رأفت حمدونة
رأفت حمدونة


حوار| مدير مركز «الأسرى»: صفقة تبادل الأسرى المقبلة مع الاحتلال «مجرد أخبار»

أحمد نزيه

الأحد، 28 يونيو 2020 - 03:20 م

 

-رأفت حمدونة: قضية الأسرى بحاجة إلى مزيدٍ من التعاون الفلسطيني والعربي والإسلامي

-الانقسام الفلسطيني «الأصعب» بالنسبة للحركة الأسيرة
 

-نقدر دومًا الدور المصري في خدمة قضايا الأسرى الفلسطينيين

 

في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لا تزال مبادئ حقوق الإنسان والقيم الإنسانية متروكة عند أبوابها، دون أن يأذن المحتل بعد لأن تعبر إلى الداخل، حيث أن أسرى فلسطينيين يذوقون العذاب ألوانًا، دون رقيبٍ أو حسيبٍ لما يدور من اضطهاد داخل تلك السجون.

 

ولطالما دفع الأسرى الفلسطينيون أثمانًا من أعمارهم في سجون الاحتلال وسط ظروفٍ عصيبةٍ، في قبضة سجانيهم، الذين لا يعرفون الرحمة.

 

وحول قضية الأسرى الفلسطينيين وواقعهم الحالي، أجرينا حوارًا مع رأفت حمدونة، مدير مركز الأسرى للدراسات الفلسطيني، وهو أسير محرر سابقًا من سجون الاحتلال.

 

في البداية.. ما الدور الذي يقوم به مركز الأسرى لخدمة قضايا الأسرى الفلسطينيين؟

مركز الأسرى للدراسات مختص بقضايا الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية ويحمل قضيتهم للصحفيين والحقوقيين والمنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام المشاهدة والمقروءة والمسموعة ، وللخبراء والمعنيين والباحثين والأكاديميين وأهالي الأسرى والأسرى والأسيرات المحررات، وهو مركز إعلامى وطني فلسطيني مستقل وليس بديلًا عن أحد، وإنما يشكل رافدًا من روافد المراكز الإعلامية الأخرى المشكورة على جهدها في قضايا الأسرى.

 

ومركز الأسرى للدراسات مكمل لجهد كل المؤسسات الرسمية والأهلية الأخرى الناشطة في قضايا الأسرى ومتعاون معها وليس بديلًا عنها، فقضية الأسرى خاصة تحتاج منا المزيد من الجهد والتعاون والعمل المشترك فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا ودوليًا  لنرتقي إعلاميًا بحجم هذه القضية الإنسانية والأخلاقية والدينية والوطنية والقومية.

مرت القضية الفلسطينية بمنعطفات عدة.. أخبرنا عنها.

أولًا: مرحلة المخاض ما بين (1967-1972م)، وهي بدأت مع بداية الاحتلال واستمرت حتى أوائل السبعينات، وشهدت هذه المرحلة أحداثًا صعبة أبقت على تدني مستوى نشاطات الحركة الأسيرة التنظيمية والثقافية والاجتماعية وقد تميزت بشدة القمع والإرهاب الممارس من قبل إدارة مصلحة السجون.

ثانيًا: مرحلة البناء ما بين (1973-1980م)، فيها بدأت الحياة الثورية تجد مكانها في مكان أبعد في بيت ليد حيث ثوارنا الأكثر وعيًا والأسبق ممارسة وهناك استطاعوا رغم كل المعاناة فرض حياة اعتقالية منظمة.

ثالثًا: مرحلة تحقيق الحقوق وحمايتها وكانت ما بين (1981-1984م)، وفيها أسست الحركة الوطنية الفلسطينية في هذه المرحلة واقعًا اعتقاليًا قويًا، وتأكدت تلك المرحلة بالكثير من التضحيات التي راكمت ما قبلها من الخطوات النضالية.

رابعًا: مرحلة النضال الشامل وذروة تحقيق الإنجازات والانتصارات في الأعوام ما بين (1985-1994).

خامسًا: مرحلة النضال السياسي ما بين (1994-2000)، وهي كانت بعد وثيقة إعلان المبادئ في واشنطن في 13 سبتمبر 1993.

سادسًا: مرحلة النضال الاستيعاب ومحاولات الاستنهاض ما بين (2001-2006)، وكانت أعقاب الانتفاضة الفلسطينية في عام 2000، وبدأ الأسرى من جديد بالتدفق إلى السجون، ليرتفع عددهم وفق تقرير 2008م لوزارة الأسرى إلى أكثر من 11 ألفًا و550 أسيرًا.

سابعًا: مرحلة الانقسام السياسي والنضال الجماعي والفردي ما بين (2007-2019)، وفيها انعكس الانقسام الفلسطيني بشكل كبير على واقع الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة في السجون الإسرائيلية.

 

 -في أية فترة من هذه تجد أنها كانت الأصعب بالنسبة لوضعية الأسرى في سجون الاحتلال؟

أقسى هذه المراحل هى المرحلة الأخيرة ما بين 2007 حتى يومنا هذا بسبب الانقسام الفلسطيني.

 

-أنت كنت أسيرًا بدءًا من فترة التسعينات.. ما هي أصعب المشاهد التي عاصرتها داخل سجون الاحتلال؟

كانت فترة اعتقالي في سجن نفحة طويلة من 1994 حتى 2014، وتخللها الكثير من الإضرابات والخطوات النضالية والتعليم والثقافة والكتابة والعمل التنظيمي.

في نفحة كانت قصصًا وروايات ومواجهات أذكر أننا في نهاية التسعينيات أُجبرنا على مواجهة إدارة السجن بكل ما نملك من إمكانيات، وفى نفحة ارتكبوا جريمةً لم ولن أنساها بحقنا، فقد رمت القوات الخاصة نتيجة توتر داخل السجن بين الأسرى وإدارة مصلحة السجون قنبلتين من الغاز المسيل للدموع الكفيلة إحداها بتهجير شارعٍ بأكمله لقوتها ووصل أذاها في غرفتنا الصغيرة ، يومها تمنيت الموت على ضيق النفس الذي لم يكن بيني وبين النهاية فيه سوى اللحظة، صارعنا الموت بأجسادنا العارية رغم قلة الإمكانات، وانتصرنا على السجان معنويًا بإرداتنًا، وواصلنا مسيرتنا نحو الحرية.

 

-وما هي أصعب اللحظات تحديدًا التي عشتها هناك؟

أقسى اللحظات التى مررت بها أثناء التحقيق هو نقلي من مسلخ سجن عسقلان المركزى إلى سجن الشرطة المسمى "لخيش"، واستغربت عملية النقل إلى هناك، أدخلونى زنزانة جانبية وإذا بالشرطة تفتح الفوهة الصغيرة العليا للزنزانة، وتم وضع خرطوم أنبوبة المطافىء الكبيرة المليئة بالبودرة الكيميائية وضخها داخل الزنزانة الصغيرة فقمت بتغطية رأسي تحت البطانية المتسخة المتوفرة بالزنزانة حتى هدأ تناثر وبعثرة المادة التى سببت الاختناق لي.

 

أخذت أنادي على الشرطة وأُكبر ليخرجوني من عملية تعذيب وخنق وإرهاب مبرمجة، وتفاجأت بحضور الشرطة ردًا على صراخي، ظننت أنهم آتون لإنقاذي، غير مدركٍ أن هذه هي إحدى مراحل التعذيب والانتقام في تلك الليلة القاسية وغير المسبوقة لربما على تجربة أسرى آخرين، وتم اقتيادي لمكان انتظار في بداية القسم له ثلاثة جدران وواجهة شبك وكان الوقت قرابة منتصف الليل، كنت أنتظر المزيد من المفاجئات في تلك الليلة الرهيبة وإذا بثلاثةٍ من الشرطة بلباسٍ مدني يتقدمهم شرطي بزي سجان قام بفتح البوابة عليّ ودخل أحدهم وبيده إبريق مليء بالماء المغلي، واقترب منى ورشقه نحوي، حركت وجهى قليلا وإذا بالماء يحرق جزءًا من رقبتي وصدري، وقاموا بنقلي لعيادة السجن التي تعاملت معي بكل قسوةٍ وألم وفقط وضع القليل من دهون الحرق على جسمي.

 

مكثت على هذا الحال ما يقارب من الشهر ثم نقلوني إلى قسمٍ خاص بأسرى القدس في نفس المكان، وبعد أسبوع جاء نقلي إلى أبشع قسم عرفته الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة في تاريخها وهو قسم نيسان في سجن الرملة، وهو قسم لأخطر الأسرى الفلسطينيين مقام تحت الأرض، بظروفٍ خيالية في القسوة وظروف الاعتقال وأشكال التضييق.

 

-نعرج بالحديث إلى نقطة مهمة تتعلق بمدى وجود صفقة محتملة لتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي.. هل لديك معلومات بخصوص هذا الشأن؟

ما نسمعه فى الأخبار فقط وليس لدينا أى علوم واقعية أو حقيقية، وأن هناك لربما مفاوضات بوساطات خارجية بين حركة حماس وإسرائيل لتبادل الأسرى.

 

-في الختام.. نود أن نعرف رأيك في الدور المصري تجاه قضية الأسرى الفلسطينيين.

نحن دومًا نقدر الدور المصرى فى مثل هكذا قضايا، كون أن هناك تجربة سابقة فى أكتوبر 2011، وكانت صفقة مشرفة جدًا، ونتمنى أن تلعب مصر نفس الدور بنفس المستوى وتشهد الساحة الفلسطينية حدثًا آخر بالإفراج عن الأسرى وخاصة القدامى والمحكوم عليهم بالمؤبد مدى الحياة، والأسيرات والمرضى والأطفال، ومن أعيد اعتقالهم من أسرى صفقة 2011 من الضفة الغربية وعددهم ما يقارب من 55 أسيرًا.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة