نوال مصطفى
نوال مصطفى


يوميات الأخبار

102 يوم حبس

نوال مصطفى

الأربعاء، 24 يونيو 2020 - 07:58 م

«المشكلة الحقيقية فى مجتمعاتنا العربية هى أننا نعيش الازدواجية فى كل شئ، ما نقبله من أفعال يقوم بها الرجل يصدمنا أن نراها من صنع امرأة رغم أن الأديان جميعا والقانون والدستور يساوى بينهما فى كل شيء».

نزلت قرارات رئيس مجلس الوزراء، د. مصطفى مدبولي، التى صرح بها خلال مؤتمر صحفى الثلاثاء 23 يونيو 2020 بردًا وسلامًا على قلوب المصريين الذين ضجوا من الحظر، واكتأبوا من الحبس فى البيوت طوال 100 يوم كاملة أو 102 يوم إذا أردنا الدقة. صدر أول قرار بالحظر الجزئى فى 17 مارس 2020، ثم تم تخفيفه قليلا فى رمضان، ثم عاد إلى ما كان عليه قبل رمضان. والآن تصدر القرارات التى انتظرها المصريون طويلا بإنهاء حالة الحظر نهائيًا مع الفتح المنضبط لدولاب العمل بالدولة المصرية، وكذلك عودة فتح المساجد والكنائس والأنشطة الترفيهية مثل النوادى والمقاهى والسينمات والمسارح والمطاعم على ألا تتجاوز نسبة الاشغال فى أى منها 25% كما سيتم التقييم أولا بأول وفى حالة نجاح التجربة ستزيد النسبة تدريجيًا.
طبعا استقبلت هذه القرارات بعاصفة كوميدية فيسبوكية. الشعب المصرى دمه خفيف فعلا، عشرات الكوميكس على نسبة ال25% تجعلك تضحك من قلبك. هم يضحك وهم يبكى صحيح. المهم أن آثار الضيف الثقيل جدا «كورونا» الذى لا يزال يرفض أن يرحل، بدأت تدريجياً فى الخفوت، وستبدأ الحياة تدريجيا فى العودة إلى طبيعتها.

هل سيستمر الفتح تدريجيا، وتنقشع الغمة الثقيلة شيئا فشيئا؟ هل سيحافظ الناس على أنفسهم وأهاليهم ويراعوا الاجراءات الاحترازية؟ هل سنعبر الأزمة ونحاول تعويض الخسائر الرهيبة التى لحقت بالاقتصاد المصرى ككل، وكذلك على المستوى الفردى لمعظم المصريين؟، هل ستسترد السياحة عافيتها وتدخل خزينة الدولة إيرادات وعملة صعبة؟ هل ستتحرك عجلة الإنتاج التى توقفت طويلا؟ أتمنى أن نساعد وندعم جميعا كشعب ومواطنين رئيس الوزراء فى قراراته، وأن نكون على مستوى المسئولية فى الالتزام بالتعليمات، وتذكير أنفسنا دوما أن الجائحة لا تزال موجودة، لم تنته، وعلينا بقدر الإمكان أن نتعايش مع وجودها بحرص ووعى ومسئولية. وربنا يحفظ مصر وشعبها الجميل.

زواج على الفيسبوك
حديث الناس هذا الأسبوع كان عن الفيديو الذى نشرته فتاة تطلب فيه زوجا وتقدم نفسها لمن يرغب فى ارتباط شرعى جاد. طبعا القصة مثيرة وغريبة بالنسبة للكثيرين فهى تخالف الـ«stereotype» أو الثوابت أو المتعارف عليه بين الناس، وهو أن الرجل هو الذى يتقدم ويطلب يد فتاة أو امرأة للزواج، أما العكس فيعد فعلا غريبا شاذا، يرفضه الكثيرون وينتقدون بقسوة من أقدمت عليه. وهذه هى الازدواجية اللانهائية التى ندور فيها ويبدو أننا سنظل كذلك إلى أجل غير معلوم!
فى رأيى الشخصى أن هذه الفتاة شجاعة، متصالحة مع نفسها، واثقة من قوة حجتها فهى فتاة عمرها 32 سنة، جميلة، تبدو هادئة الملامح، تتحدث عن حاجتها إلى رجل تصنع معه أسرة وبيت وأولاد ومستقبل. ما العيب فى هذا؟ فى اعتقادى لا عيب، ربما فقط خانها التعبير عندما صاغت طلبها صياغة غير موفقة فى نظرى عندما قالت» أنا باعرض نفسى للجواز على الفيسبوك» طبعا الذى يعرض على الفيسبوك ليلبى طلبات الزائرين لابد أن يكون سلعة وليس إنسانة لها احترامها وكبرياؤها. كان من الأوفق أن تقول «أنا هنا أبحث عن شريك لحياتى أبنى معه أسرة وبيتا من خلال زواج شرعي». شئ من هذا القبيل يصون كبرياءها، ويثمن طلبها المحترم.

الذين صدمهم الفيديو عليهم أن يعودوا إلى قصة رائعة كتبها الأديب القدير توفيق الحكيم من أكثر من 40 سنة بعنوان «أريد هذا الرجل»، والتى جسدتها فاتن حمامة فى فيلم تليفزيونى قصير ضمن ثلاثية أخرجها سعيد مرزوق، أتذكر أن مشاهد عرض الزواج من فاتن حمامة على أحمد مظهر كانت صادمة للجمهور وغريبة على الثقافة المصرية التقليدية.
المشكلة الحقيقية فى مجتمعاتنا العربية هى إننا نعيش الازدواجية فى كل شئ، ما نقبله من أفعال يقوم بها الرجل يصدمنا أن نراها من صنع امرأة رغم أن الأديان جميعا والقانون والدستور يساوى بينهما فى كل شيء، لكن الثقافة السائدة لا تفعل بكل أسف. ننتبه لهذه الحقيقة فقط عندما يصدمنا فيديو مثل هذا، وتفجعنا التعليقات الجارحة المصاحبة له، كما تفرحنا الآراء المستنيرة التى شجعت الفتاة ورأت فيما أقدمت عليه فعلا جريئا، شجاعا، يستحق التقدير والمساندة. كثيرون تمنوا لها التوفيق فى العثور على الزوج المناسب والحياة الزوجية التى تتمناها.

إننى أتابع قصة مها أسامة، هذه الفتاة الشجاعة، وأتمنى لها كل النجاح فى الوصول إلى حلمها المشروع.

تشتت الاحساس
استغرقتنى حكاية قديمة لصديقة مقربة عن رجل انجذبت إليه أثناء عملها فى الخارج، كان ينتمى إلى دولة أجنبية، وكان الانجذاب متبادلا، لكنه لم يحاول الاقتراب منها بشكل شخصى أو الافصاح عن مشاعره، بعد فترة عرفت أنه مرتبط بإنسانة أخرى، وانتهت القصة فى مهدها. بعدها بعدة سنوات - بعد أن انفصل عن المرأة الأولى- فوجئت به يقترب منها ويعترف بأنه كان منجذبا لها منذ البداية، لكنه فى تلك الفترة كان مرتبطا بامرأة أخرى وهو لا يستطيع أن يخونها. كانت تحكى هذه القصة لتقول إن الأجنبى عنده أخلاق ولا يجمع فى علاقاته العاطفية بين اثنتين.
 تأملت كلامها، وقلت : ربما هو إنسان ليس لديه عقد النقص الرجولية، إنسان متحقق، لذلك لا يستطيع أن يعيش قصص حب مبتسرة، غير مكتملة، الرجال القناصون يفرحون أن صيدا جديدا وقع فى شباكهم، بينما المتحققون من الرجال يتوقون إلى علاقة اكتمال فيها من العمق والتركيز ما يشبعهم ويثرى أرواحهم، إنهم يدركون جيدا أن العلاقات السطحية العابرة تشتت الإحساس، وتبعثر طاقة الحب الحقيقية الكامنة فى ثنايا القلب والروح.

نقاش على الهواء
تلقيت دعوة كريمة من الأستاذة هدى البكر مديرة الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، للمشاركة فى الملتقى الافتراضى الأول للتشاور حول حالة المجتمع المدنى العربى فى ظل أزمة «كوفيد- 19»، والذى عقد الاثنين 22 يونيو 2020.
كان الهدف من اللقاء هو أن نناقش ونفكر بصوت عال معا فى حلول نقدمها باعتبارنا مبدعين اجتماعيين لمجتمعاتنا العربية فى الظرف الاستثنائى الذى نمر به جميعا ويمر به العالم كله، أسفر النقاش الغنى الذى تضمن تجارب مهمة لكل جمعية أهلية عربية مشاركة عن بعض النقاط المهمة منها :
أن أغلبنا لم يكن لديه خطة لمواجهة حالات الأزمات والطوارئ، وحتى من كان لديه خطة لم تكن ترقى للمستوى المطلوب. الوضع فى البلدان العربية مختلف من حيث الإمكانات التكنولوجية ووسائل الاتصال الحديثة. التحول الرقمى أصبح حتميا فى أدارة الجمعيات والمؤسسات الأهلية بكل أنشطتها ومهامها.

توفر المعلومات وقواعد البيانات مهم جدا للوصول إلى الفئات المستفيدة التى يجب وضع الخطط والبرامج من أجلها، حتى نحقق أقصى استفادة ممكنة فى جهودنا التنموية. ناقشنا كذلك مسألة التمويل وهى مشكلة نواجهها جميعا ومن المؤكد أنها سوف تزداد صعوبة فى المستقبل فى ضوء التداعيات الاقتصادية لأزمة كوفيد 19. عرضنا جميعا الجهد الذى قامت به كل جمعية وتحدثت عن جمعية رعاية أطفال السجينات التى واجهت الأزمة بجدية وشجاعة، بذلنا جهودا كبيرة لمواجهة الموقف وحرصنا على المضى قدما فى مشروعاتنا والاستجابة بشكل سريع لتداعيات الأزمة، فصرفنا إعانات مالية وعينية لأسر العمالة الموسمية المضارة من الأزمة، ودعمنا أصحاب المشروعات الصغيرة الذين توقفت فى ظل هذه الظروف.

كذلك اتفقنا على ضرورة التركيز على الدعم النفسى لفئات عديدة تضررت بقوة من الأزمة خاصة الأطفال. الحلقة تمت على مدى ساعتين ونصف الساعة عبر موقع زووم على الأنترنت. واتفقنا أن تكون بداية لمجموعة حلقات نقاشية نبحث من خلالها عدة موضوعات مهمة كل على حدة. شكرا للأستاذة هدى البكر والشبكة العربية للمنظمات الأهلية على هذا اللقاء المثمر الذى جمع نخبة من العقول المبدعة.

زووم وتيك توك
فى كل شيء فى الحياة هناك الخير والشر، الأبيض والأسود، المكسب والخسارة. هذه الثنائية أجدها بوضوح فى تطبيقين على الإنترنت أحدهما كان له دور مهم وعظيم فى أزمة كورونا حيث عُقدت من خلاله الاجتماعات الرسمية والمؤتمرات العلمية والدورات التدريبية، والحفلات الغنائية، أقصد تطبيق «زووم» الذى أكن له شخصيًا كل تقدير واحترام. أما الآخر فهو تطبيق «تيك توك» تطبيق غريب فعلاً أحاول أن أجد له معنى.. فلا أجد، فما بين مشاهد لأشخاص يحركون شفاههم على مقاطع كوميدية نعرفها جميعاً، ولا أدرى ما هو الممتع فى ذلك؟ أو فيديوهات أخرى يظن صانعوها أنها كوميدية أو لها أهداف إنسانية تربوية ساذجة، ربما يجد الآخرون فيه متعة أو تشويقا لم استطع أن أشعر بهما، فما رأيته بلغة التيك توك هو «هرتلة» تصل إلى حد التخلف العقلى والسخف وثقل الظل. خاصة وأن الأمر مرتبط بالتعرى والرقص وأغانى المهرجانات لتحقق مشاركة وإعجاباً، ربما يكون هناك من يستخدمون التطبيق لأغراض فنية أو تعليمية لكن هؤلاء أنا لم أرهم على الإطلاق.

ومن ضمن القصص التى تعجبت منها أيضاً هى قصة «ماما سناء» التى كانت حديث السوشيال ميديا خلال هذا الأسبوع، وهى حكاية لها وجهان كطابع هذه الأيام، شابان ينشران فيديو يبكيان فيه لوفاة والدتهما نتيجة إهمال طبى بمستشفى كفر الدوار، حتى يحيل محافظ البحيرة طبيبين بالمستشفى للنيابة العامة بتهمة الإهمال، وهنا أدافع بشدة عن الطبيبين اللذين لا أعرف اسمهما، هل هما المسئولان عن عدم وجود سيارة إسعاف فى المستشفى سيادة محافظ البحيرة أم وكيل وزارة الصحة الذى يعمل تحت إدارتك المباشرة؟!، مشهد الشابين وهما يبكيان مؤثر ويجعلك تتعاطف معهما لكن ما إن بحثت حتى وجدت أنهما وعلى قناة اليوتيوب التى عرفت بعد إنها تدر عليهم أموالاً طائلة، فيديوهات لأمهما فى زيارة عائلية، يصاب الابن الأصغر بالكورونا وتظهر نتيجة تحليله إيجابية. ويوافق على العزل المنزلى ليخرج بعدها بفيديو آخر يقول إنه غير مصاب بالكورونا وأن الوزارة نفت ذلك. فعلا شيء مؤسف وفى عالم التيك توك واليوتيوبرز تتوه الحقيقة!.

لؤلؤ الكلمات :
 إذا هجرتَ فمن لي؟.. ومن يجمّل كلّي؟
ومن لروحى وراحى.. يا أكثرى وأقلّي
أَحَبَّكَ البعض منّى.. فقد ذهبت بكلّي
يا كلّ كلّى فكنْ لى.. إنْ لم تكن لى فمن لى
يا كل كلّى وأهلى.. عند انقطاعى وذلّي
ما لى سوى الروح خذها.. والروح جهد المقل

قصيدة للشاعر : الحلاج

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة