رشا الشايب
رشا الشايب


مصر المستقبل

الصَبْرُ العَجِيب

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 14 يونيو 2020 - 07:51 م

بقلم/ رشا الشايب

الدهشة كست ملامحي، والصدمة اعتلت كياني، والحزن ملأ كل شعوري، فاختلطت فى نفسى مشاعر ممتزجة من الصدمة والحزن والدهشة حينما كان يروى لى قصته الأليمة والتى كان الظلم فيها هو سيد المشهد وبلا منازع.
ولكونى أعرفه جيدا - فهو أستاذي- صُدمت من وقع ظلم كبير تعرَّض له فى جهة عمله، فحزنت من جرّاء ظلم معنوى ومادى عظيم أصابه ولكن لم يتملكه؟
فيغضب داخلى بشدة إن رأيت المخلصين فى أعمالهم بدلًا من أن يتم تقديرهم على حسن صنيعهم، أن يُعاملوا هكذا وكأنهم قد اقترفوا ذنبًا كبيرًا حين قرروا الاجتهاد والإخلاص فى أعمالهم.
وبدأ فى سرد وقائع اغتيالهم المعنوى له، والذى حِيك بكل شر وجرأة واقتدار، وفى نهاية الأمر أخرجوه تعسفًا وتنكيلًا من حظيرة عمله.
وناهيك أيها القارئ الكريم عن تفاصيل مظلمته أو عن مبررات ظلمهم له، لأنى أريد أن أنقل لكم الأهم، ذاك الأمر المحير والمدهش بالنسبة لي، ألا وهو رد فعله تجاه ما تعرّض له، فكنت قد دأبت من فترة على أن أرقب ردود أفعال المظاليم، فإمَّا أن أشاهد كل ألوان الانتقام، وإمَّا أن يصمت أحدهم عن الإتيان بأى فعل لكونه مسكينا بلا ظهير أو سند يدفع عنه ظلمه، فيصمت وهو موجوع قلبه، أو حتى وهذا أبسط الأشياء أن يأتى أحدهم بكل أشكال السب واللعن مع توجيه أغلظ الدعوات بالحرق والهلاك نحو من ظلموهم أو كادوا لهم.
لكن، مما أدهشنى وبحق، ولفت انتباهى وبشدة، فتخشبَّت حواسى وصمت عن الكلام لسانى حينما وجدته هادئ الأعصاب، ساكن الملامح، متزن الانفعال وكأنَّ الهدوء ملأه داخليا وفاض الباقى ليكسو ملامحه خارجيا، فكان خفيض الصوت، يحفظ لسانه حتى عن مجرد توجيه الأذى اللفظى لمن أشبعوه ظلما وأردوه كيدا.
وما أقل الصابرين بحق، الراضين بأقدارهم شرها قبل خيرها، خاصة الصبر عن ظلم وأذى يفوق قدرة البشر على تحمله، ولا أنكر عن نفسى أنى قد تعلمت منه الكثير وخاصة فى موقفه هذا، فقد رأيت بأم عينى صبرا عجيبا ورضا غريبا لم أتعوّد رؤيتهما قبل بهذه الصورة الحقيقية، فكلنا نعلم أن الحديث عن الصبر أمر، ولكن الصبر ساعة المصيبة فعلا وليس قولا أمر آخر، وأصحابه هم النادرون.
وكما قال أحد العارفين "ابن عطاء الله السكندري": أن الصبر هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة