أحمد زكريا
أحمد زكريا


خمسة لعقلك

ثورة على الضلال

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 29 يونيو 2020 - 08:34 م

أحمد زكريا

كنت قد قطعت على نفسى عهداً ألا أنجرَّ إلى حواراتٍ لا تورثنى سوى «حرقة الدم».. فبعد حوارات كثيرة خضتها لم أجن منها سوى «وجع القلب» قررت اعتزال ما يؤذينى، واقتنعت أن آرائى يجب ألا تتجاوز حدود «الكنبة».. ورغم زهدى فى الحوارات السياسية فإن حظى العثر ساقنى إلى حوار مع «مش إخوانى بس بيحبهم» هكذا يصنف نفسه، وهو حوار - لو تعلمون - شاق.
بدأ الرجل مستهلا حديثه بدعوات الويل والثبور لمن شارك - ولو بقلبه - فى ثورة ٣٠ يونيو.. ثم أخذ يعدد مساوئ الدولة كما تلقنها من قنوات الإخوان، آثرت الصمت فلا طاقة لدى لمثل هذه الأحاديث.. وما إن فرغ من تحليل الشأن الداخلى حتى انتقل إلى التطورات على الساحة الخارجية.. وتوقعت مسبقا آراءه فلا شيء يعجب الإخوان ولا محبيهم، انتقد الرجل موقف مصر من القضية الليبية - ولو كان غير ذلك لانتقده أيضا - فسألته عن موقف تركيا التى عبرت البحار والمحيطات لتضع يدها على ثروات ليبيا.. دافع الرجل باستماتة عن تركيا وأخذ يتغزل فى أردوغان غزل العاشق لمعشوقته.. قلت متعجبا: تنكر على دولة الجوار حماية أمنها القومى وتبرر لمن لا حدود له مع الدولة الشقيقة التدخل فيها؟.. قال متحديا: أردوغان يدافع عن الحق.. قلت: يا أخى هل سينفق اردوغان مليما لوجه الله؟!، قطعا له أطماع وقطعا سيستفيد «ولا نسيت سوريا».. سخر من كلامى وقال مبتسما «أردوغان ده راجل بتاع ربنا».. حينها شعرت بوخزة فى الرأس أعرفها جيدا عندما يبدأ الدم فى الفوران.. يا هذا كيف لرجل «بتاع ربنا» أن يستبيح الدماء؟! كيف يتاجر بآلام اللاجئين لتحقيق مكاسب سياسية؟!!.. كيف لـ «بتاع ربنا» أن يبيح زواج المثليين وأن يقنن الدعارة فى بلاده؟!!.. ألا تتفكر؟!.. تمتم الرجل بكلمات لم أميزها ولم أحاول عله ينهى الحوار ولكن هيهات.. قفز من أزمة ليبيا إلى سد النهضة وأدلى بدلوه المسمم، أطبقت فمى وضميرى يصارعنى كيف أصمت على هذا الهراء.
حدثنى عن إيمان الإخوان - وكأنهم من نسل الصحابة والتابعين - وهنا بدأ الكلام يتفلت من فمى مرة أخرى.. حاولت مخاطبة عقلٍ مغلق على ما فيه من أفكار، ولكن بلا فائدة.. سألته محاولاً دفعه لإعمال العقل «لماذا تغير إيمان الإخوان بقدر الله وقدرته؟».. نظر مستنكراً كأنى وقعت فى الشرك.. قلت مستكملا سؤالى: ألم يقولوا عندما سقط مبارك إن الملك بيد الله يهبه لمن يشاء وينزعه ممن يشاء - وهو حق آمنا به - وبقدرة قادر تبخرت هذه القناعة وتبدد إيمانهم الزائف بعد ان سقط نظامهم فكفرونا وحاربونا - ولا يزالون -.. أين ذهب إيمانهم بقدر الله وقدرته؟!
وللأمانة فاجأنى الرجل برد ألجمنى.. قال متعجباً من سؤالى: إنهم يحاربون من أجل المبدأ وليس من أجل الحكم!!... أى مبدأ هذا الذى يورثنا الدم؟!.. أى مبدأ هذا الذى يفرق بين الأخ وأخيه؟!.. أى مبدأ هذا الذى يبيح هدم الوطن؟!... وبنظرة الناجى فى سفينة نوح متحسراً على من ضل السبيل قال «ربنا يهديك.. إزاى راجل مثقف زيك يفكر بالطريقة دى؟!».. وكانت هذه الضربة القاضية التى أنهت الحوار.
انتهى حديثى مع الرجل ولكن صداه مازال يصدح فى أذنى حتى الان.. صحيح أن الثورة انتصرت على التنظيم ولكن كيف نهزم أفكاره الضالة؟ كيف نفتح آذانا صُمَّت وكيف نخاطب عقولاً أُغلِقَت؟.. فى 30 يونيو 2013 استعدنا الوطن.. فهل آن الأوان لاستعادة الوعى؟

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة