أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

سأنجو

أحمد عباس

الخميس، 11 يونيو 2020 - 06:04 م

السلام عليكم دار قوم مؤمنين..
أما الآتى كله فليس إلا نعيًا أكتبه بنفسى، ولنفسى، فلا أحب أن ينعانى أحدهم على مضض. أما عنى، فأنا لم أكن يومًا عظيمًا لُأُحمل على عربة تجرها الخيول، ولا سأبدو ملفوفا بعلم، ولا ستشيعنى أرتال فى خطوات منتظمة، ولن تكون جنازة مهيبة، ولا المواكب يومًا أعادت الراحلين، فى أحسن الأحوال سيخصص المقربون منى - بالكاد- مساحة هنا فى إحدى الصفحات الداخلية السوداء، فلا داعى للألوان، ويجدون لى صورة شخصية ضحكت فيها صدفة، ويكتبون فوقها ببنط سميك وعبارة مقتضبة «وداعًا يا صديق العمر»، سيضعون شارة سوداء مائلة أعلى يسار الصورة، ثم يستجدون بعضا من زملاء أوفياء يعرفون الكتابة، أو لهم معى مواقف سابقة، ويحثونهم على رثائى، ووالله أنا لا أكره إلا أن أنعى نفسي، ولكنى أكره أكثر أن يعاودوا الاتصال أكثر بأشخاص أرقامهم مغلقة، بحثًا عن كاتبين لرثائى.. ذلك فى أحسن الأحوال!
أما إذا أفلت من الموت هذه المرة، وسأفلت، -ذلك أننى فعلتها مرات عديدة كلها كانت صدفة-، سأشترى مقبرة، لن أضع عليها شاهد رخامى محفور بماء مًذهب، ولن أتركها جدباء تنبت على حوافها أشجار عشوائية جافة، سأزرع ساحتها بنفسي.أغرس الياسمين، وأرعى الريحان، والقرفل، وأعتنى بشجيرات الفل، وأسقى جذوع النعناع، جميعها يحتمل صهد التراب. وإن استطعت سأبنى أيضًا نافورة صغيرة ليشرب منها الطير.
سأعقد مع صديقى اتفاق شرف - فلا شيء مجانى فى هذه الحياة -  إذاأنا مِت قبله يُسلم هذا النعى إلى مسئولى الصحيفة، ثم ليلحق بى على خير بإذن الله، وإذا مات بعدي، يكون هذا النعى هو رثائى له، فكل الذين رحلوا ودوا لو رثوتهم بقلمى.
سأكتب فى ذيل نعيى..
أن اقرأوا رسائلكم، وكونوا طُلقاء.. تحرروا. أن أحبوا الجميع، ولا تكونوا وُدعاء.أن إبقوا فى هدوء، وارحلوا فى سلام، وتذكروا أن لا خلود هُنا مهما طال البقاء، أو زاد التعلق. أن ازرعوا الخير، واسقوا الزرع وابتغوا الحق. أن اختاروا الجمال والعدل، وكونوا رُحماء صادقين..
كل ذلك بالقطع إذا نجوت، وسأنجو!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة