يوسف القعيد
يوسف القعيد


يحدث فى مصر الآن..

إنها مصر.. إنه النيل

يوسف القعيد

الخميس، 25 يونيو 2020 - 06:13 م

أتابع باهتمام قَلِقْ، وبقلق المهتم بما يجرى بشأن السد الأثيوبى. فالأمر ليس مياها تأتى إلينا كجزء من حقوقنا التاريخية فى نهر النيل بقدر ما هى مصدر الحياة لنا جميعاً. وعندما يتصل الأمر بوجودنا ومسبباته فلا بد أن نكون جميعاً على أتم الاستعداد لأن نقدم حياتنا ودماءنا فداء لقطرة مياه واحدة يمكن أن تنقص.
أرفض، أرفض، أرفض مفردات المواقف الأثيوبية التى يعلنها من يتحدثون من أديس أبابا لوسائل الإعلام ففيها استعلاء وتخوين ومحاولات جر موضوع مصيرى مثل مياه النيل إلى مهاترات يومية يمكن أن تتغير بين لحظة وأخرى، فى حين أن مياه النيل مصدر حياتنا الأساسى والجوهرى والوحيد.
يمكن أن أضع علامات استفهام تجاه مواقف الأشقاء فى السودان الشقيق، وأنا من جيل كنا نسميهم فى طفولتنا: جنوب الوادى. باعتبارنا كياناً واحداً، والقضية لا تتجزأ إطلاقاً، فمثلما مياه النيل حياتنا فهى حياة أشقائنا فى السودان. ونحن مع حق أشقائنا بنفس القدر الذى نقف فيه مع حقوقنا، ولكن تنبت بداخلى مؤخراً علامات استفهام بعد أن رفعت مصر الأمر إلى مجلس الأمن الدولى، وأحلم ألا يكون هناك تباين بين الموقفين المصرى والسودانى نعبر القضية معاً. قضيتنا واحدة لا يمكن تجزأتها.
أتابع بقلق أيضاً مواقف المجتمع المدنى المصرى، الذى أتصور أن صوته يجب أن يكون أعلى من هذا. أنا متأكد أن مياه النيل قضية تؤرق كل مصرى أياً كان موقعه أو عمله أو دوره. وثقتى مطلقة فى كل المصريين المائة مليون مصرى فرداً فرداً فى هذه المسألة.
عندما نصل إلى أراضينا المقدسة لا بد أن نضع خلافاتنا الوطنية المشروعة على الباب قبل الدخول. وهى الخلافات التى تنصب على الشكل ولا تقترب من الجوهر. أحياناً تسألنى نفسى: أين المجتمع المدنى المصرى؟ أين النقابات المهنية؟ أين الجامعات والمدارس؟ أين الأحزاب؟ أين كل هذه التنظيمات التى تعبر عن أصوات المصريين فى قضية لا أعتقد أنه توجد قضية أهم ولا أخطر منها على الإطلاق؟.
لا أشكك فى أحد، وربما كانت متابعتى ناقصة لما يقوم به الآخرون من جهود يومية فى نفس هذه القضية، فلا أحد يحتكر الحقيقة والوطنية لنفسه. والمصريون فى أوقات الأزمات يصبحون كياناً واحداً، ينسون أسماءهم وفرديتهم وطموحهم ومشاعرهم الشخصية وأحلامهم وأمانيهم، ولا يبقى أمامهم سوى الوطن. مصر أولاً، مصر أخيراً، وما بينهما من الدرجات اللامتناهية.
الأمر ليس قضية حقوق يمكن أن يعتدى عليها أحد، لكننا نواجه بدرجة من النهب الأثيوبى وتوزيع التهم الأثيوبية، والتلويح بعمليات عسكرية ضد مصر، والتقليل من شأن كل ما هو موجود فى مصر، ولن يجرنى أحد إلى أرضهم لأمارس ما أعتبر أن ما يقومون به عيباً أخلاقياً وسياسياً ووطنياً.
أشهد أن المصريين على قلب رجل واحد. الرئيس السيسى الذى يحمل هموم الوطن فى قلبه، وكل ما أطالب به أن نُعَبِّرْ نحن عن الإلتفاف وذلك الموقف بطرق معلنة ومدوية أكثر. أعرف أن المشاكل كثيرة والتحديات أكثر من أن يحصيها عد، ولكن لا مفر. إنها مصر، إنه النيل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة