض لقب "أبو جامعة الدول العربية" ويطلق عليه البعض الآخر لقب "جيفارا العرب"، ولا يمكن ان يذكر اسم عبد الرحمن عزام دون أن يقفز امامنا جامعة الدول العربية كفكرة وكيان تنتمى لصاحبها عبد الرحمن عزام باشا، والدور الذى لعبته الجامعة فى ظل رئاسته لها.
ولد عبد الرحمن عزام باشا فى 8 مارس 1893 بالشوبك الغربى ـ مركز العياط محافظة الجيزة - من أسرة عربية تنتمى أصولها إلى جزيرة العرب، وكان والده الشيخ حسن بك عزام من أعيان الجيزة، وعضوا بجمعية شورى القوانين (أول المجالس التشريعية المصرية)، وذلك قبل الحياة النيابية فى مصر التى بدأت بدستور عام 1923. وجده هو الشيخ سالم بك عزام ناظرا للجيزة الذى تم نفيه فى عهد الاحتلال البريطانى إلى السودان وتوفى ودفن بمدينة الخرطوم، تلقى عبدالرحمن عزام تعليمه الابتدائى والثانوى بحلوان ثم سافر لدراسة الطب فى كلية سان توماس بجامعة لندن سنة 1912 وأسند إليه القادة العرب فى 22 مارس 1945 امانة جامعة الدول العربية فى القمة الأولى التى عقدت فى أنشاص، وقد نال لقب "جيفارا العرب" لأنه شارك فى حروب كثيرة، حارب ضد الصرب فى صفوف العثمانيين وروسيا، وحارب الإنجليز مع أحمد الشريف السنوسى، وحارب الفرنسيين، وحارب ضد الطليان واحتل مع محمد صالح حرب والسيد أحمد الشريف الواحات المصرية، وأنشأ الجيش المرابط خلال الحرب العالمية الثانية.
كان عبد الرحمن عزام منذ بداية عمله السياسى مهتما بفلسطين، ففى الفترة التى عمل فيها كصحفى كتب بعض المقالات النادرة فى العشرينيات يتحدث فيها عن القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، وشرح حقيقة القضية الفلسطينية للعالم الإسلامى ووضّح المطامع اليهودية الاستعمارية، كما شارك فى المؤتمر الإسلامى بالقدس عام 1931، وساهم فى أعمال المؤتمر بشكل متميز وهاجم الإنجليز، الأمر الذى أدى إلى القبض عليه وترحيله من فلسطين إلى الحدود المصرية، وكانت هذه المشاركة أول مشاركة رسمية له لمناقشة قضايا فلسطين وأطماع اليهود، وفى عام 1939 شارك بمؤتمر الدائرة المستديرة بلندن، باعتباره عضوا فى وفد مصر، واختارته الوفود العربية مستشارا لها، وعندما وضِع ميثاق جامعة الدول العربية، كان عزام حريصا على وضع ملحق خاص بفلسطين فى الميثاق، ليتم تمثيل فلسطين فى مجلس الجامعة.


وقد نقلت الصحف المصرية كلمة عبد الرحمن عزام باشا الأمين العام لجامعة الدول العربية التى ألقاها فى مؤتمر فلسطين بلندن فى 12سبتمبر 1946 والتى اعرب فيها عن أسفه لتغيب مندوبى عرب فلسطين وأكد أنهم سيقاومون ويعارضون مشروع نظام الاتحاد. ونوه بأنه كان يتمنى بعد سماعه أقوال الوفود العربية أن يدلى بنفسه بوجهة نظر اليهود لتغيب مندوبيهم وأردف أن هذا ما سيفعله البريطانيون لأن العرب اعتادوا فى المؤتمرات السابقة أن يسمعوا وجهة النظر اليهودية من البريطانيين أنفسهم، ولو كان الأمر مقصورا على البريطانيين وحدهم لتوصل هذا المؤتمر إلى اتفاق فى بحر يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر فليس وجود البريطانيين فى فلسطين إلا مؤقتاً ولن يعدم العرب وسيلة للاتفاق معهم ولكن لسوء الحظ كلما دعت الحالة العرب لمقابلة البريطانيين تحتم عليهم فى نفس الوقت مقابلة اليهود، وقال إن عرب فلسطين لن يقبلوا المشروع المقترح فإذا كان القصد منه التحالف فهم لا شك رافضون فكرة تجزئة البلاد إلى مقاطعات وإذا كان القصد منه التقسيم فهم أيضاً رافضون، وتساءل عن السبب الذى حدا بالرئيس الامريكى ترومان أن يختار مائة ألف دون تسعة وتسعين ألفا أو مائة ألف وألف مثلاً، وأجاب على هذا السؤال بقوله لعله شغف الرئيس بالأصفار، فلو فرضنا أن العرب قبلوا العمل برأيه لأدى ذلك إلى رضاهم بسلخ جزء من بلادهم ثم قبول إدخال 100.000 يهودى وبعد ذلك السماح بتدفق اليهود إلى البلاد وفيما وكيفما يشاءون، وقال إن اليهود الذين يرسلون الآن إلى فلسطين من أوروبا جنودا منتقين مجندين خصيصاً للقتال، فمن مصلحة البلاد إذاً أن يوقف تيار هذه الهجرة، نعم حرى بمصلحة البلاد أن يوضع حد لهذا التجنيد وأن يوقف تدفق هؤلاء الجنود عليها لأن فلسطين فى اشد الاحتياج إلى الأمن والسلام، والحقيقة هى أن هذا المشروع دبر لأغراض سياسية محضة وليس بقصد إصلاح إدارة البلاد فهو لو طبق لما أفلح فى تهدئة خواطر الإرهابيين حتى ولو كان ذلك هو معينة فى فلسطين فحسب بل فلسطين بأجمعها وبعد ذلك شرق الأردن أيضا وليس ثمة وسيلة لوضع حد لجشعهم، ولن يصلح المشروع لاستتباب الأمن فى البلاد لأنه لا سبيل مطلقاً لكبح جماح الإرهابيين بممالأتهم، وإذا نظرنا على هذا المشروع من جهة عملية محضة لانتهى بنا كذلك على منطقة يهودية يكون العرب فيها أقلية مآلها لا شك للطرد، وأخرى عربية يقطنها بدورها أقلية يهودية من الصعب التوصل إلى طريقة للتعامل معها".


من الجدير بالذكر ان عبد الرحمن عزام باشا لعب دورا كبيرا فى المصالحة بين الملك عبد العزيز آل سعود والملك فاروق، وترك عزام باشا رئاسة الجامعة العربية وكان سبب الازمة مؤتمر الخرطوم عام 1968 عندما اذاع احمد سعيد تقريرا مسيئا للسعودية بإذاعة صوت العرب الامر الذى اثار غضب الملك فيصل، وقد غضب عزام باشا لأن هناك صلة نسب مع الامير محمد الفيصل ال سعود الذى كان متزوجا من ابنة عزام باشا، وقد اثارت استقالته من الجامعة العربية ازمة حادة ظهرت اثارها فى حفل العشاء الذى اقامه على ماهر باشا اول رئيس وزراء لمصر بعد ثورة 23 يوليو بالاسكندرية تكريما للملك فيصل دعا إليه اللواء محمد نجيب ولم يحضر عبد الرحمن عزام باشا فذهب إليه جمال عبد الناصر بمنزله لمحاولة اقناعه بالعودة إلى الجامعة العربية لكنه اصر على موقفه، ومن الجدير بالذكر أيضا الإشارة للمشادة التى حدثت بين عزام باشا عام 1948 ونورى السعيد وزير خارجية العراق داخل الجامعة العربية عندما قال له: " اسكت يا نورى والا خرجت من هنا لأصارح الجماهير بحقيقة خيانتك"، وسكت نورى ولم يتكلم وناقش اول جلسة عن عروبة القدس ورفض تدويل القضية مع الملك فيصل ال سعود، مما لاشك فيه ان سيرة حياة عبد الرحمن عزام باشا طويلة انتهت بوفاته فى 2 يونيو 1976 عن عمر يناهز إحدى وثمانين سنة، ودفن بمسجد عزام بحلوان.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة