جمال الشناوي
جمال الشناوي


جمال الشناوي يكتب: لكى يا مصر السلامة

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 24 يونيو 2020 - 08:03 م

من بين سطور مذكرات قائد الحرب الأكبر فى التاريخ وصانع النصر الحاسم فيها .. يرى ايزنهاور قائد الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية وأشهر رؤساء أمريكا "سوف نحصل على السلام حتى لو اضطررنا أن نحارب من أجله"

 

يبدو أن الرئيس السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية هو الوحيد في مصر الذي احتفل بذكرى استقلال مصر وجلاء أخر جنود الاحتلال الإنجليزي عن القاعدة الأخيرة للمحتل في قناة السويس.. في النصف الثاني من شهر يونيو عام 56.

مشهد متطابق تقريبا.. مصر تتحرر وتستقل من جيش الإمبراطورية التي غابت عنها الشمس بعد قرن من الاحتلال ونهب الثروات، والحكم والتحكم في قرارات مصر عبر طبقة سياسية تتسابق كل ليلة إلى بيت المندوب السامي سفير بريطانيا بالقاهرة، ونهب ثرواتها.

مصر تستقل بقرارها وأرضها وثرواتها في يونيو 56.. وأيضا مصر تنهض وتنفض عن كاهلها غبار سنوات التيه التي عاشتها ليس فقط بفعل توابع يناير 2011 ، بل أيضا قيود التيبس التي عاشتها في السنوات العشر السابقة لها.

ما أشبه اليوم بالبارحة.. الرئيس السيسي يقف على أرض قاعدة سيدي براني، على أعتاب أبواب ليبيا، ويعلن عودة شمس مصر الذهبية لتشرق بالحق والعدل والسلام على الحديقة الخلفية للأمن القومي المصري. وأيضا تحرق الشمس الذهبية ذيول عصابات تفكيك وبيع الأمم والأوطان، عصابات مستعدة لبيع أي شيء وكل شيء فقط من أجل إرضاء المرشد أو القائم مقامه.

أثناء العدوان الثلاثي على مصر هاجمت مصر طائرات العدوان من قاعدتين على الأراضي الليبية.. وكانت ليبيا كما هى الآن -في الغرب- مسروقة القرار والأرض ، حيث يتسلل العدو التركي تحت جنح الظلاميين وباعة الأوطان ليحاول خنق مصر، لتحقيق مصلحة عصابات الإسلام السياسي ، وأيضا معاودة مغامرة الغرب الأمريكي بأحداث فوضى في القوة الوحيدة الباقية على ارض الصراع العربي الإسرائيلي .

لو كنت مسئولا عن الإعلام لأعدت إلى أسماع وعقول المواطنين خطاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، وهو يتحدث عن العلاقة بين مصر وليبيا ، وكيف أن قوى تابعة للاحتلال تروج بين الليبيين أن مصر طامعة في ثروات الشعب الليبي ، ودعمت ثورة 69 من اجل الهيمنة على تلك الثروات ..يومها قال عبد الناصر ، ما يقول الرئيس السيسي اليوم ، لسنا غزاه أو طامعين ..نحن فقط نريد ليبيا قوية ، متوحدة ، يكون صاحب القرار فيها وطني مخلص فقط لبلاده .. 

السيسي كعادته عندما يقترب الخطر من مصر ، من عدو الخارج أو الداخل ، وكلاهما مرتبط بحبل سرى لا فكاك منه ، يكون حاسما ..قالها يوما وهو يدعو العصابة التي تسللت إلى قصر الحكم ، إلى التحلل وفك ارتباط رئيس مصر المتسلل إلى القصر بعصابته ..وعندما وجد السيسي وقتها أن مرسى هو دمية تتحرك فقط بتعليمات من جبل المقطم ، وفشلت كل محاولات إعادة زرع الانتماء الوطني إلى عقله ..قالها عالية الصوت أن الجيش رهن قرار الشعب ، وإذا تحرك لطرد العصابة الحاكمة من المقطم والاتحادية ، فإن الجيش لن يترك الشعب بمفرده .

حسم السيسي يراه  بعض المراقبين في الخارج أنه موقف قوي ، وتحرك غير متوقع بكل هذا الحسم ، لكن من يعرف الرئيس ، أو يسمع منه ويحلل لغة الحديث وما بين السطور ، سيجد  ثورة القرار التي قادها من الحدود الغربية المصرية أو الشرقية الليبية ، متوقعه ..وأن التأخر المتصور ، ليس إلا إتاحة الفرص لبدائل التحرك الخشن واستخدام القوة الهائلة لأقوى جيوش الشرق الأوسط ، هذا هو السيسي يستنزف كل أمل في الوصول إلى النتائج بوسائل عديدة ومتعددة من القوى السياسية والدبلوماسية ، ولكن كما قالها أيزنهاور في مذكراته سنصنع السلام ، حتى لو اضطررنا إلى الحرب.

الخط الأحمر الذي رسمه السيسي على الأراضي الليبية ليس احتلالا لبلد شقيق ، بقدر ما هو تحرير لقرار ، ولا يعد تدخلا عسكريا بقدر ما هو إفشال مخططات السيطرة ونهب ثروات الشعب الليبي، هذا الخط ، إسقاط اتفاق وقعه الأتراك مع حكومتهم التابعة في مدينة طرابلس المخطوفة من عصابات الإخوان وتوابعها ..لو راجعت خرائط ترسيم الحدود "الرعناء" ستجد أن الأمل الوحيد لتمامها لو عبرت الصراعات الكبرى مع الأوربيين في اليونان وقبرص ، هو سيطرة  حكومة اللاوفاق على منطقة سرت والتحرك شرقا ، إلى حدود بنغازي ..هذا كان هو السبيل الوحيد لإسقاط اتفاقية الاحتلال التركي ، ليتمكن من نهب ثروات البترول والغاز في المتوسط ، وأيضا فرض رغبه توسعيه على حوض شرق المتوسط .. واختراق القانون الدولي وقانون البحار الذي يحرمه من أي تمدد في هذه المنطقة الغنية بالغاز .

ولإسقاط أحلام حاكم اسطنبول توقع الكثيرون من مصر أن تسارع بتوقيع اتفاق ترسيم حدود بحرية مع اليونان ، لقطع الطريق ، ولكن الإدارة المصرية أسقطت هذه الاتفاقية مع صون الأمن القومي المصري، والحفاظ على وحدة ومصالح الشعب الليبي بتحرك واحد.

خطوة لم يتوقعها الكثيرون ممن ظنوا " أن الحلم ضعف..والصبر تردد " وخطط الطامعون في ثروات ليبيا وحلم خنق مصر ، ظنا منهم أن مصر منكفئة على ذاتها ومنعزلة عن محيطها ..شجاعة الخطوة الدروسة ، هى بداية جديدة لعوده مصر إلى محيطها العربي والدفاع عن مصالحها ومقدرات الشعوب العربية .

ربما لم يفطن الكثيرون إلى خطوة موجعة أخرى ضد أطماع الأتراك التوسعية في عالمنا ، أشبه بضربه استباقية لتحمي اليمن ، كما صان الرئيس بأوامره للجيش حدودنا وصالحنا وأيضا الشعب الليبي ..بعيدا وفى خليج عدن ،كان الأتراك قد بدأوا تحرك للسيطرة على اخطر الأماكن الإستراتيجية التي تهدد مصالح مصر وشقيقاتها العرب ، حاكم اسطنبول استيقظ ، ليجد قوات المجلس الانتقالي في جنوب اليمن وقد طردت عصابات الإخوان وخدم الأطماع التركية من الجزيرة ،وتحريرها من أحلامه التوسعية .

شمس مصر الذهبية تحرق من يتآمر ، وتذيب جلود كل طامع ،وكما قال الرئيس السيسي قواتنا جاهزة للتحرك فورا ، هذا التحرك الجاد وجد صداه فورا في عاصمتي القوى الأعظم ..في واشنطن أصدر مجلس الأمن القومي بيانا يدعوا فيه إلى وقف فوري لإطلاق النار ، وهو تحقق أمرا من رئيس مصر ، والعودة إلى مفاوضات التسوية ، طبقا "للمبادرة المصرية " التي هاجمها واهم اسطنبول ،وتابعيه في طرابلس الغرب .

وفى موسكو ..كتبت الصحفية المخضرمة والمتخصصة في الشرق الأوسط "ماريانا بيلينكايا " ..وقد التقيتها مرتين في السابق أخرهما في القاهرة منذ عام ..ومرة أخرى في بغداد قبل الغزو الأمريكي مباشرة ..ماريانا صحفية بارعة ولا أنسى سؤالها لي اللقاء الأخير لماذا لا تتحرك مصر في ليبيا .. قلت لها سياستنا الجديدة ترفض التدخلات الخارجية في بلادنا ،بنفس قدر رفضنا للهيمنة على مقدرات الأشقاء ..نحن نساعد أهلنا إذا رأينا حاجتهم لذلك .

ماريانا كتبت أمس مقالا مطولا عن قرار مصر الأخير حول دوافع مصر للدخول المباشر في حرب ليبيا ..خلاصته أن مصر لا تسعى إلى الحرب إلا أذا كانت السبيل الوحيد لصنع السلام.

أخيرا

مصر دخلت حرب صنع السلام، وأتنمى من قادة الإعلام وصناع القرار فيه إنشاء خلية أزمة لإدارة الحرب الإعلامية التى تشنها علينا عصابات الإخوان وخدم طامع اسطنبول في الفضاءات الإليكترونية والإعلامية.. يجب أن يكون قادة الإعلام على نفس مستوى الإدارة في التفكير والقتال كالجنود لدحر الهجمات وسحق العدو الذي يمهد منذ عقود لبيع الأوطان.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة