26 يونيو.. ليلة خلع إسماعيل عن حكم مصر
26 يونيو.. ليلة خلع إسماعيل عن حكم مصر


26 يونيو.. ليلة خلع إسماعيل عن حكم مصر

شيرين الكردي

السبت، 27 يونيو 2020 - 12:59 ص


يوم 26 يونيو عام 1879م تم خلع الخديوى إسماعيل عن حكم مصر أى منذ 141 عام وعن أسباب ذلك كانت دراسة الدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص فى الآثار اليونانية والرومانية.

ويشير الدكتور حسين دقيل إلى أن الديون على مصر بلغت ذروتها نتيجة البذخ الذي اتسم به عهد الخديوي إسماعيل، وكان ذلك مسوغًا للدول الأوروبية الدائنة للتدخل في الشؤون المصرية أكثر وأكثر. وازداد حمق تلك الدول، حينما أراد إسماعيل أن يغير من سياسته تجاههم في أيامه الأخيرة، ومنها أنه أزال عن تشكيل الحكومة المصرية ممثلي فرنسا وإنجلترا اللذين كان تمثيلهما في وقت من الأوقات أمرًاواجبًا مما دفع الدول الأوروبية للإيعاز للسلطان عبد الحميد بالأستانة، بالعمل على خلعه، وخاصة أن الحكومة العثمانية لم تكن متعاطفة مع إسماعيل لنزعته الاستقلالية، فما كان من السلطان إلا أن استجاب، فأصدر فرمانًا بخلعه وفرمانًا آخر بتولية ابنه توفيق باشا بدلًا منه .

ويلقى خبيرالآثارالدكتورعبد الرحيم ريحان مديرعام البحوث والدراسات الأثرية والنشرالعلمى بمناطق آثارجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة من خلال ما كتبه المؤرخ  الرافعي والكاتب والمفكر والفيلسوف جمال حمدان.

لما وجدت الدولتان (إنجلترا وفرنسا) أن الباب العالي مستعد لخلع إسماعيل اتفقتا بداية على أن تطلبا منه التنازل عن العرش من تلقاء نفسه، حتى تكون الدولتان أصحاب قرار خلعه وليس السلطان فأرستا إليه تنصحانه بالتنازل عن العرش، والرحيل عن مصر وأنهما متفقتان في حالة قبوله نصيحتهما على أن تضمنا له مخصصات سنوية لائقة به، ولكن إسماعيل أرجأ الرد عليها، آملًا أن يدب الخلاف بينهما، كما أنه أوفد إلى الأستانة طلعت باشا أحد رجال حاشيته ليستميل رجال السلطان، وزوده بالمال والرشا والهدايا، ولكن السلطان أعرض عنه وأصدر السلطان بناءً على قرار مجلس الوزراء " إرادة " بخلع إسماعيل وتنصيب توفيق باشا خديويًا لمصر، وطير الصدر الأعظم هذه الإرادة بالتلغراف إلي إسماعيل يوم الخميس 26 يونيو سنة 1879، وهذا نصها:

إلى سمو إسماعيل باشا خديوي مصر السابق:

"إن الصعوبات الداخلية والخارجية التي وقعت أخيرًا في مصر قد بلغت من خطورة الشأن حدًا يؤدي استمراره إلي إيجاد المشاكل والمخاطر لمصر والسلطنة العثمانية؛ ولما كان الباب العالي يرى أن توفير أسباب الراحة والطمأنينة للأهالي من أهم واجباته، ومما يقضي به الفرمان الذي خولكم حكم مصر، ولما تبين أن بقائكم في الحكم يزيد المصاعب الحالية، فقد أصدر جلالة السلطان إرادته بناء على قرار مجلس الوزراء بإسناد منصب الخديوية المصرية إلي صاحب السمو الأمير توفيق باشا وأرسلت الإرادة السنية في تلغراف آخر إلي سموه بتنصيبه خديويًا لمصر، وعليه أدعو سموكم عند تسلمكم هذه الرسالة إلي التخلي عن حكم مصر احترامًا للفرمان السلطاني".

ويتابع الدكتور ريحان بأن هذه الرسالة التلغرافية وصلت إلي سراي عابدين في ضحى ذلك اليوم، وتسلمها أولاً ذكي باشا السر تشريفاتي، وكان معه في حجرته بالدور الأول من السراي خيري باشا المهردار "حامل الختم"، وبعض كبار الموظفين، فلما رأوا الرسالة مصدره بعنوان إسماعيل باشا "خديوي مصر السابق"، وجفت قلوبهم، وعلاهم الاضطراب والاصفرار، وفهموا أنها تحوي شرًا مستطيرًا، وحاروا في طريقه إلي الخديوي، الذي كان وقتئذ بالدور الثاني، فامتنع ذكي باشا عن أن يحملها إليه، وأحال هذه المهمة إلي المهر دار، فأبا خيري باشا قائلاً: إن هذا من شأن الوزراء، وبينما هما يتجادلان، أقبل شريف باشا رئيس الوزراء، فسلمت إليه الرسالة، وأدرك ما تحويه، فرأى من واجبه أن يحملها بنفسه إلي الخديوي، فصعد إلي الطابق الثاني وقابل إسماعيل وسلمه الرسالة، ففضها وتلاها، وعلم فحواها، فقابلها بالصمت والجلد، وطلب إلي شريف باشا أن يدعوا إليه الأمير توفيق باشا فورًا.

فخرج شريف من حضرة " الخديوي السابق "، ليقابل الخديوي الجديد وذهب إليه في سراي الإسماعيلية، وكان توفيق باشا قد تلقى الرسالة البرقية الأخرى بإسناد منصب الخديوية إليه، فذهب الأمير إلي سراي عابدين يصحبه شريف، وصعد وحده إلي الطابق الثاني فتلقاه أبوه مخاطبًا إياه "يا أفندينا" وسلمه سلطة الحكم، وكان الموقف مؤثرًا، ثم ترك إسماعيل قاعة العرش، ودخل الحرملك، تكتنفه الهموم والأحزان.

وفي اليوم نفسه في منتصف الساعة السابعة مساءً أقيمت حفلة تولية الخديوي توفيق باشا في سراي القلعة، واستقبل فيها وفود المهنئين وأخذ إسماعيل يتأهب للرحيل عن البلاد.

وصل إسماعيل باشا إلي نابولي بإيطاليا حيث أعد له الملك امبرتو قصرًا لسكناه، فأقام به هو وزوجاته وأنجاله وحاشيته، واخذ يتنقل بين مختلف العواصم الأوروبية، ولم تفارقه آماله في العودة إلى عرش مصر، وسعى إلى ذلك سعيًا حثيثًا ولكنه أخفق في مساعيه ثم سكن الأستانة منذ سنة 1888، وأقام بقصره إميرگان على البوسفور، وظل مقيما فيه. إلي أن وافته منيته يوم 2 مارس سنة 1895، وله من العمر خمس وستون سنة، فنقل جثمانه إلي مصر، ودفن في مسجد الرفاعي بالقاهرة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة